الموت المصنَّع
#خليك_بالبيت
مقداد عبد الرضا/
ما إن تبدأ إحدى الظواهر بالاستبسال والسيطرة على العالم وإشاعة الخوف والهلع لدى الناس، حتى تبدأ بالمقابل موجة مفزعة، وينتبه العالم إلى موجات من الكوارث السابقة التي ظهرت وسببت الموت، ليس من أجل شيء، فقط من أجل زيادة الارتباك والخوف لدى الناس، أحياناً يأتي التذكر بطريقة سلسة ومن أجل الانتباه وأخذ الحيطة والحذر، وأحياناً أخرى يكون مفزعاً يدمر ما يتبقى من خلايا القوة عند الإنسان ويسلّمه إلى الحتف.
منذ أن فغر فايروس كورونا فاه وبدأ باطّراد يستقر على قلب العالم، تخلخل نظام الكون وبدأت نظرية المؤامرة ، وربما ظهرت حقائق ارتبطت بتواريخ لها علاقة بالرقم 20، هناك فيلم قصير يتحدث عن هذا الرقم، طاعون وكوليرا وإنفلونزا، وأخيراً كورونا. أربعة قرون من الموت حينما يصل العالم إلى الرقم 20، 1720-1820-1920-2020، منصات التواصل الاجتماعي والرسائل التي باتت تنهال كل لحظة، منها ما يسلمك إلى لموت، ومنها ما يحذرك بطريقة إنسانية طيبة وتكون ذا نفع.
الإنسان ابن الحركة، ومن الصعب إيقافه، ولو توقف لانتهى العالم. وهنا تكمن العلّة، البعض يفهم والآخر (مطنِّش) لا يعير اهتماماً لأي شيء. قبل أيام وصلني فيديو يتحدث، كما نوّهت، عن الرقم 20، فهل أصدق هذا أم أعدّه مصادفة أن في كل قرن وفي العشرين منه تظهر كارثة؟
يقول بعض العلماء، أو بعض تجار الموت، إن العالم يتكاثر بشكل كبير والاقتصاد يرتبك، وقد ينتج عن هذا التكاثر خراب مدمر، فما العمل إذاً، هنا السؤال؟ الإجابة عن هذا السؤال كانت: بما أن عدد سكان العالم يتكاثر بشكل كبير وليست هناك سيطرة على تحديد النسل فلابد من اتخاذ قرار، القرار يعني أن على الشيوخ المغادرة وإفساح المجال للقادمين الجدد، الأطفال والشباب. لذلك نجد أن لا طريقة لهذه الإزاحة سوى الحرب البيولوجية، الصين وأمريكا وإيران وإيطاليا بلدان يكثر فيها الشيوخ نسبة لعدد السكان، هذه البدعة أو النظرية، أو هي الحقيقة، استغلها بعض تجار شباك التذاكر وصنعوا لنا رعباً مدمراً، أفلاما باتت تقلقنا وتدفع بنا إلى الانهيار.
شخصياً لن آتي بجديد سوى الإشارة إلى بعض الأفلام التي جاءت بكوارث -ربما تَحقق شيء منها فالعلم لا حدود له- لكن التنبؤ وقراءة المستقبل لهما حدود تخضع للوعي الإنساني وقدرة الإنسان على الاستيعاب. في عام 2016 أنتج فيلم يحمل عنوان “القطار”، يتحدث عن رجل ثري ينفصل عن زوجته ويذهب للعيش مع أمه وابنته، الفتاة ابنة دلال ولا يرد لها طلب، في ليلة عيد ميلادها تصر على الذهاب لزيارة والدتها، تستقل القطار ويصادف أن تصعد إلى هذا القطار فتاة مصابة بجرح في ساقها، وأثناء سير الفيلم وفبركته، نكتشف أن هذه الفتاة المصابة تحمل في جرحها فايروساً قد ينتشر عند كل الأشخاص الموجودين في العربات، وتبدأ الصراعات ومحاولة ركاب القطار الخلاص من هذا الموت المحقق. هناك فيلم آخر يحمل عنوان “بعد 28 يوماً” الذي أنتج عام 2002، يتناول مجموعة من الشباب يقومون بالهجوم على مختبر للتجارب العلمية ويطلقون سراح مجموعة كبيرة من القردة على الرغم من تحذيرات العلماء، يسود الخوف والهلع. أفلام الزومبي هي الأخرى أخذت منا الكثير وراجت طويلاً في شباك التذاكر وأوجدت طرقاً للجريمة والموت. فيلم “الشيطان المقيم” بأجزائه الأربعة، بدأ جزؤه الأول عام 2002 تدور الأحداث فيه حول انتشار فايروس في مدينة تدعى “راكوف” ومحاولة فتاة اقتحام الشركات التي أنتجت ذلك الفايروس.
أخيراً يأتي واحد من أهم المخرجين السينمائيين، ستيفن سودبيرغ: فيلم “كافكا”، وفيلم “جنس وأكاذيب واشرطة فديو” الذي نال عنه جائزة مهرجان كان الكبرى عام 1990، جاء هذا المخرج، ومن أجل الحضور والبقاء في الساحة، وأنجز فيلماً عام 2011 يحمل عنوان عدوى “contagion”، هذا الفيلم يتطابق تماماً مع ما يحدث الآن، والصراع مع فايروس كورونا، تعود “بيت إيمهوف” من هونك كونك بعد رحلة عمل لتموت بسبب إنفلونزا أو نوع آخر من العدوى، ثم يموت ولدها الصغير في وقت لاحق من اليوم نفسه، لكن يبدو أن الزوج “ميتش” محصَّن. يبدأ المرض بالانتشار في عدوى قاتلة بالنسبة للأطباء والإداريين في المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض، تمر أيام عدة قبل أن يدرك أي شخص مدى خطورة هذه العدوى الجديدة، ثم يجب أولاً تحديد نوع هذا الفايروس وإيجاد وسيلة لمكافحته، وهي عملية من المحتمل أن تستغرق أشهراً عدة، كما تنتشر العدوى إلى ملايين البشر في العالم. أليس هذا هو ما يحدث اليوم في عالمنا مع فايروس كورونا؟ فهل هي حروب بيولوجية من أجل الإزاحة والسيطرة، أم أن في العالم فائضاً بشرياً ويجب بفضل الموت المصنع أن يزال الكثير منه، وأعني الشيوخ؟ هو سؤال ليس إلا..
النسخة الألكترونية من العدد 356
“أون لآين -1-”