مشروع على قيد الانتظار

844

نرمين المفتي /

ليس الغاز الطبيعي، المورد الاقتصادي الضخم الذي كان يُتلف في العراق الى وقت قريب ولم يتم استغلاله لحد الآن، خسارتنا الاقتصادية الوحيدة، إنما النفايات أيضاً! المعروف أن النفايات أصبحت صناعة في غالبية دول العالم، وهناك دول أصبحت تستورد النفايات لأغراض عدة، منها توليد الكهرباء. وقبل كل الفوائد الاقتصادية من تجارة النفايات، تقف فائدتها البيئية والتخلص منها بطرق علمية، ما معناه إنقاذ البيئة من التلوث، خاصة وأن في النفايات، من أكياس ومواد أخرى من البلاستيك، تحتاج الى عقود طويلة لتتحلل، أي أنها تستمر ملوِّثة للبيئة وتضر بها حتى بعد الطمر الصحي.
صغاراً كنّا، وكان التدوير معمولاً به في العراق، كان أصحاب محال بيع المواد الغذائية يشترون القناني الزجاجية الفارغة، وكان موزع منتجات ألبان أبو غريب يمنح منتجات زائدة مجاناً مقابل قناني الحليب الفارغة التي يتم تجميعها، وكانت معامل المشروبات الغازية تبدل صناديق القناني الفارغة بأخرى ممتلئة وتغرِّم صاحب الصندوق الذي فيه نقص قنينة.
وفي السبعينات، كانت هناك محاولات لتعليم الأهالي فرز النفايات وتجميع كل نوع في كيس مختلف لتدويرها، لكن المحاولة فشلت والأسباب كثيرة، لكن سنوات الحصار كانت فرصة للتدوير، وإن كانت المنتجات غير ممتازة تماماً، لكن المحاولات كانت جيدة. أما القائمون على الفرز، فقد كانت العائلات التي تعتاش على فرز النفايات في مواقع الطمر، وأذكر أنني كتبت تحقيقاً صحفياً في مجلة (ألف باء في) الثمانينات تحت عنوان (تجارة ذات رائحة نتنة)، كانت هذه العوائل الفقيرة التي تعتاش على النفايات، تقوم بفرزها بدون استخدام الأقنعة والكفوف وما يحميها من الجراثيم والأمراض. وهناك، الآن، عشرات الآلاف من العائلات تعتاش على النفايات ولا تكسب غير قوت يومها، بينما الذي يشتري منهم النفايات التي تم فرزها، يكسب الكثير من خلال بيعها الى المعامل او تصديرها.
في بغداد وحدها، تتجمع شهرياً ٣٣٠ ألف طن من النفايات، وبحديث الأرقام، فإنها تشكل مورداً اقتصادياً كبيراً، من الضروري أن نشيرالى أن تجارة النفايات في العالم تحقق سنوياً ٤٠٠ مليار دولار!!
في حفل توزيع جوائز برنامج مسابقة رواد العراق، قدم الشاب (الحسن ياسر عبد الرزاق) مشروعه المعنون (الحاوية الذكية) الذي يربط التكنولوجيا بالبيئة للتخلص من النفايات والتقليل من التلوث وفرزها لتدويرها، مشروع تمت تجربته وأثبت نجاحه ويحتاج تنفيذه الى تعاون الجهات المختصة مع عبد الرزاق وفريقه..
السيطرة على النفايات والاستفادة منها تعني الكثير صحياً و بيئياً وصناعياً ومالياً.. والمشروع على قيد الانتظار.