ارتفاع حرارة أرخبيل سفالبارد النرويجي ينذر بأحوال جوية سيئة

768

#خليك_بالبيت

ديفيد نيكيل – ترجمة: آلاء فائق/

في الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة بمختلف أرجاء العالم، سجّل أرخبيل سفالبارد النرويجي في القطب الشمالي، درجات حرارة تجاوزت الـ20 مئوية، هي الأكثر سخونة على الإطلاق منذ أكثر من 40 عاماً، وتعد بمثابة رقم قياسي مطلق في المنطقة، وفقاً للمعهد النرويجي للأرصاد الجوية.
أرخبيل سفالبارد هو محط التقاء الهواء القطبي البارد القادم من الشمال وهواء البحر الرطب المعتدل القادم من الجنوب. ومع بلوغ درجات الحرارة فيه الذروة، شهد الأرخبيل ثاني أكثر أيامه سخونة منذ بدء تسجيلات الطقس، ففي هذا العام تحديداً ارتفعت درجة الحرارة بإرجائه لمستويات أعلى مما كانت عليه في العاصمة النرويجية أوسلو.
ارتفاع درجة الحرارة غير الاعتيادي لهذا العام في أرخبيل سفالبارد حطّم الرقم القياسي السابق حيث ارتفعت درجة الحرارة لـــ21 و7 درجات مئوية.
صيف غير عادي في قمة العالم
بالنسبة لكثير من القراء، قد لا تبدو درجة الحرارة 21 و7 درجات مئوية مرتفعة بشكل لافت للنظر، إذ توحي هذه الدرجة لدى العديد من بلدان العالم بنسمات ربيع عليلة، لكن الأمر ليس كذلك في ارخبيل سفالبارد، فهو ليس بالموقع العادي.
لونغييربين.. مدينة السنَة الطويلة
تميل درجة الحرارة القصوى بمدينة لونغييربين أو كما تعرف بــ”مدينة السنَة الطويلة” إلى الانخفاض بين 13 -17 درجة مئوية، وتقع هذه المدينة في أقصى شمال الكرة الأرضية، على الساحل الغربي من سبيتسبيرغن، وهي أكبر جزيرة في أرخبيل سفالبارد، على الجانب الجنوبي من خليج أدفنت. يذكر أنّ درجة الحرارة وصلت إلى 20 درجة مئوية مرة واحدة فقط، كان ذلك في 16 تموز 1979.
تقع مدينة لونغييربين على درجة 78.13 شمالا، فهي من المدن الواقعة أقصى شمال العالم المأهولة بالسكان بشكل دائم. صحيح ثمة مستوطنات أخرى تقع كذلك في أقصى الشمال، لكن لا يمكن عدّها مدناً نظامية، فتلك المدن لا تتمتع بالتأكيد بمطارات ورحلات طيران مجدولة بشكل منتظم.
مدينة لونغييربين، التي هي جزء من أرخبيل سفالبارد النرويجي، يقطنها بضعة آلاف من الناس، وكانت في الأصل من المدن المهتمة باستخراج المعادن، أمّا اليوم فهي تعتمد بالدرجة الأساس على قطاع السياحة والبحوث لإنعاش اقتصادها.
وأجرت صحيفة سفالبارد بوستن المحلية مقابلات مع السياح الذين كانوا في الوقت الذي يحملون بأيديهم ملابس دافئة وسميكة، خشية برودة الطقس، كانوا يرتدون تيشرتات خفيفة ذات أكمام قصيرة ويستمتعون بتناول الجعة في الهواء الطلق، من على أرصفة مقاهي سفالبارد المشمسة.
تغيير المناخ في أرخبيل سفالبارد
يقول العلماء إنَّ القطب الشمالي يسخن أسرع بمعدل مرتين من الكوكب بأكمله. ويشهد ارخبيل سفالبارد ومثله بحر بارنتس، الواقع في الشمال الشرقي من النرويج والجزء الأوروبي من روسيا، أسرع وتيرة ارتفاع بدرجات الحرارة داخل القطب الشمالي، إلى جانب أعلى معدل لفقدان الجليد البحري.
ويتميز صيف 2020 في المنطقة بموجات حرّ شبه حادّة في الجزء الروسي من القطب الشمالي مع درجات حرارة أعلى بـ 5 درجات مئوية فوق المعدل الطبيعي منذ يناير الماضي في سيبيريا وبلوغ ذروة من 38 درجة مئوية في أوائل يوليو خارج الدائرة القطبية الشمالية.
ونتيجة لارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد في يوليو الماضي، ذابت كميات كبيرة من الجليد، مما أدّى لارتفاع غير عادي بمنسوب مياه النهر الذي يتدفق عبر مدينة لونغيربين.
يقول عالم الأحياء والمصور الميداني إيريك غرونينجسوتر إنّ مستوى المياه في النهر ليس مرتفعاً بشكل حرج، ولكنّه أعلى بكثير من المعتاد في هذا الوقت من العام، مضيفا “هناك الكثير من الذوبان بنهر لونجيير الجليدي في الوقت الحالي، وهذا بدوره يؤدي للكثير من المياه الذائبة في جدول النهر.”
أرخبيل سفالبارد يتغيّر
تسبّب تغيّر المناخ السريع في سفالبارد بوقوع العديد من المشاكل للسكان المحليين في السنوات الأخيرة، كما تسبّب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة هطول الأمطار بحدوث المزيد من الانهيارات الجليدية، التي أثر بعضها على مدينة لونغييربين.
هناك أيضاً أدلة على تأثير تغيّر المناخ على الحياة البرية والبحرية في الأرخبيل. من بين الحيوانات البرية المهددة بتغير المناخ هي الرنة البرية والدببة القطبية، وقد أدّى ذلك لدراسة جديدة نُشرت بمجلة Nature المرموقة لتحديد موعد الانقراض المتوقع للدب القطبي لأول مرة في التاريخ. ذلك التاريخ، الذي سيأتي بعد أقل من 100 عام من الآن – وهو بمثابة تحذير صارخ للبشرية. ويتوقّع الكثير من العلماء تشكّل منطقة القطب الشمالي الخالية من الجليد الموسمي قبل نهاية هذا القرن.
صيف بارد في معظم أنحاء النرويج
وعلى النقيض من ارتفاع درجات الحرارة في ارخبيل سفالبارد، شهد جزء كبير من البر الرئيس للنرويج هذا العام صيفاً بارداً ورطباً. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه درجات الحرارة بهذا الأرخبيل بشكل جنوني، كانت مدن النرويج الكبيرة أكثر برودة، حيث سجّلت أوسلو، وهي العاصمة الرسمية لمملكة النرويج وأكبر مدنها وأهمّ موانئها البحريّة (18 درجة مئوية)، بينما بلغت درجة الحرارة بمدينة وميناء بيرغن الواقع جنوب غرب النرويج (17 درجة مئوية)، وبلغت درجة الحرارة بمدينة تروندهايم (14 درجة مئوية)، أما مدينة ستافنجر، رابع أكبر مدينة بالنرويج وعاصمة البترول فيها فقد بلغت درجة الحرارة (15 درجة مئوية).
بوقت سابق من هذا العام حطمت درجة الحرارة في فصل الشتاء الرقم القياسي بجميع أنحاء النرويج، وكما هو متوقع كانت شهور الصيف الأكثر برودة وشهور الشتاء الأكثر دفئاً ورطوبة إشارة لأحوال جوية مقبلة غير طبيعية.
ومع ذلك، فإنّ درجات الحرارة الباردة في الصيف تبعث بأخبار سارة للبعض، فالمزارعون النرويجيون سعداء، فبعد سنوات متناوبة من الفيضانات/ والجفاف، تتمتّع مزارع النرويج هذا العام بأحوال زراعية شبه مثالية. أخبر أحد المزراعين وسائل إعلام بأنّه أفاد كثيراً من حرارة الطقس غير العادية في نيسان الماضي، والطقس الأكثر برودة في أيار، وما تلاه من دفء في حزيران.