الطفل الكذاب ضحية الأساليب التربوية الخاطئة

1٬227

ثريا جواد /

قد يلجأ كثير من الأطفال إلى الكذب على الوالدين أو على الآخرين لأسباب لا يفهمها إلا الطفل نفسه، وهذا سلوك غير مرغوب فيه قد يدفع إلى الكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية، وقد يبالغ الطفل في كذبه، ولا سيما الأطفال الذين يمتلكون خيالاً واسعاً وخصباً، أو إلى تأليف القصص التي هي من وحي خياله فقط وذلك للفت الانتباه إليه ولرغبته في إثبات ذاته عن طريق الكذب.
الأوضاع الاجتماعية
تقول د.ثناء محمد علي (متخصصة في علم نفس): يكذب الطفل بنحو مبالغ فيه، فهو لا ينقل الحقيقة بتفاصيلها ويروي تماماً عكس ما شاهده أو سمعه، وغالباً ما يشوه الحقيقة لأغراض نفسية أو اجتماعية، وسلوكه هذا ناتج في المقام الأول من المحيط الذي يعيش فيه (الأسرة) وسوء الأوضاع المعيشية التي يعيشها. ومن الضروري متابعة الوالدين أبناءهم وحثهم على قول الصدق، وقد يكذب الطفل لشد الأنظار إليه أو بسبب فقدانه الشديد لثقته بنفسه، وهذا السلوك يتغير أثناء نموه ومروره بمراحله العمرية، وخطورة الكذب عند الطفل تكمن إذا تحول إلى مرض مزمن يرافقه طيلة حياته فيصبح الكذب عنده حالة طبيعية.
عجيبة وغريبة
– تقول أم شهد (ربة بيت) وهي أم لثلاث بنات: ابنتي الوسطى تختلف عن أخواتها، لا من حيث الشكل، بل من ناحية السلوك والتصرفات، فهي تكذب كثيراً بمناسبة وبدون مناسبة وتتهم أخواتها باطلاً وتتخيل أشياء عجيبة وغريبة لم تحدث على الإطلاق، فعلى سبيل المثال في أحد الايام أخبرتني أن أختها الكبرى سرقت محفظتها ومصروفها اليومي وكانت تقسم على ذلك، وبالفعل عاقبتُ أختها التي كانت تقول الحقيقة ولم أصدقها، لكني اكتشفت لاحقاً أنها تكذب، ولا سيما حين تكررت هذه الحالة مع صديقتها في المدرسة التي اتهمتها بسرقة كتابها، وحينها استدعتني مرشدة الصف التي أبلغتني أن ابنتي تكذب باستمرار وتتهم الطالبات كذباً، شعرت بالخجل من تصرفها غير المنطقي واتفقنا أنا ومعلمتها على ضرورة التواصل فيما بيننا لمعالجة هذه الظاهرة التي تعانيها ابنتي ووضع حد لها ولكذبها المستمر.
جينات وراثية
تعاني ليلى فاضل (مهندسة كهرباء) من كذب ابنها المفرط الذي عزته إلى والده، إذ قالت: إنه يكذب باستمرار واكتشفت هذا المرض منذ أيام زواجنا الأولى عندما علمت بأمور كثيرة كانت خافية عني، وعلى الرغم من ذلك استمررت معه على أمل أن يتغير يوماً ما، لكن كما يقال “الطبع غلّاب”.. ابني الوحيد نسخة منه (كوبي بيست) يكذب مثل أبيه، ويبدو أنها الجينات الوراثية التي لا يمكن التغلب عليها، كلاهما يكذبان عليّ وكلاهما متفقان على الاستمرار في الكذب، ففي أحد الأيام كنت في زيارة لأحد أقاربي حين اتصل بي ابني وأخبرني أن ساقه قد كسرت، بسبب حادث في مباراة لكرة القدم، وبالفعل وجدته نائماً وساقه ملفوفة بالشاش، والجميع حوله للاطمئنان عليه، وبعد أسبوع اكتشفت أنه يكذب بشأن ساقه وكل هذا الكذب كي لا يذهب إلى المدرسة ويبقى في البيت يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي.
تقول الدراسات والأبحاث إن الطفل يكذب لكي يحمي نفسه خوفاً من العقاب الذي قد يواجهه من أبويه، ومن الضروري جداً معرفة السبب الذي يدعو الأطفال إلى الكذب، ومن المفترض وضعهم تحت المراقبة واتباع الطرق العلاجية ومراجعة العيادات النفسية لوضع الحلول اللازمة والفعالة للتعامل مع الطفل الكذاب.