لا شيء يستحق الكراهية

1٬154

أزهر جرجيس/

في نهاية المشوار، حين تستمع لضربات قلبك وهي تتباطأ شيئاً فشيئاً، وترى الحيرة والجزع في عيون محبيك، ستتأكد أنّ لا شيء يستحق الكراهية. مثل هذا حصل معي البارحة. لقد تكاسل قلبي في أداء عمله وكاد يستقيل. كنت ممداً في الفراش أنظر الى جهاز الآيباد ومرّت أمامي صورة يتيم في خيمة، كسرت قلبي. أغلقت الجهاز وأغمضت عيني، فشعرت بألم في صدري. في البدء ظننته عارضاً، لكنه كان ألماً حقيقياً تعطّلت بعده أطرافي عن الحركة. ناديت بصوت أفزع عيالي وجعلهم يتحلّقون حولي كاليتامى. بادرت ابنتي الكبيرة إلى الاتصال بالإسعاف، بينما انهمك الآخرون في البكاء والصراخ. لقد رأيت تلك الحيرة التي حدّثتكم عنها في عيونهم، فأيقنت بأنّ لا شيء يستحق الكراهية. وصلت سيّارة الإسعاف. حملتني فتاتان شقراوتان على السدية وهبطتا بي السلم. وضعتاني في المركبة واتجهنا نحو المستشفى. وصلنا شعبة الطوارئ، ولكن بعد فوات الأوان. لقد توقف قلبي بشكل نهائي ورفعت الراية البيضاء للموت. اتصلت إدارة المستشفى بصديقي محمود شيشة وأخبروه بأن عليه أن يتسلم جثتي كما هي وصيتي التي وجدوها مكتوبة على صفحتي في تويتر. وصل محمود ومعه سيّارة نقل الموتى. وضعني في تابوت من خشب الصاج الأنيق وطار بي نحو المقبرة. حفر لي قبراً ضيّقاً وحشرني فيه ثم قرأ الفاتحة وغادر. ناديت خلفه من تحت التراب: محمود محمود. توقف محمود واستدار. قال نعم. قلت بالله عليك سامحني. قال على ماذا؟ قلت سامحني لأني كنت أكرهك. قال ولماذا كنت تكرهني؟ قلت لأننا عندما كنا نتشارك في تدخين الناركية ويصلك الدور في التدخين، كنتَ تتأخر في إرجاعها لي، فكنت أنظر إليك وأقول في سرّي: سم وزقنبوت انشالله. ضحك محمود وقال يا سبحان الله! هذا ما كنت أقوله أنا أيضاً حين يصلك الدور وتبدأ في شفط الدخان، سم وزقنبوت انشالله. ثم تركني وذهب.