إدارة المؤسّسات “أونلاين” ..تحديث أم اضطرار؟
#خليك_بالبيت
رفاه حسن /
منذ مطلع العام الحالي يعيش العالم في حالة من الفوضى والشلل التام في القطاعات كافة بسبب وباء covid-19 أو ما يسمّى بفايروس كورونا الذي اجتاح العالم بشكل مخيف في مدة قصيرة، الأمر الذي دفع كثيراً من الحكومات إلى فرض حظر التجوال على المواطنين مما أدّى إلى توقف تام عدد في غير قليل من المؤسّسات والشركات، التي فرض بعضها على الموظفين وقبل بداية حظر التجوال أن يعملوا من المنزل لمنع التجمعات والحفاظ على سلامتهم، ولكنّ الأمر أصبح أمراً واقعاً بعد ارتفاع حالات الإصابة وعدد الوفيات وعدم وضوح الأعراض الخاصّة بالمرض، وهذا ما أصبح عليه العالم اليوم، فكثيرٌ من الناس يعملون ويتعلّمون ويتواصلون ويتابعون عن طريق الانترنت فقط، ولكن لم يكن الأمر بهذه السهولة في كثير من الدول التي لم تكن مستعدّة للتحولات الالكترونية الكبيرة التي حصلت في قطاعات التعليم والأموال والعمل، لا سيما في ما يخص قطاع التعليم.
هكذا وصفت وسل صالح (تدريسية في إحدى الجامعات الخاصّة) تجربتها مع التعليم الالكتروني الذي فرضته عليهم جائحة كورونا قائلة: أغلب الجامعات العراقية غير مستعدة للعمل في بيئة التعلم اونلاين بسبب افتقار الجامعات للمقومات الأساسية لقيام مشروع كهذا، أي لا وجود لمنصّة الكترونية خاصّة بالجامعة تساعد الإدارة والأساتذة والطلاب على التواصل بكل سهولة ومرونة، فضلاً عن الافتقار لثقافة التعليم الالكتروني على كل المستويات المدرسية والجامعية، ولا ننسى الظروف العامة التي يعاني منها الجميع وأهمها ضعف الاتصال بشبكة الانترنت، وعلى الرغم من ذلك فإنّ أزمة التعليم هي أزمة عالمية حالياً، فلقد توقّف أكثر من 1.6 مليار طالب عن الدراسة حول العالم.
وبالنظر إلى المؤسّسات الحكومية والوزارات والشركات والمصارف في القطاعين الحكومي والخاص نجدها هي الأخرى بدأت اعتماد آليات العمل من المنزل ولا ننسى أن نذكر الخسائر الهائلة التي تكبدتها شركات كثيرة بسبب هذه الأزمة لا سيما شركات السفر والسياحة، ما أدّى إلى خسائر كبيرة في قطاع السياحة في العراق.
مع بداية الوباء عمدت المؤسّسات إلى تقليل دوام الموظفين إلى النصف، ومع ازدياد الحالات وفرض حظر التجوال تحوّل العمل بشكل كامل إلى المنزل، مع ذلك لم تتمكّن جميع المؤسّسات من الاستمرار بالعمل اونلاين بسبب عدم جاهزيتها من ناحية الأدوات ومعرفة الموظفين بهذا المجال. العراق اليوم يعاني من أزمة حقيقية كان يمكنه تجنُّبها لو كان هنالك توجّه حقيقي للعمل والدراسة عن بعد في زمن ما قبل الوباء، ولكنّ الحقيقة أنّ المؤسّسات والوزارات أصبحت اليوم مضطرة للعمل بهذه الطريقة بدون أي سابق اطلاع أو معرفة.
إنّ الأساتذة الجامعيين والموظفين والطلاب يحتاجون حتماً إلى الكثير من التدريب وتوفير الأدوات اللازمة للعمل والتعليم بهذه الطريقة، المهندس أنصر التميمي من مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية شاركنا رأيه حول العمل من المنزل إذ يقول: نظراً للظرف الحالي الذي يمرّ به البلد توقفنا عن الذهاب للعمل منذ بداية الحظر وانتقل التواصل بين الموظفين من أرض الواقع إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتبليغ بآخر المستجدات ومتابعة الأعمال التي يمكن متابعتها من المنزل، وعلى المستوى الشخصي اعتقد أنّ هذه كانت فرصة جيدة لأطوّر مهاراتي وأتابع آخر التطورات في مجال اختصاصي، ولقد كان موقع webox meet مفيداً جدّاً فضلاً عن اجتيازي دورة IOS 27002 بالإضافة إلى دورات سيسكو وبعض المواقع التعليمية التي عرضت دوراتها بشكل مجاني لتشجيع الناس على البقاء في المنزل واستغلال الوقت لتطوير مهاراتهم.
ولا بدّ من العروج على تجربة شبابية رائدة في هذا المجال اضطلعت بها مؤسّسة تطوعية صغيرة تدعى مجلة طموحIT، يعمل فيها مجموعة من الشباب العراقيين من مختلف المحافظات العراقية بشكل اونلاين، إذ إنّ الفريق ولبعد المسافات بينهم يعتمد المنصات الالكترونية والسوشيال ميديا في إنجاز مهماته الخاصّة بالمجلة، يقول غزوان محمد مسؤول السوشيال ميديا في المجلة: إنّ سبب انضمامي إلى كادر عمل مجلة طموحIT هو العمل عن بعد، الذي وفّر علينا كثيراً من الوقت والجهد، ولم يقلل ذلك أبداً من جودة المحتوى الذي نقدمه، وهذا ينطبق على الأزمة التي يمرّ بها العالم والتي لم يتأثر بها عمل المجلة واستمر الفريق بمتابعة الأخبار وتزويد الناس بها بشكل حصري، لأنّنا اعتدنا على العمل بهذه الطريقة منذ البداية.
وبالاعتماد على ما ذكرناه سابقا يمكننا أن نستنتج أنّ تحولاً كبيراً كالتعاملات الالكترونية في أي قطاع لا يمكن أن يحدث في ليلة وضحاها، وأنّ العمل في هذه البيئة يحتاج إلى كثير من العمل والتدريب والتثقيف والتوجيه لقيام منظومة متكاملة قادرة على توفير الخدمات الضرورية التي نحتاجها.