الزمن هل هو حقيقي أم الحاجة البشرية اوجدته؟
رجاء الشجيري/
الزمن بين السؤال عماهيته التي اشتغلتها الفلسفة، وبين كيفية اثبات وجوده وقياسه التي بحثتها الفيزياء، يبقى محط جدل فلسفي فيزيائي، فهل هو حقيقة ثابتة في الكون أم هو حاجة بشرية خلقته حاجتنا إليه وأنه لولا الليل والنهار لما شعرنا به أصلا؟ هل الزمن مختلف أم ثابت بين الأرض نفسها من جهة والأرض ومختلف العوالم من جهة أخرى؟
يقول ريتشارد فينمان( نتعامل نحن علماء الفيزياء يوميا مع الزمن ولكن لا تسألني عما هيته لأنه أصعب مما نستطيع إدراكه)
الفلسفة والزمن
افلاطون كان يرى أن الزمن هو الحركة بحد ذاتها، أما تلميذه أرسطو فاستمر على نمط أستاذه لكن عد الزمن مقدارا للحركة وقياسها.
ولعل أجمل ما قيل في الزمن ما ذكره أبو العلاء المعري في كتابه رسالة الغفران حيث قال:(المكان هو شيء أقل جزء فيه لا يحتوي على شيء، والزمان هو شيء أقل جزء فيه يحتوي على كل المدركات، والكون هو ما قل وما كثر)..
اما أستاذ الفلسفة (هيو برايس) بجامعة كامبريدج يقول: (الزمن ليس فيزيائية مادية انما هو ينبعث من جوهر حالاتنا الذهنية، حيث أن اللحظة الحاضرة التي نعيشها هي شيء مميز باعتبارها ممرا لتدفق الزمن، وأن الزمكان ليس البنية الأساسية لكنه ينبثق من بنية أعمق من بنية الكون الكلية).
مدارات فيزيائية
فسر نيوتن الزمن بأنه يسير بشكل ثابت وبالتساوي في جميع أنحاء الكون أي ان الزمن شيء ثابت، إلى أن جاء انيشتاين وغير مفاهيم الفيزياء بنظريته النسبية حيث اثبت أن الزمن مخلوق نسبي ويتغير من مكان إلى آخر في الكون، وكلما زادت سرعة الجسم تباطأ الزمن، كما أن للجاذبية تأثيرا أيضا على الزمن من خلال الأبعاد الأربعة (الزمان- المكان- الكتلة- الطاقة).
فالجسم اذا وصل إلى سرعة الضوء ينعدم الزمن عنده، ولا يمكن لجسم أن يسير بسرعة الضوء إلا اذا كانت كتلته تساوي صفرا وهذا ينطبق على الضوء فهو عبارة عن فوتونات أو جسيمات كتلتها صفر وهو أيضا يتصرف تصرف الموجة حسب نظرية انيشتاين النسبية.
لو أن جسما سار بسرعة الضوء سيتوقف عنده الزمن ويستطيع السفر في تمدد أو تقلص زمني، أي يذهب اليوم ويأتي البارحة أو يأتي بعد يومين فوضع نظرية تمدد وتقلص الزمن وشبهه بالجورب المقلوب فمثلاً في الثقب الأسود هناك جاذبية عظيمة جدا تكنس وتبتلع أي شيء أمامها من كواكب ونجوم عملاقة تفوق الثقب الأسود الآف المرات، حتى الضوء تبتلعه وتحوله إلى ظلام، والغريب أن الزمن في الثقب الأسود يتمدد بفعل الجاذبية الهائلة حتى ينعدم الزمن فيه.
تجارب تثبت نسبية الزمن
بعد تطور الأجهزة أراد العلماء أن يثبتوا صحة نظرية اينشتاين فأخذوا ساعة دقيقة جدا تقيس أجزاء أجزاء الثانية ووضعوها في طائرة نفاثة، فاكتشفوا أن هناك فرقا بين الوقت في الطائرة النفاثة والوقت على الأرض بسبب سرعة الطائرة وهذا دليل على نسبية واختلاف الزمن ضمن دائرة الأرض نفسها وليس مع عوالم أخرى.
وهناك ما يسمى الزمن الداخلي أو الزمن النفسي، ففي الحلم تشاهد أحداثا طويلة تقدر بالساعات وبالأيام ولكن هي في زمن الساعات الأرضية أربع أو خمس ثوان، فأجرى العلماء تجربة فجاءوا بشخص وتم تنويمه مغناطيسيا فقالوا له أنت الآن في حديقة كبيرة مليئة بالزهور فعد لنا 2000 زهرة وعندما تنتهي من عدها قل انتهيت.. فقال انتهيت من العد وكان الزمن الذي عد به 2000 زهرة هو جزء من الثانية، فهذا دليل آخر على أن الوقت نسبي وهمي مخلوق، فلولا الشمس والقمر لتلاشى إحساسنا بالزمن قال تعالى: (يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) (قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عام).