البروباغندا او “الإشاعة”.. آفة تستعمر مواقع التواصل الاجتماعي

1٬055

صفا هشام /

“أحد نجوم الغناء اليوم تكلم عن علاقته بالمودل المعروفة”، و”لاعب كرة القدم المحترف رفض الالتحاق بمنتخبه في مباراة النهائي لكرة القدم”، و”توفيت في هذا اليوم عائلة الممثلة المعروفة إثر حادث مؤسف”، هذا مانراه اليوم في أغلب الأوقات على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتمثل بقرينة الكذب، ألا وهي الإشاعة.
وكما هو مصطلح “البروباغندا”، الذي يتمثل بالترويج والدعاية الهادفة لجذب المتلقي.
إذ تعطى هذه الأخبار والمعلومات بطريقة خاطئة أو ناقصة للتأثير على فئة معينة بصورة خاصة، والتأثير على المجتمع سياسياً واجتماعياً ودينياً بصورة عامة، إذ تكون أغلب هذه الأخبار بدون مصدر يؤكد صحتها، ومواقع التواصل الاجتماعي صارت اليوم الوسيلة المساعدة بالدرجة الأولى على تعاظم هذه الآفة بدون قيد أو رقيب.
مرض نفسي!
أمير صلاح العبادي (٢٦ عاماً)، ممثل كوميدي، حدثنا قائلاً :”الإشاعات صارت اليوم أكثر جسامة وانتشاراً في مجتمعنا، وباتت تشكل خطراً كبيراً على المجتمع ولا تعطيه سوى الجهل، إذ تكون هذه الإشاعة ناتجة من اضطرابات نفسية لدى صاحبها، فيقوم بنشر خبر كاذب لكي يُتداول بين أكبر عدد من الجمهور. يكون ذلك لأغراض كثيره منها ماتسمى (بالطشّة)، فيقوم بنشر خبر حول شخصية مشهورة بهدف الحصول على عدد كبير من “التعليقات”. ومثل هذا شخصياً أراه “مرضاً نفسياً”، لأن من يقوم بنشر خبر يؤدي إلى ضرر بحياة شخص، مقابل عدد لايكات أو مكسب مادي فإن هذا يعد مرضاً نفسياً من الدرجه الأولى.”
أضاف العبادي أيضاً “أن هناك نوعاً آخر للإشاعات، وهي متعمّدة، مؤداها أن الشخص له علم مسبق بهذه الإشاعة، مثلاً الفنان فلان الفلاني يتعرض إلى حادث سير، مرفقة صورته وهو ملطخ بالدم مع الخبر، تكتظ بها مواقع التواصل الاجتماعي ويبقى الجمهور بين مؤيدٍ ونافٍ للخبر، ولا يصرح الشخص المنشود بنفي ذلك أو تصحيح الخبر، ويترك الإشاعة تأخذ صداها ليكون اسمه متصدراً الأخبار اليومية ويشغل الشارع العراقي، وبعد مرور أيام عدة يقوم بتكذيب الخبر مختوماً بالاعتذار، كانشغاله بتصوير فيديو كليب أو غير ذلك، وبعدها تقوم المواقع أيضاً بتكذيب الخبر.”
وبهذه الحالة يستفيد الشخص صاحب الإشاعة من تصدر اسمه مواقع الأخبار اليومية وانشغال الشارع به، وهذا أيضاً برأيي فعل مشين بحق الشخص.
‘الرقمنة’
“نظن أننا قادرون على أن نبتدئ من جديد، لكن البدايات الجديدة ماهي إلا كذبة، كذبة نكذبها ونصدقها لنخلق أملاً يضيء لنا العتمة”، هذا ما قالته زهراء منير (٢٣ عاماً)، وأردفت قائلة: “مما نلاحظه الآن انتشار الإشاعات في العراق بكثرة، ولاسيما في الظروف الحالية. والواقع أن الإشاعات تزداد في زمن الشدائد، ونحن نعيش اليوم ما أفرزته التظاهرات في أرجاء الوطن، والاحتجاجات التي تشهدها ساحات البلاد مؤخراً، لكن لا ينكر أحد أن قدوم الرقمنة وظهور المواقع الإلكترونية بدا وكأن المناخ الإعلامي قد أصابه نوع من الانفلات، فهناك جماعات مبهمة تقوم بنشر ماهو مخالف لما يحدث في الشارع اليوم، وتشويه عمل الصفحات المختصة بالأخبار بهذه الأعمال، والتي لم تقدم شيئاً سوى الأكاذيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بذلك كثرت الإشاعات القائمة على أخبار لا تخضع لقوانين المصداقية الصارمة. هي بالتالي معلومات خاطئة غير صادقة، لكن في الآونة الأخيرة ظهرت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لإثبات الحقيقة، من ضمنها (التقنية من أجل السلام) التي بدورها تتصدى للإشاعة وتحد من التوتر في الوقت الحالي.”

كشف الحقائق
“بحر جاسم”، أحد التقنيين في مجموعة (التقنية من أجل السلام)، تحدث قائلاً: “كان لابد لنا من أن نجد جسراً يؤدي إلى فضح الأكاذيب، والحد من القلق والتوتر الذي يعيشه الناس بسبب بعض المواقع التي تنقل لهم أخباراً مزيفة وغير صحيحة، وبعد مجهود كبير وجدنا الحل، ألا وهو عمل صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي وبالتحديد (الفيس بوك)، أسميناها (التقنية من أجل السلام)، وتبلورت الفكرة مع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي والفكر المتطرف، عندما كانت تسقط مدن إعلامياً قبل أن تسقط ميدانياً، فكان لابد لنا من أن نقف ضد هذا الوهم لنكشف المزيف وننهي جميع الأكاذيب التي أصبحت تتغلغل في نفوس الناس من خلال صفحتنا، عملنا كثيراً لتكذيب جميع الأخبار المشكوك بها والإشاعات من خلال مجهود عدد من التقنيين.”
وأضاف: “وبينما كانت مهمتنا كشف الحقائق ومحاربة المزيف من الأخبار، زدنا على ذلك بإضافة المصادر الموثوقة لكل خبر حقيقي يفند مايقابله من الأخبار المزيفة، وبزيادة متابعي صفحتنا التفت إلينا بعض أعداء النجاح، فقد تعرضنا للتهديدات الشخصية، وأيضاً لاح هذا التعرض صفحتنا على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التبليغات مستهدفين إغلاقها، والبعض اتهمنا بأننا مموَّلون من جهات مشبوهة، ومع كل هذه الحواجز لم نقف مكتوفي الأيدي، وواصلنا مسيرة الحقيقة لإعطاء الناس ما يستحقونه من الحقائق، وبالرغم من المسافات التي تفصلنا عنهم، إلا أن هدفنا كان موحداً، وهو إعطاء العراق وأهله الحقيقة مهما كانت مستحيلة.”

‘سبايكر’
عادل كامل (٢٢ عاماً)، طالب كلية تقنية، تحدث للشبكة قائلاً :”مئات الشهداء كانوا ثَمناً لخبر كاذب، عندما تزاحمت تِلكَ الوحوش المُفترِسه على مجموعه من الطيور التي كانت تحتمي بشباب كان همّهم حماية الوطن والمستقبل، أكبرهم لم يتجاوز الأربعين وأصغرهم بلغ الثامنة عشرة، وعند سماع الخبر حاولوا الفرار خوفاً على أرواحهم، وإذا بصوت من أحدهم يقول : لا تهربوا إنه نداء الحرية، وأخذ ذلك الصوت يتعالى شيئاً فشيئاً، حتى بلغَ الأمر من شدة الخوف تصديقه فصار الجميع يُنادي بتلك الكلمات التي كانت بمثابة (رصاصة) لِكل من نادى بها طمعاً بتلك السنين المتبقيه، فقتلوا جميعاً. لم يكُن سبب موتهم سوى ذلك الصوت الكاذب، إنها تلك الإشاعة التي انتشرت بينهم طمعاً بالحياة، لكن تصديقهم لتلك الإشاعه ونشرها هو من قتلهم!”
وبيّن كامل قائلا: “لا تُصدقوا الإشاعات والأخبار الكاذبة أو صدقوها، إن شئتم، ولكن لا تتداولوها أو تنشروها عند عدم توفر المصدر الصادق والمتيقن.”