تعلّم كيف تقتل رتابة الحياة
ترجمة: آلاء فائق عن موقع لف يور هارت /
يستشهد كاتب موقع “لف يور هارت” بمقولة للكاتب والدبلوماسي الأمريكي هنري فان ديك جونيور: “كلما تحكمت العادات السلبية المكتسبة والروتين القاتل بنمط حياتنا، كلما تلاشت أبعاد جديدة في حياتنا”.
لطالما أحب كاتب المقال التجدد والتغير ولطالما كره الروتين، منوهاً: لدى كتابتي لهذا المقال “تعذّر عليَّ حتى تهجئ كلمة “روتين” على نحو مضبوط، في كل مرة أقوم بطباعة الكلمة بالحاسبة، تخونني أصابعي بكتابتها بشكل صحيح، على مدى الأشهر السبعة الماضية، كانت حياتي رتيبة ومملة، لكني حاولت تخطي ذلك”.
ضرب رأسي بالحائط
مع استيقاظي اليومي كل صباح وولوجي بتفاصيل حياتي المعتادة، أفكر بضرب رأسي بالحائط، ربما سأقوم بذلك بعد انتهائي من كتابة هذا الموضوع. حتى حزيران الماضي، لم يكن لديَّ حياة روتينية بالمرة. وهذا هو سبب تحرري من حياتي الرتيبة بغضون أربعة أسابيع تقريباً. أنا يقيناً لا أستطيع التعامل مع روتين حياة رتيبة، فالرتابة المستمرة تقودني للجنون.
ينوه “لو أردتم معرفة من يقع عليه اللوم في روتيني المقيت هذا؟ سأقول لكم وأرجو أن لا تصيبكم الدهشة، إنَّه عملي الحالي “.
في الواقع، أنا الملام على ذلك. كوني تركت الأمور تصل لهذا الحد ووقعت في براثن الروتين.
روتين عملي اليومي
ذهابي للدوام يفرض عليَّ روتين حياتي يومي يشمل:
• الاستيقاظ فجراً بنفس الوقت من الاثنين إلى الجمعة.
• المرور بنفس الطريق المؤدي لمكان عملي يومياً.
• العمل لثماني ساعات يومياً وبنفس المكتب.
• التقيد بنفس جدول الأكل الأسبوعي أثناء العمل.
وظيفتي تشغل معظم وقتي
يقول الكاتب: ما من أحد بإمكانه تقدير الرتابة والضجر اللذين أمرّ بهما، فوظيفتي الحالية تشغل معظم وقتي. إنه حقاً أمر كارثي، لا بل مروع في واقع الحال.
أشعر بأنني محاصر بحياة روتينية مدمرة تحتاج لتغيير قوي وجذري، فمجرد اتباعي لنفس الإجراءات المحددة لفترة من الزمن كافٍ لتسلل الملل في نفسي، لكني أجد أنَّه حان وقت التغيير.
“فقط عليَّ التخلي عن الروتين في الأيام القليلة المقبلة والبدء بحياة يومية متجددة ومتألقة، خطوة بسيطة كفيلة بقلب الأمور رأساً على عقب، وبكل سرور أقولها، فإن آخر يوم لي في العمل قادم بغضون أيام قليلة!”
عزيزي القارئ ربما ترغب بالقدوم والانضمام بالجولة. إذا كان الأمر يهمك، من فضلك واصل القراءة.
ما هو الروتين؟
الروتين هو سلسلة من الإجراءات والأنشطة المتبعة بانتظام، هو بالأساس فعل تكرره باتساق يومي أو عدة مرات باليوم أو الأسبوع. فالشيء الذي تفعله مرة بالشهر أو مرة بالسنة لا يعد روتيناً. الروتين هو شيء تفعله كثيرا لدرجة أنك تعتاد عليه بحيث لا يتعين عليك التفكير فيه بعد الآن. إنه شيء تم تشكيله فيك وفي حياتك.
لماذا نتبع الروتين؟
تقول الممثلة ألأميركية أندريا مارتن: “لأسباب عملية، أحب الروتين وأحب تركيبته، وارتاح لطبيعة أيامي المنتظمة، مرتاحة لمعرفة أين سأذهب الليلة وهادئة لمعرفة ماذا سأفعل غداً. رغم رتابة حياتي، غير أنَّ الروتين يجعلها منظمة نوعاً ما. وأنا غالباً أحب نمط الحياة المنظمة”. الروتين يخلق بنية حياتك، ويمنحك يوماً أكثر تنظيماً ويضفي عليك الهدوء.
يمكن للروتين أن يبسط يوم عملك، ويسهل مجرى حياتك، مما يجعلها أقل فوضوية وتعقيداً، الاتّباع الصحيح لبعض الإجراءات والمسارات ووضعها دائماً بسياقاتها الصحيحة، سيحافظ على طاقتك بالاهتمام بالأسس الأكثر أهمية والسماح لها بالتناغم مع حياتك.
مدرسة زين اليابانية
لكل هذه الأسباب، يوصي ليو بابوتا، كاتب مدونة Zen، المتبعة لأسلوب مدرسة زين اليابانية للماهايانا البوذية التي تدُرس قيمة التأمل والحدس بضبط إيقاع روتيننا اليومي وينصح قراءه بتعلّم كيفية اتباعه.
وقدم باتو من خلال مدونته تطبيقاً لعادات وممارسات هذه المدرسة بمسار حياتنا اليومية، ومنها نصائح حول كيفية العيش، تسهيل نمط عيشنا، الهناء بحياة بسيطة، النهوض بتربية الأطفال، خلق سبل السعادة، التحفيز الإيجابي، تسديد الديون، الادخار، الأكل الصحي، واتباع العادات الحسنة.
الروتين والحياة التقليدية
يتيح لنا الروتين اتباع حياة تقليدية للغاية. بعصرنا هذا، ليست كل الأعمال الروتينية سيئة، ولكنها تحصل أحياناً “كنتيجة ثانوية ضرورية” وكمحصلة لنحيا حياتنا المعاصرة.
نعم، فتنظيف أسناننا كل صباح هو روتين جيد وصحي، لا شك بذلك. تناول فنجان قهوة صباحاً، روتين صباحي يتبعه كثيرون لإضفاء لمسة سعادة على يومهم ويجدون صعوبة بالغة بالتخلي عنه.
ومع ذلك، أعتقد أن الكثير منّا لديه الكثير من الروتين، فعلينا معرفة كيفية محاصرة أنفسنا باتباع الكثير من الإجراءات الروتينية.
لكن كيف يمكننا الهناء بحياة غير تقليدية إذا كنّا نفعل نفس الأشياء يومياً؟ وإذا لم نتمكّن من تمييز هذا الأسبوع عن الأسابيع التي قبله لتشابهها مع بعضها البعض؟
صحيح، الروتين مريح ويتيح لنا حياة مريحة وسهلة ويجعلنا نفكر أقل؛ ويتيح لنا سبل التنبؤ بالمستقبل، لكنّه في جوهره، يجعلنا كسولين. ويجعل حياتنا مملة، ورتابته لن تزودنا بقصص جديدة نرويها للآخرين.
أهمية كسر الروتين بحياتنا
يمنحنا المزيد من المرونة.
يقلل من الرتابة والشعور بالتشابه بحياتنا اليومية.
يفتح لنا إمكانية تعديل نشاطاتنا حسب مزاجنا.
يقودنا لتيارات جديدة من الإبداع.
يجعل حياتنا بشكل عام ممتعة وأكثر إثارة.
كما نرى، يمكن للتغير في الروتين أن يوفر لنا بعض الفوائد، لكن أحيانا نكون بحاجة للروتين، لا سيما في الأيام التي لا يمكننا متابعتها – فنتوقف ونفكر. لماذا لدينا روتين معين؟ لنجرب الأيام غير الروتينية ونناغم بين الروتين والتغير.
سبل كسر الروتين
السفر من حين لآخر
حجز رحلة سياحية ولو بسيطة، تجعلك تنطلق بفضاءات التغيير برحلة تنعش الأفكاروترفع الصدأ عن روتين الحياة.
الانتقال لمكان جديد
نعم، قد يكون من المريح العيش بذات المكان لسنوات عديدة، فجميع سبل التواصل الاجتماعي الخاصة بك موجودة هناك، منزلك، وظيفتك وكل شيء. لكن الانتقال لمكان جديد، مدينة جديدة، بلد جديد، أو حتى مجرد منطقة جديدة بنفس مدينتك، يمكنه حقاً قلب روتين حياتك رأساً على عقب.
تكوين صداقات جديدة
الخروج من المنزل وتكوين صداقات جديدة، التحدث مع أشخاص لديهم وجهات نظر ومواقف مختلفة ينعش يومك ويجدده، ويمدّك بأفكار وتجارب جديدة، أما تواصلك مع نفس الأشخاص طوال حياتك فقد يؤدي لركود اجتماعي.
العمل في مكان جديد
جميل لو فكّرت بتغيير طبيعة عملك القديم، لا بأس لو عملت بمقهى أو مكتبة بدلا من عملك القديم، أو العمل بمتنزه والبحث عن صديق للعمل معا.
تغيير وقت ممارسة النشاطات
إذا كنت تمارس الرياضة صباحاً، فلا بأس من ممارستها ليلاً. وإذا كنت تعمل أثناء النهار، فاعمل ليلاً أو في عطلة نهاية الأسبوع.
غيّر مسار طريقك
غيّر مسار طريقك المعتاد لمكان عملك: احصل على خرائط من Google وخطط لطرق مختلفة، مشياً أو بقيادة سيارتك أو دراجتك.
غيّر عادات أكلك
إذا كنت تتناول الطعام خارجاً، فحاول طهي طعامك بالمنزل، ما عليك سوى الحصول على كتاب طبخ وتطبخ بنفسك.
ترك مشاهدة التلفاز
اترك التلفاز واستمتع بقراءة كتاب جديد بدلاً من ذلك أو استرخِ بحديث مع مؤسسة TED، المعنية بعقد المؤتمرات العالمية الهادفة بنشر الافكار الجديدة والمتميزة للعالم ورعايتها.
غيّر جدول طعامك
تناول الطعام عندما تشعر بالجوع، وليس كما اعتدت بساعة معينة. ممكن أن تتخطى وجبة الإفطار (لست بحاجة إليها)، وتناول بدلاً عنها وجبة غداء مبكرة، وجبة خفيفة صحية أثناء النهار مع وجبة عشاء خفيفة بدلاً من ثلاث وجبات مناسبة وتشعرك بالتغيّر.
متابعة مختلف الصحف والمواقع
تابع صحف ومدونات مختلفة. ركز على موضوع واحد في الأسبوع ، ثم آخر في الأسبوع الذي يليه.
تذكّر هذه المقولة: “العادات السلبية والروتين لديهما قدرة لا تصدق على الهدر والتدمير.” مقولة للكردينال الفرنسي هنري دي لوباك، يمكنك تغيير حياتك، فلا تتهاون بفعل ذلك.