عبادات رمضان في زمن الجائحة
#خليك_بالبيت
عامر جليل إبراهيم /
لن يكون شهر رمضان لهذا العام مثل أشهر الصيام في الأعوام السابقة في ظل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم منذ كانون الأول من العام الفائت وألقت بظلالها على مفاصل الحياة كافة.
أجبر الفايروس المستجد كثيراً من مواطني دول العالم على التزام بيتوهم لمنع انتشار هذا الوباء الذي لا توجد وسيلة ناجعة للتقليل من مخاطره سوى التباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط، فقد أُغلقت الجوامع والكنائس ودور العبادة بوجوه مرتاديها وهجر طلبة العلم مدارسهم وجامعاتهم وتعطلت وظائف الموظفين في معظم المؤسسات والوزارات.
وباستمرار الجائحة مع اقتراب الشهر الفضيل استطلعت “مجلة الشبكة” المتخصصين في الشأن الديني عن تأثير هذا الفايروس على التحضيرات لاستقبال شهر الصيام لهذا العام.
أول المتحدثين كان مدير الإعلام والعلاقات العامة في ديوان الوقف الشيعي الدكتور علي الربيعي الذي قال: إن الرسالة الشرعية والأخلاقية لديوان الوقف الشيعي وما يترتب عليها من مسؤوليات ومهام مجتمعية عامة ترتكز على إحياء الممارسات العبادية وإذكاء نفحتها الإيمانية للرأي العام المكلف دينياً في شهر رمضان المبارك والحرص على إحاطة المكلف بتعاليم دينه وخصوصية طقوسه ومناسكه الواجبة التنفيذ كالصلاة والصيام وموقعها الرسالي. ويذهب الديوان إلى أبعد من ذلك لتحقيق مستوى عبادي وروحي مستهدفاً المؤمنين والمسلمين محلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً في كل بقاع العالم عبر برامجه ومعارفه المتنوعة إعلامياً واتصالياً (إذاعة وتلفزيون ومواقع تواصل اجتماعي وخُطب ومحاضرات وعيادات فقهية في العتبات المقدسة…) باحثاً في عمق وقوة الدلالات الدينية ومستخلصاً منها ما يعزز الجانب العبادي للمسلمين، ويكمن ذلك في توظيف وتزكية مجموعة منتقاة من خطباء المنابر وأئمة الجوامع والمساجد والحسينيات والمراكز الثقافية والعقائدية التابعة له، كمّاً ونوعاً، محلياً ودولياً، لتقديم الإرشادات والتوصيات الكفيلة بتحقيق (الارتباط القدسي) وتجسير العلاقة الروحية في هذا الشهر الفضيل.
يضيف الربيعي لـ”الشبكة”: إن من واجبات الديوان الأخرى هي الفسحة والمساحة الإيمانية والفقهية التي يوفرها ديوان الوقف الشيعي بتكثيف الجهود الدينية وإحياء التجمعات الدينية بأسلوبها التوعوي والتنموي المجتمعي دينياً وإنسانياً ووطنياً، ولا سيما ما يخصصه ويقدمه رئيس الديوان سماحة السيد علاء الموسوي من محاضرات بهذا الصدد في عدد من المناسبات التي يشهدها الشهر الفضيل، ومنها مناسبة جرح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) واستشهاده، وإحياء ليلة القدر المباركة وكيفية استثمار تلك المناسبات لتحقيق الوئام الديني والوطني واستلهام العبر والفضائل من خصوصية الشهر الذي يعد فرصة مناسبة لمراجعة الذات الإنسانية.
واستطرد الربيعي أن العتبات الدينية المقدسة وعددها (7) في العراق تأخذ على عاتقها إقامة المظاهر الدينية وتوفير مساحة للمؤمنين والمسلمين في عموم العراق لإحياء الزيارات وإقامة الصلوات بالإنابة، فضلاً عن الزيارة الإلكترونية لمن يتعذر عليه الوصول إلى تلك العتبات، ولا سيما المقيمين من العراقيين في الخارج، ليتسنى لهم التواصل مع فكرهم المحمدي الأصيل، إلى جانب ذلك تأخذ العتبات المقدسة مسؤولية تهيئة الأجواء العبادية الخالصة للمسلمين والمؤمنين وقوافل قراءة القرآن ضمن مشروع قرآني تتجلى فيه ملامح الحضور المقدس لعمق ما جاء به القرآن للبشرية، وتوفير كامل الاحتياجات المعيشية الأخرى للأسر الصائمة من قوت واعتبارات تسندهم ضمن واجبهم الإيماني.
ويكمل: إن ديوان الوقف الشيعي يوظف وسائل إعلامه المرئية والسمعية والمطبوعة والإلكترونية للرد على جميع الاستفسارات والاستفهامات العقائدية والفقهية المتعلقة بالشهر الفضيل وتعاملاته وعباداته ومناسباته باستضافة ثلّة من الفقهاء وفضلاء الحوزة الدينية، فضلاً عن إنتاج العشرات من البرامج النوعية التي تتعلق بجميع الفئات والشرائح الاجتماعية المكلفة بالصيام واختيار الموضوعات ذات الصلة والعلاقة بدوافع المكلف شرعياً ووضعه في صورة التوصيات الشرعية، سواء الصادرة من المرجعية الدينية العليا ممثلة بآية الله العظمى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، أو رئيس الديوان سماحة السيد علاء الموسوي ومستجدات المرحلة الراهنة التي تشهد تحولات اجتماعية وصحية فاعلة ومؤثرة وكيفية إيجاد البدائل للمستفيدين منها والتي يأتي ذكرها في تلك التغطيات المتواصلة على مدار اليوم الواحد في الشهر الفضيل مع الالتزام التام بتعليمات خلية الأزمة التي منعت التجمعات والزيارات الدينية والاجتماعية وتعليمات المرجعية الرشيدة التي منعت الزيارات الدينية لحين زوال هذه الجائحة.
أما السيد نور الدين محمد حميد مدير المراسم والعلاقات في ديوان الوقف السنّي فقال: بالتأكيد أن الوضع القائم سيؤثر في أنشطة الديوان مثلما سيؤثر في أنشطة الصائم، فالديوان، وحسب توجيه معالي رئيس الديوان، ملتزم تماماً بالفتاوى الصادرة عن المجلس الإفتائي في ديواننا الموقر ومن العلماء والهيئات العاملة المعتمدة، هذه الفتاوى تحث دائماً على الالتزام والتمسك بتعليمات خلية الأزمة والجهات الرسمية.
يضيف السيد نور الدين: سيعتمد منهاجنا بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الإعلام المرئي والمسموع، وستكون برامجنا توعوية إرشادية، ولا سيما في هذا الوضع الاستثنائي.
ويكمل: الاجتماعات والتوجيهات مستمرة، كان آخرها اجتماع معالي رئيس الديوان بالمديرين العامين قبل مدّة عبر دائرة إلكترونية مغلقة لمراقبة الوضع والخروج بأفضل الحلول الناجعة واجتماعاتنا مستمرة حسب مستجدات الأوضاع.
ويختتم حديثه بالقول: ستبقى المساجد والجوامع مغلقة وتؤدى صلاة التراويح بشكل فردي في البيوت، ولكل حادثة حديث إن شاء الله، وبدلاً من مآدب الإفطار فالديوان مستمر بتقديم السلّة الغذائية للفقراء والمحتاجين وذوي الدخل المحدود.
الدين يُسر
وعن رأي المؤسسات الدينية أثناء وقوع الأوبئة والتسهيلات المتاحة في هذه الأزمات قال د. علي الربيعي: لديوان الوقف الشيعي وظيفتان أساسيتان في أوقات الأزمات وتحديداً عند انتشار الأوبئة والجوائح وتمددها، الأولى: تعبوية في إحاطة المسلم والمؤمن بالمداد الديني والشرعي المعنوي اللازم (القران والسُنة النبوية وتراث أهل البيت) للاستعانة بالله في التعامل مع الحالة الاستثنائية، ولا سيما التذكير بالتجارب المماثلة التي شهدتها المجتمعات الغابرة وتعامل الأنبياء والرسل والأولياء الصالحين معها، فضلاً عن تعزيز ثقافة المسلمين بتوجيهات وتوصيات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف ورؤيتها ومنظورها للوباء، أو الجائحة، وكيفية التعامل معه روحياً وإيمانياً، والوظيفة الثانية تكافلية بالعمل على سد حاجة الأسَر والعائلات المتضررة وأسَر الشهداء من احتياجات الحياة ومتطلبات العيش الكريم من أموال المسلمين الموقوفة، فضلاً عن دعم مؤسسات وقطاعات الدولة المعنية من قبيل وزارة الصحة والأجهزة الامنية ودعمها مادياً ولوجستياً ومعنوياً بما يسهل حركة عملها لتفادي الأزمة.
وعن التسهيلات أو الاستثناءات التي يلتزم بها ديوان الوقف الشيعي في حالة انتشار الأوبئة، ومنها فايروس كورونا الأخير، فإن الديوان يلتزم بالتوصيات والمقترحات الصادرة من خلية الأزمة الوطنية وتشخيصه الدقيق والمجتمعي الذي يرى ضرورة تعليق الممارسات العبادية في الجوامع والمساجد والحسينيات ومجمل المراكز الدينية والثقافية التابعة لها حرصاً على السلامة والصحة المجتمعية والدعوة إلى ممارسة تلك العبادات والطقوس في المنازل، فضلاً عن تعليق الزيارات المليونية التي تشهدها العتبات المقدسة والمزارات الشريفة في عموم العراق وتحويلها إلى زيارات بوسائل بديلة (إلكترونية) ليتسنى للمؤمنين ممارسة شعائرهم. إلى جانب ذلك كله تسخير العديد من المدن العصرية والسياحية التابعة للديوان أو عتباتها المقدسة ومؤسساتها الصحية والاجتماعية والخيرية لخدمة خلية الأزمة ووزارة الصحة كمقرات للحجر الصحي أو التداوي.
السيد نورالدين محمد حميد لخّص بالقول: تنظر المؤسسات الدينية في تخفيف الالتزامات الدينية أو إلغائها للحفاظ على حياة الناس.