كلمة أولى
رئيس التحرير/
كلما شاهدت سيارة زجاجها مظلل، اتخيل أن من بداخلها هم نوع من الأشباح، يروننا ولانراهم، يتلصصون علينا ونحن في غفلة من أمرنا.
أتصور أحيانا أن من في السيارة قد يكون يعرفني، ربما من أيام المعارضة والمنفى، ولسان حاله يقول وهو يراني من وراء الزجاج المظلل: أيباه .. هذا جمعة الحلفي يمشي بالشارع.
طبعا اشعر بالفخر لأنني لا أزال مجرد مواطن يمشي في الشارع مع المواطنين. واتساءل مرات: ممن يخاف هؤلاء الذين يقبعون خلف الزجاج المظلل، ولماذا يخفون وجوههم عن الناس؟ وأجيب نفسي: قد يكون هناك بينهم من هو مطلوب ويخشى من الاغتيال، خاصة إذا كان مسؤولا كبيرا، أو من الشخصيات السياسية، لكني واثق تمام الثقة، أن تسعينا بالمائة من هؤلاء، لو افترش ساحة التحرير ونام أسبوعاً على أرصفتها، لن يجد من يشتريه بفلسين.
الله يرحمك شمران الياسري (أبو كاطع) فقد كان يسخر بمرارة من هذه الظواهر ومن هؤلاء (المسعولين) كما كان يسميهم.
ومما اتذكره من كتاباته حكاية عنوانها (مديركم شعرضه؟) تقول تجمع المواطنون في أروقة الدائرة بانتظار تمشية معاملاتهم المتأخرة. وفجأة جاء الفراش يركض وهو يصيح بهم: وسع .. وسع وصل المدير العام. فتزاحم المراجعون وهم يتدافعون الى الوراء، فصاح به رجل كبير السن: عمي يالفراش على كيفك ويانه .. جاهوه مديركم شعرضه؟
وفي عمود آخر يشرح أبو كاطع الفارق بين الهافي والمتعافي فيقول أن المتعافي هو الشخص الغني والشبعان وصاحب الجاه والنفوذ. أما الهافي فهو حديث النعمة وغير المصدق بما وصل إليه من جاه ومال فجأة وبضربة حظ.. أو بطيحان حظ.. وكما اعتقد أن من بين اولئك العديد من اصحاب السيارات ذات الزجاج المظلل!