زراعة الشرائح الذكية في الجهاز العصبي للإنسان وآفاقها المستقبلية
#خليك_بالبيت
رفاه حسن /
يبدو أن مفاجآت المخترع والملياردير الطموح (إيلون ماسك) للعالم لا نهاية لها، فهو في كل فترة يفجر قنبلة جديدة في مجال مختلف من خلال شركتيه: SpaceX، المتخصصة في مجال الفضاء، وشركته الناشئة Nuralink، المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والدمج بينه وبين العقل البشري، التي أسسها قبل سنتين.
فقد كشف ماسك، قبل عام تقريباً، عن نموذج أولي لشريحة تزرع في الدماغ وترتبط بأسلاك لنقل البيانات من الشريحة إلى الحاسوب، الهدف منها المساعدة في حل بعض مشاكل الأعصاب، وأن تساعد مستقبلاً في زيادة قدرات العقل البشري وتطويره، وكان من المقرر أن تكون الشريحة جاهزة للزراعة في الإنسان في غضون العام الحالي. لكن يبدو أن بعض توقعات ماسك، كما هو معروف، لا تتحقق، إذ ظهر يوم الجمعة الثامن والعشرين من آب الفائت عام 2020 في بث مباشر على اليوتيوب أعلن فيه عن النسخة المطورة من الشريحة التي أعلن عنها قبل عام، وقد قام باستعراض نتائج عمل الشريحة الجديدة بزراعتها في دماغ خنزير، وذلك لدرجة التقارب بين الجهاز العصبي للإنسان ونظيره لدى الخنزير، لذلك يعدّ أفضل نموذج للاختبار.
ظهرت في البث الخنزيرة الأنثى (جيرترود)، التي زُرع في دماغها نموذج أولي للشريحة الدماغية مع خنزيرين آخرين؛ الأول لم تزرع فيه أية شريحة، والثاني خضع لعملية زرع شريحة سابقة. ويبدو أن (جيرترود) خضعت لعملية زراعة الشريحة قبل شهرين، وهي الآن متصلة بالخلايا العصبية في أنفها وتحتوي على أكثر من 1000 قطب كهربائي في الغرسة ولو استمرت حالة (جيرترود) في الاستقرار دون تعرضها لأية مضاعفات جرّاء عملية الزرع فهذا يعني نجاح العملية نجاحاً كاملاً.
ومع الضجة الكبيرة التي أحدثتها هذه الشريحة، فلا بد من أنها ستقدم خدمات خارقة للبشرية، وهذا ما يتوقعه ماسك فعلاً، فقد صرح بأن لهذه الشريحة القدرة على قراءة أنشطة الدماغ، ما يمنحها القدرة على التخطيط وتحديد بعض صفات الإنسان التي قد تجعله مؤهلاً للعمل في وظيفة معينة. ولعلّ أكثر النتائج التي يترقبها العالم من هذه الشريحة هي إمكانيتها في معالجة بعض المشكلات الطبية الصعبة في السمع والبصر. ويتوقع ماسك أن تكون الشريحة قادرة على التحكم في الشعور بالألم والحزن، فضلاً عن بعض المشكلات النفسية، كما أن من المتوقع أن تتدخل في حل بعض الأمراض المتعلقة بالأعصاب مثل حالات الشلل الصعبة، إذ يمكن زراعة شريحة في المكان المتعرض للضرر في الأعصاب، وقراءة الإشارة الكهربائية وتحليلها في سبيل علاج الضرر وإعادة القدرة على الحركة للعضو المشلول.
ولا يتوقف الإبداع عند هذا الحد، بل يتعداه إلى امكانية الربط المباشر بين العقل البشري والأجهزة الذكية التي يتعامل معها، كما أنه سيتحكم في الذكريات والأحلام وقابلية تخزينها، ومن الممكن أن تتطور الشريحة لتصل إلى إمكانية التخاطر والبرمجة العقلية.
وعلى الرغم من أن الخدمات الكثيرة التي تقدمها الشريحة هي في الغالب توقعات، لكن الوصول إلى هذه المرحلة من التنفيذ مع النتائج الحالية التي أظهرتها الأبحاث على القِرَدة والخنازير تثبت أن تحقيق المتبقي من التوقعات ليس بالأمر المستحيل، وأننا في القريب العاجل سنكون قادرين على علاج حالات مرضية صعبة جداً مثل العمى والشلل وحالات الاكتئاب الحاد، فضلاً عن التوقعات التي تهدف إلى زيادة القدرات العقلية للإنسان.
ومع أن الشريحة ستكون مرتفعة الثمن في البداية، لكن سرعان ما ستصبح في متناول اليد، وربما يُفرض على المواطنين كافة في المستقبل القريب أن يزرعوا هذه الشريحة في أدمغتهم. وقد يبدو النظر إلى هذا الموضوع من هذه الزاوية رائعاً جداً، وأنه سيسهِّل على البشرية كثيراً من المتاعب وسيمنح أدمغتهم قدرات عقلية ذات مستوى عالٍ. لكن ماذا عن بيانات المستخدمين، وأفكارهم ومشاعرهم؟ هل سُتُصادر سيبرانياً أم أننا سنحافظ على حريتنا الفكرية إلى الأبد؟ ثمة كثير من الأسئلة التي تطرح مع كل تقنية جديدة تُبتكر، لكن تكون الأجوبة بعيدة لأن (إيلون ماسك) ليس الوحيد الذي يصرف ملايين الدولارات في تطوير هذه التقنيات، بل حتى شركة فيسبوك تعمل اليوم على مشروعها الخاص في هذا المجال.