أماكن في المنزل العراقي التقليدي

749

باسم عبد الحميد حمودي /

يحتوي المنزل العراقي التقليدي في المدينة على مجموعة من الأماكن والزوايا والأركان التقليدية التي لا بد منها في أعراف الناس منذ مطلع القرن العشرين حتى دخول حضارة الإسمنت في الخمسينيات.
كانت للمنزل التقليدي العراقي في بغداد والمدن الكبرى أركان ومناطق تنفيذية لابد منها, من بينها المجاز الطويل و(البقجة) التي تتوسط ساحة المنزل, وفضاء المنزل المفتوح على الشمس, وربما (البئر) الاحتياطية التي تقع قريباً من حمّام المنزل، ويقابل الفضاء الداخلي والحديقة المنزلية التي تسمى (البقجة) جزء من البناء التقليدي يسمى (الطرار).
الطرار والدَّلَكات
الطرار هو الإيوان المفتوح الذي يقع خارج بعض الغرف الداخلية, وتتخذه العائلة مقراً لجلساتها وتناول الطعام فيه، وهو بناء مسقوف مفتوح الجانب على الحديقة المنزلية الصغيرة التي تسمى (البقجة)، وسقفه مرفوع ومثبت بالدَّلَكات الأربعة او الخمسة التي يكون موقعها عند فتحة الطرار.
والدَّلَك (بالكاف الفارسية) عمود من الخشب القوي يقف على رأسه تاج يحمل السقف من جانبه, ومجموعة الدَّلكَات تشكل ميسماً معمارياً جميلاً، وخلف الطرار تقع غرفة أو غرفتان تخصصان لحاجة السكان, مثل نوم كبير السن في واحدة منها او المرأة النفساء, أو أية ضرورة أخرى.
المجاز وغرفة الضيوف
عند باب المنزل الرئيس يمتد مجاز طويل مسقوف من باب المنزل إلى الساحة الداخلية للمنزل حيث يوضع مفتاح الدار عند (رازونة) مسقوفة, و(الرازونة) دكّة مستطيلة تقع بين سلَّم المنزل الصاعد إلى أعلى وبين غرفة الضيوف التي يسميها بعض العراقيين (الديوانية) وتعني الديوان أو المجلس, ومنها اشتقت كلمة الديوانية التي أطلقت على محافظة عراقية مهمة في الفرات الأوسط.
تتكون غرفة الضيوف من مجموعة من الوسائد والبسط وأفرشة الجلوس, ومن كان في وضع مادي جيد أثثها بالكراسي المُنَجَّدة, وبذل فيها الكثير إمعاناً في إظهار الثراء والبهرجة.
السلَّم والسطح
عند باب الدار الرئيس يقع الدرج (السلَّم) الذي يقود إلى السطح الأول, وهناك -أحياناً- درج داخلي يطل على حديقة المنزل الصغيرة تستخدمه النساء للوصول إلى الغرف العلوية أو إلى السطح العالي.
يتكون السطح (الناصي- الأول) من الفضاء الواسع المجاور للغرف المبنية في الطابق الأول والمطلّة على الحوش الداخلي بالطرار العالي المسقوف والمحمول بالأعمدة وذلك لسكن الأولاد المتزوجين أو العزاب، والسطح الأول يمتد حسب المساحة المتاحة ويفرش بالتراب بعد التهوير واستخدام النورة لتقوية الفسحات.
توضع في السطح أسِرّة الأولاد والبنات، ويكون الأزواج في منعزل من السطح الذي يحوي (البادكير), وهو فتحة مستطيلة ينزل عمودها إلى السرداب، والسرداب تجويف أسفل الدار مبلط بالكاشي مخصص لنوم الظهر، فضلاً عن وجود جزء منه مخصص لمواد الطعام المجففة.
ميزة (البادكير) أنه يتيح للنائم في السرداب نوماً طيباً لوجود هذه الفتحة التي قد يساعدها وجود العمّاريات (بتشديد الميم) على شبابيك البيت أو غرفة الضيوف التي تقوم مقام المبرّدة اليوم وذلك برشها الدائم بالماء وترطيب (العاكول) الذي تحويه, وهذه المهمة يتولاها صبية الدار عند الظهر صيفاً، وفي بعض الدور هناك سطح عال خاص بالضيوف له سلمه الخاص البعيد عن السطح الداخلي.
منافع المنزل الأخرى
أولى المنافع مطبخ الدار الذي يقع في مكان فسيح يفي بالغرض, وتواليت الدار الشرقي, فضلاً عن المسبح الذي يقع خلفه قدر خاص للماء الحار وقت الشتاء يقف على حفرة خاصة يُمد إليها أنبوب (البريمز) الذي يُشعل شتاء, والمسبح له تفاصيل طريفة مثل الصفرية النحاسية وقباقيب الحمام وكيس الحمام الأسود ومجموعة اللِّيَف وطقوس الغسل والتنظيف في الشتاء خاصة.
الدرج الداخلي
ويقع في جانب حيوي من الدار يطل على بناء خشبي منخفض الارتفاع يشكل غرفة صغيرة من الخشب هي (الآرسي) يجلس فيها من يجلس من الكبار، فهي تطل على فناء الدار وتوضع فيها بعض الأفرشة التي يحتاجها المنزل للضيوف. بعد (الآرسي) يوصلنا السلم الداخلي إلى السطح الأول حيث الغرف القائمة.
بذلك يكون الدرج الداخلي محمياً من الغبار والأتربة على عكس الدرج الآخر المفتوح على البقجة (حديقة المنزل الداخلية) المزروعة بما ترغب به ربّة الدار من خضراوات إضافة إلى ما يزرعه ربّ الدار.
أخيراً نقول إن المنزل العراقي التقليدي قد صنع وبني لتلبية احتياجات السكان التي تطورت بتطور الثقافة وقدرة الأسرة المادية.