بوتين.. مفكراً ستالينياً

601

عبد الحليم الرهيمي /

“إن الليبرالية بالية وانتهت ولم تعد تصلح لوقتنا الحاضر..” هذا بعض ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لصحيفة (فايننشال تايمز) البريطاينة التي تحدث إليها في أعقاب اختتام أعمال قمة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية نهاية شهر حزيران – يونيو الماضي. وبذلك اختصر، الرئيس بوتين، أكثر من ثلاثة قرون مما توصلت اليه البشرية، إذ تطورت خلالها مفاهيم الليبرالية والمبادئ الإنسانية بثلاث كلمات سخر منها وهي: الهجرة، الحدود المفتوحة والتعددية الثقافية، والتي تعتبر في الواقع – وخلافاً لبوتين – من الإنجازات العظيمة التي انتجتها البشرية منذ عصر التنوير. وبذلك وجّه بوتين إهانتين كبيرتين: الأولى للدول التي تؤمن وتتبنى منهج الفكرة الليبرالية والتي منها استقبال ورعاية اللاجئين إليها من قمع واستبداد حكام بلدانهم، أما الإهانة الثانية فهي للاجئين المهجرين والمهاجرين أنفسهم الذين آوتهم واحتضنتهم هذه البلدان والذين قال عنهم الرئيس الروسي في مقابلته مع الصحيفة المذكورة بالحرف: (إن الفكرة الليبرالية تسمح لهؤلاء اللاجئين المهاجرين أن يقتلوا ويسرقوا ويغتصبوا وهم يتمتعون بالحصانة لأن حقوقهم كلاجئين محمية..)!
لقد أثارت هذه ( الأفكار البوتينية) ردود أفعال شديدة غاضبة ورافضة لها من نخب سياسية وإعلامية في أوروبا والولايات المتحدة معتبرة إياها تجسيداً (لطغيان الفرد وقمع الحريات بشكل يهدد ويضر بالحقوق المكتسبة للمجتمع الدولي عبر السنوات الماضية).
وإزاء ذلك وجّه أحد الكتّاب العراقيين نقداً مريراً لبوتين وافكاره وتساءل: كيف يمكن أن يستقيم هذا الكلام مع المنطق السليم بمنح الحصانة للمهاجرين في بلدان لا حصانة فيها لأحد من أعلى شخص في رأس الدولة الى أصغر مواطن فيها لأن الجميع تحت القانون؟ وتعليقا ًعل ذلك، يضيف الكاتب، لا عجب أن يرتدي الرئيس الروسي بوتين خريج جهاز الاستخبارات الروسي (كي جي بي) السابق عباءة (المفكر) ليصف الليبرالية بالبالية ولم تعد تصلح لزمننا. ونضيف: لكنه في الوقت نفسه نزع العباءة التي خلعها عليه رئيسه المتمرد على السلطة السوفيتية بوريس يلتسن وطلاقه معها، ليكشّر عن أنيابه الستالينية التي انتمى اليها وترعرع في كنفها وتربى في أحضانها.. إن بوتين هو حقاً (مفكر) لكنه، مفكرٌ ستاليني!!