د. حسين السلطاني لـ (مجلة الشبكة): تعاون مؤسسات الدولة معنا خجول
د. حسن عبد راضي : أحمد سميسم /
مؤسسة السجناء السياسيين من المؤسسات الفتية، تأسست عام 2005، وتعنى بقضايا السجناء والمعتقلين السياسيين ومحتجزي رفحاء والمضطهدين بمختلف انتماءاتهم ومعتقداتهم، وتعويضهم مادياً ومعنوياً جراء ما تعرضوا له من ظلم وتعذيب نفسي وجسدي على أيدي أجهزة النظام الدكتاتوري السابق.
سعت مؤسسة السجناء السياسيين رغم حداثة عهدها إلى مواكبة التطور ومغادرة السياقات التقليدية في العمل باستخدام الإدارة الإلكترونية في توثيق، جميع الملفات الخاصة بالسجناء والمعتقلين السياسيين، كما أنها تحرص على مد جسور التعاون بينها وبين سائر المؤسسات لتطوير أدائها ومهامها، وتتوخى الوصول إلى أهدافها بالسبل القانونية والمشروعة وأن تتكفل بحقوق السجناء والمعتقلين السياسيين التي نص عليها قانون المؤسسة رقم 4 لسنة 2006 وقانونها المعدل رقم 35 لسنة 2013، ومازالت المؤسسة تواصل العمل على إنجاز كل الحقوق والمنح والامتيازات لهذه الشريحة المظلومة رغم وجود المعوقات التي تحد من عملها.
وللوقوف على طبيعة عمل المؤسسة ونشاطاتها ومهامها والمعوقات التي تعترضها، التقت “مجلة الشبكة العراقية” رئيس مؤسسة السجناء السياسيين الدكتور حسين السلطاني في حوار صريح:
* ما الإنجازت التي حققتها مؤسسة السجناء السياسيين منذ تسنمكم مهام عملكم؟
– استطعنا تحقيق إنجازات كثيرة لربما لم تلبِّ طموح السجناء السياسيين جميعاً بحكم ما نصطدم به من عقبات في تشريع القوانين التي من شأنها إنصاف السجناء، لكننا بكل فخر حققنا أشياء كثيرة تحسب للمؤسسة في إنصاف المظلومين، لأن المؤسسة إحدى مؤسسات العدالة الانتقالية وترعى شريحة كبيرة من السجناء السياسيين والمعتقلين ومحتجزي رفحاء الذين تعرضوا في العهد المباد إلى السجن والتشريد والتعذيب وانتهاك الحقوق الإنسانية، لتصبح مؤسسة السجناء السياسيين الراعي الأب المدافع عن حقوق هذه الشرائح مادياً ومعنوياً، فعلى سبيل المثال عملنا على إضافة لجان خاصة في المحافظات كافة ورفدها بحقوقيين من أصحاب التجربة والاختصاص وذلك لتسريع وتيرة إنجاز الملفات، إذ حسمت الملفات المتراكمة كافة للسنوات السابقة، كما استطاعت المؤسسة أن تقدم خدمات طبية وتعليمية للمشمولين بقانونها رغم أنها لم تكن بمستوى الطموح لكنها كانت مرضية، لا سيما اذا أخذنا بنظر الاعتبار الفارق الشاسع بين ميزانية المؤسسة قبل عام 2015 والتي كانت أكثر من 300 مليار سنوياً وبين ميزانية المؤسسة بعد عام 2014 والتي لم تتجاوز 16 ملياراً سنوياً، فضلاً عن جهدنا الحثيث في موضوع مِنَح السفر والحج والمنح التعويضية عن كل يوم سجن البالغة 40 الف دينار وموضوع الأراضي للمشمولين بقانون المؤسسة، كما شهدت المؤسسة منذ تولينا المهام نهضة متطورة واضحة فيما يخص الجانب الإداري والفني والهندسي، وأشياء أخرى يطول الحديث عنها.
* هل لمستم جدية حقيقية من المؤسسات الحكومية المختلفة في تنفيذ القوانين المتعلقة بعمل المؤسسة؟
– بصراحة في الجانب العملي لم نلمس جدية من لدن المؤسسات الحكومية في تنفيذ قوانين المؤسسة، وبعد مرور 12 عاماً ما تزال نسبة غير قليلة من الحقوق غير مطبقة على أرض الواقع، فيما يخص كثير من الجوانب كالسكن والتعليم والصحة والتقاعد، وأعتقد أن ثمة اسباباً كثيرة منها أن مؤسسة السجناء ما تزال فتية ولم تكن لها جذور متأصلة إدارياً بين المؤسسات، لذا من الطبيعي أن تتعثر قوانين المؤسسة في التطبيق، والسبب الآخر برأيي هو عدم وجود خارطة طريق وخطة عمل بشكل عام وسقوف زمنية في العمل، ولو كانت لدينا خطة مبرمجة لانتهى أي عمل أو معاملة في أقصر وقت ممكن وعلى أكمل وجه، لذا يفترض من الحكومة أن تحل هذه القضية على وفق خطط مسبقة لكل مؤسسة لاسيما فيما يتعلق بتنفيذ القوانين النافذة.
* ما أهم المعوقات التي تواجه عمل مؤسسة السجناء السياسين؟
– هناك معوقات كثيرة تقف في طريق عمل مؤسسة السجناء أهمها المعوقات المالية التي تواجهنا، إذ على مدى 12 عاماً من عمر المؤسسة ما تحقق من الإنجازت لا يتجاوز 30% بسبب الإجراءات المالية التي تقف حائلاً دون منح حقوق السجناء التي تقع على عاتق وزارة المالية وباقي المؤسسات والجهات الأخرى، لذا ما تحقق بشكل أساسي هو التقاعد، أما الامتيازات الأخرى للسجناء السياسيين فقد واجهت تلكؤاً في تطبيقها من الجهات المعنية، وكنا نتوسم أن يُنظر بعين مسؤولة إلى الظروف الاستثنائية التي مر بها السجناء السياسيون جراء الظلم الذي تعرضوا له إبان العهد المباد، وانعكست آثاره على حالتهم الصحية والنفسية، فضلاً عن معوقات أخرى في عدم جدية تنفيذ قوانين المؤسسة الذي تطرقنا له آنفاً في سياق الحوار.
* هناك لغط كثير بخصوص قانون رفحاء الذي عدّه البعض قانوناً غير منصف من حيث منح الامتيازات الكبيرة لسجناء رفحاء وتمييزهم عن سائر السجناء الآخرين، ناهيك عن تمييزهم عن سائر المواطنين.
– عندما نتحدث عن قانون رفحاء فإننا لا نتحدث عن أبناء رفحاء الذين هم شريحة من أبناء شعبنا وموضع اعتزاز لدينا واحترام وتقدير، ولعله من أكثر القوانين إثارة للجدل، وأن المعيار في منح الامتيازات أنه يفترض أن تعطى الحقوق للأكثر تضرراً كشريحة الشهداء مثلاً، إذ يعدّون الأكثر ضرراً في المجتمع، في الوقت ذاته يجب ألّا تمنح الامتيازات على نحوٍ عشوائي بل بموضوعية وإنصاف حتى لمن هم أكثر تضرراً، لذا عندما ينقلب المعيار في منح الامتيازات تولد مشكلة كبيرة، فضلاً عن أن موضوع رفحاء دخلت فيه المزايدات والكسب الحزبي والسياسي غير المشروع والمنافسات والمصالح الشخصية، كل ذلك أسهم في تشويه هذا الموضوع.
* هل رصدت المؤسسة حالات تزوير، بمعنى أن يدّعي بعض الناس أنهم سجناء سياسيون؟
– قبل عام 2013 كان البلد غير مستقر ولم يكن ثمة وعي عام لإدارة الدولة، لذا كان هناك تساهل كبير في تطبيق القوانين، نعم حصلت في المؤسسة بعض الخروقات مثل أية مؤسسة أخرى سواء أكان هذا الخرق في شمول أناس بامتيازات قانون السجناء السياسيين وهم غير مستحقين، أو بأخذ استحقاقات وامتيازات أكثر من الاستحقاق، لكن بعد عام 2013 تحسن أداء المؤسسة بشكل كبير، بل بعد عام 2015 صار أداء مؤسسة السجناء السياسيين على أعلى مستوياته مقارنة بالسنوات السابقة، وهذا الكلام ليس للدعاية، والدليل على ذلك أنه منذ عام 2007 حتى عام 2015 حسمت المؤسسة 68 ألف ملف بينها 54 ألفاً شملوا بالقانون و14 ألف ملف رفض، بمعنى 85 % شمول و 15% رفض، لكن بعد عام 2015 تغيرت المعادلة جذرياً من حيث نسبة الحسم والرد والقبول إذ تم حسم 115 ألف ملف في أربع سنوات من 2015 حتى 2018 وأصبحت نسبة الشمول 35 % ونسبة الرد 65 % وأعتقد هذه النسب هي الأقرب للواقع.
* وقّعتم مؤخراً بروتوكول تعاون مشترك مع شبكة الإعلام العراقي، ما آفاق هذا التعاون؟
– نعم، هناك خطوات طيبة مع شبكة الإعلام العراقي بالتنسيق مع الأخ الفاضل رئيس شبكة الإعلام العراقي فضل فرج الله الذي لمست منه الخلق الرفيع والحرص الشديد، وأبدى استعداده الكبير للتعاون مع المؤسسة ووقعنا عقداً بروتوكولياً مثمراً لكلا الطرفين وتم الاتفاق على تشكيل فريق عمل مشترك للتعاون والتنسيق لإنتاج سلسلة وثائقية بعنوان (ذاكرة سجين)، كما تلتزم مؤسسة السجناء السياسين بتزويد الشبكة بحلقات برنامج (الأحرار) الذي تنتجه المؤسسة بمعدل حلقة نصف شهرية لبثها في قناة العراقية، فضلاً عن تزويد الشبكة بقصص (من خلف القضبان) وهي سلسلة وثائق عن حياة السجناء في السجون.