ديكُ العروس المطبوخ وتقاليدُ شعبية أخرى
باسم عبد الحميد حمودي /
لاتكاد عادات العرس والزواج في العراق تختلف كثيراً من منطقة الى أخرى إلا في التفاصيل مع تغيير بسيط في الممارسات, لكن هناك بعض الطرائف والممارسات التي لاتتشابه تفصيلاً. وقد بحثنا في الكثير من المشتركات الطريفة والمتغيرات من منطقة الى أخرى. وهذا تجوال سريع في التفاصيل، نرجو أن يتمتع به من تزوج سعيداً.. ومن ينتظر ومن تنتظر الليلة التي لاتنسى:ديكُ العرس
في تل أسقف العراقية، وفي بيت العروس عصراً، تعد أم العروس ديكاً مقلياً بالدهن فوق صحن كبير من البرغل او الحبيّة ليقدم الى العريسين ليلة عرسهما.
لا أحد يحلل سبب قلي الديك, وليس الدجاجة، في هذه الشعيرة الاعتقادية الشعبية، لكننا نرى أن ذلك بسبب رغبة الأهل في ولادة ابنتهما الصِّبية قبل البنات!
الكريف-السردوج
الكريف عند الإيزيدية في العراق عموماً، وفي تلعفر بالذات، هو صديق الأسرة المفضّل وأخو الزوج الذي لم تلده أمه, والكريف يقوم بدور (الزافوف) لعريس الأسرة، أو ما نسميه في بغداد والمدن الأخرى : السردوج.
ويقوم الكريف عند ختان ابن صديقه بمسك رجليه بقوة لمنعه من الحركة أثناء الختان, وبنات الكريف لا يحق لهن الزواج من أولاد صديق أبيهن وبالعكس لأنه يعدُّ أخاً شقيقاً لأبيهن!
سعيد طفّي الكلوب … خدها يِشِع ويّه الروب
في عفك والديوانية والشامية وغماس والقاسم، وسائر مدن الوسط والجنوب العراقي, هناك أغنية تردّد من قبل نساء المحلة عندما يدخل العريس على زوجته ليلة الدخلة المباركة, إذ يقمن بالعزف على الدفوف فيما ترقص الصغيرات في ذلك الحفل الخالي من الرجال وهن ينشدن (يفلان طفّي الكلوب –خدها يشع ويّه الروب) وهن يخاطبن العريس باسمه ويقلن له إن عليه أن يطفئ ضوء غرفة العرس لأن خدّ العروس يشع نوراً مع الرداء الذي ترتديه فوق ملابسها الداخلية, وبذلك فهو يرى الحلاوة أمامه واضحة دون ضياء مصطنع.
بالله عليكم ياخلق سلموا على حمّام علي
حمّام علي هي التسمية الشعبية لحمّام العليل، وهي المدينة التي تقع جنوبي الموصل وفيها عيون الكبريت الشهيرة الخاصة بالاستشفاء من الأمراض الجلدية وسواها.
وحمّام العليل منطقة بساتين جميلة يخرج اليها المصالوة والمصلاويات عصر الخميس, أو أي يوم آخر للنزهة والمتعة أو السباحة أو لزفّة العرس بالسيارات..أحياناً.
بعض الأسَر تتكاسل عن الذهاب للحمّام فيما ترجو البنات ذلك, ومن لم يساعدها الحظ على رحلة الأهل الى الحمّام تتمنى أن ترمي صاحباتها اللواتي أخذهن أهلهن للنزهة هناك بَصَلة في الحمّام لكي تحن قلوب أهلها ويأخذونها الى الحمّام في الرحلة المقبلة علّها تعثر على ابن الحلال، ولسان حالها عبّر عنه الشاعر الموصلي سليمان بك الجليلي بقوله:
بالله عليكم ياخلق سلموا على حمّام علي
وإن كان رحتم للسبح ومن الصبح وبعجلي
والعين بالعين التقت بالعين زِتّوا بصلي
وذلك يعني أن العين اذا التقت بالحبيب الموعود فعلى المحبوبة أن تزتَّ (أي ترمي) بصلة في العين!
شمعة العرس.. في كل مكان
تقول المستشرقة البولندية سكار جينسكا، في بحث لها عن عادات الزواج في البلدان العربية وبولندا، إن شمعة العرس الكبيرة تقام في البصرة ليلة الحنّاء وتوضع في صينية مليئة بالشموع الصغيرة المصاحبة، لكن البنات في بولندا يدخلن على صديقتهن العروس وهن ممسكات بالشمع الملون ويقمن بنزع التاج الأخضر من رأسها ليضعن بدله تاج الزوجية. وفي بغداد وسواها من مدن العراق تكون شمعة العرس متوهجة ليلة الزفاف إيذاناً بالفرح والخير والسعادة المقبلة.
صراع الأصابع ليلة العرس
يروي الأستاذ علي الفتّال في كتابه (التواصل في تراثنا الشعبي) تفاصيل تلك المعركة الطريفة التي تتم بين ممثلة لأهل العروس وممثلة لأهل العريس وهن يشتبكن بالإبهامين, وكل واحدة تريد أن يعلو إبهامها الأخرى حتى تتدخل امرأة ثالثة وتسكب الماء على الإصبعين لتفض النزاع الطريف المفتعل الذي تريد كل واحدة من الاثنتين فرض سيطرتها على مقدرات الحياة الزوجية المقبلة.
بدلاً من ذبح البزّونة!
الحكاية القديمة المتداولة تقول إن عريساً في ليلة دخلته ذبح قطة أمام العروس ليخيفها كي تطيعه في كل أمر, لكن ذلك مجرد خيال لم يتحقق إلا في هذه الحكاية المرويّة, وسيبل التعاون بين الزوجين هو وسيلة إنجاح الحياة الزوجية, لكن هناك رغبات تحركها الأعراف الشعبية.
قديماً كان العريس، في بعض القرى الكردية، يمسك بقصبة على رأسها باقة زهور يضرب بها رأس عروسه بضع ضربات, فإن لم تنكسر القصبة كان ذلك دليلاً على سيطرته.
في قرى التركمان كان العريس يصعد على مرتفع وبيده قطعة حلوى يرميها على رأس عروسته دليلاً على حبه لها, وفي الوسطين: الكردي والتركماني تكون الدبكات دليل الفرح وإيذاناً ببهجة الأهل والأقارب والسعادة.