الطباعة ثلاثية الأبعاد.. نقلة نوعية في مجال التصنيع التجميعي
#خليك_بالبيت
رفاه حسن /
تقليل الوقت والجهد والتكاليف، والأهم من ذلك كلّه تقليل الأخطاء هي من أهم الأهداف التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها منذ انطلاق ثورته التقنية، وهذا ما يكرّس له نفسه اليوم، إذ جعل من الآلة عنصراً فعالاً في المجالات كافة لتلافي الأخطاء البشرية والاعتماد على سرعة الآلة ودقتها وعدم شعورها بالتعب والمطالبة بساعات عمل محدَّدة، فهي تعمل بلا كلل ولا ملل، وهذا ما يحتاجه العالم السريع الذي نعيش فيه اليوم.
إنَّ أحد أشكال الرفاهية التي ابتكرها الإنسان ليختصر على نفسه كثيراً من الجهد والتكاليف تجلّت في الطباعة ثلاثية الأبعاد التي أصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من مجالات عدّة منها مجال الطب البشري، وطب الاسنان، وصناعة السيارات، والملاحة الجوية والطيران، وصناعة الألعاب وغيرها الكثير من المجالات فضلاً عن الفن والأزياء.
وتعدّ الطباعة ثلاثية الأبعاد شكلاً من أشكال التصنيع التجميعي الذي يمثل عائلة تكنولوجيا التصنيع أو ما يسمَّى “التصنيع بالإضافة” الذي ظهر مطلع تسعينيات القرن الماضي واعتمد طريقة عمل تتمثّل بإضافة المادة المصنعة على شكل طبقات رقيقة الواحدة تلو الأخرى للوصول للشكل النهائي للنموذج أو المنتج حسب التصميم، أي تصنيع مجسم ثلاثي الأبعاد للمنتج، وعلى الرغم من اختلاف تقنيات الطباعة الثلاثية الا أنّ مبدأ العمل ثابت، إذ يتم استخدام تصميم رقمي ثلاثي الأبعاد في إنتاج المجسم.
ولقد كان الغرض من هذه الصناعة في البداية توفير نماذج أولية سريعة تستغرق أياماً أو ساعات أحياناً في تتّبع التصميم المتصور للمصنعين بهدف معاينة الشكل النهائي للمنتج، والتأكد من التصاميم والألوان والموافقة عليها، قبل بدء عملية التصنيع الفعلية ولقد ساعدت هذه النماذج وسرعة تنفيذها في تحسين عملية الإنتاج لكثير من المنتجات، أمّا عن آلية العمل فتكون البداية مع تصميم النموذج حسب المتطلبات باستخدام برامج خاصة للتصميم بمساعدة الحاسوب، وبعدها تتبع الآلات الطابعة تلك التصاميم لتحديد كيفية بناء النموذج بطباعة المقطع العرضي له طبقة تلو الأخرى وهذا ما يسمَّى بالطباعة ثلاثية الأبعاد.
أهم المميزات التي تقدمها الطباعة ثلاثية الأبعاد هي الدقة، إذ تسمح برؤية النموذج وتحديد المشكلات ومعالجتها والتعديل عليها قبل بدء عملية التصنيع الفعلي، بما يتناسب مع متطلبات الزبون وهذا يوفر الكثير من الجهد والوقت والمال كما ذكرنا، إذ إنّ تصنيع منتج معين مباشرةً سيأخذ كثيراً من الوقت بسبب سلسلة العمليات التي سيمرّ بها المنتج من تصنيع ومحاولة تحديد المشكلات وحلولها والتعديلات المطلوبة ثم العودة إلى التصنيع مرّة أخرى، ولك أن تتخيّل كم سيكلّف القيام بذلك.
كما أنّ الطباعة ثلاثية الأبعاد ساعدت على إنتاج مركبات أكثر تعقيدا التي يصعب إنتاجها بالطريقة التقليدية بالاعتماد على آلية الطبقات.
توجد الكثير من البرامجيات المخصّصة للتصميم الرقمي التي تساعد على تصميم النماذج المخصصة للطباعة، نستعرض منها ثلاث برامج مفتوحة المصدر وتعمل على كل أنظمة التشغيل منها Blender ,OpenSCAD ,TinkerCAD ولا بد من التنويه إلى حفظ التصاميم بصيغة Stl وهي صيغة تدعمها شتى أنواع الطابعات.
ثمة بعض الإجراءات الطبية التي دخلت اليها الطباعة ثلاثية الأبعاد ومنها التشخيص، إذ أصبح من الممكن طباعة الجزء المصاب من الجسد ليتحول إلى مجسم ثلاثي الأبعاد لتحديد المشكلات والأمراض، ولقد كان لذلك أثر كبير في علاج الأمراض الخطيرة مثل السرطان، كما استُخدمت في تطبيقات علم الأجنة، وقد ساعد ذلك على الكشف الدقيق والمبكر للجنين بعد طباعته إلى مجسم ثلاثي الأبعاد، وأخيراً وليس آخراً الأطراف الصناعية، إذ بات تصنيع أطراف صناعية بتكلفة أقل ممكناً، وهذا مكّن الأطباء من استبدال المفاصل والعظام التالفة والمتآكلة.
النسخة الألكترونية من العدد 361
“أون لآين -4-”