الهايبرلوب.. وسيلة النقل المستقبلية

1٬111

رفاه حسن /

منذ طفولتنا وحتى يومنا هذا شاهدنا كثيراً من الأفكار الغريبة والتكنولوجيات الحديثة التي قدمتها شركات أفلام الكارتون العالمية، ديزني وغيرها. وكانت تلك الغرائبيات تبدو للعالم ضرباً من الخيال مثل الذهاب إلى الفضاء والسيارات الطائرة وأخيراً، وليس آخراً، نقل الأشياء والأشخاص خلال أنابيب بشكل منفرد أو عن طريق مقصورة كما في القطارات.
ويبدو أن كل هذا أصبح اليوم واقعاً ملموساً بعد أن كان مجرد فكرة خيالية في أفلام الرسوم المتحركة. هذا قدمته لنا التكنولوجيا، أو كما يمكن أن نسميها بالقوة السحرية التي حولت أفلام ديزني إلى واقع.
تكنولوجيا (الهايبرلوب) هي تكنولوجيا حديثة في مجال نقل المسافرين والبضائع التي تعد طفرة في هذا المجال من ناحية السرعة التي حققتها هذه التقنية. أول من أعلن عنها هو المخترع الملياردير ملك التكنولوجيا، كما يسمي نفسه، (إيلون ماسك)، فلقد طرح الفكرة عام 2016 ووضعها بين يدي العالم لتنفيذها، إذ أن تكنولوجيا (الهايبرلوب) مفتوحة المصدر، وبذلك يستطيع أي شخص أو مؤسسة في أي مكان بالعالم أن ينفذها – إن كان يمتلك المال الكافي لذلك- أو أن يطورها. لقد أعلن ماسك في ذلك الوقت أنه غير قادر على تنفيذ هذا المشروع لانشغاله الشديد مع شركتيه Tesla و SpaceX ومشاريعه الأخرى، وقد جرى إنشاء شركات خاصة للعمل على تنفيذ هذا المشروع منها شركة Hyperloop One، Hyperloop Transportation Technologies و TransPod.
أما المبدأ الذي تعمل على أساسه هذه التكنولوجيا فهو بسيط إلى حد ما، إذ يجري استعمال أنابيب مغلقة بإحكام ومفرغة من ضغط الهواء من أجل تقليل مستوى الاحتكاك وارتفاع الحواف (طوافها) على وسادة هوائية في الفراغ الذي في داخل الأنابيب، وبذلك تتمكن المقصورة أو الكبسولة من التحرك بسرعة خيالية تترواح بين 600-700 ميل في الساعة في حين أن اقصى سرعة تصل إليها القطارات السريعة هي 200 ميل في الساعة، وهي بذلك تكون أسرع بمقدار ثلاث مرات من القطارات السريعة، وأسرع بمقدار عشر مرات من القطارات العادية. وللوصول إلى هذه السرعة التي تفوق سرعة الصوت يجب أن تبنى الأنابيب الناقلة على خط مستقيم. بعض الدراسات تفضل أن يتم إنشاء هذه الأنابيب بالحفر تحت الأرض، ولاسيما في المناطق التجارية والسكنية، وبعضها الآخر يفضل بناءها معلقة على ارتفاع معين فوق الأرض.
وبالنظر لضخامة هذه التقنية فلابد من التفكير بحجم الاستثمار المطلوب لتنفيذ هذا المشروع. يعتقد بعض المهتمين أن هذه التكنولوجيا مكلفة جداً، ولا يمكن إنكار ذلك فالتكلفة الأولية لها كبيرة حقاً، لكن تكلفة التشغيل والصيانة لتكنولوجيا (الهايبرلوب) هي أقل بكثير مما يحتاجه خط القطارات السريعة التقليدي.
لهذه التكنولوجيا مميزات كثيرة، ففضلاً عن سرعتها العالية فإن كبسولات (الهايبرلوب) تعمل بالتيار الكهربائي، وهي بذلك تكون صديقة للبيئة بعيداً عن النفط ومشتقاته، فضلاً عن أن كل كبسولة ستكون مزودة ببطارية ليثيوم، وبذلك لن تتأثر بانقطاع التيار الكهربائي، وستكون دائماً قادرة على إنهاء رحلاتها في وقتها المحدد. إن العواصف والأمطار والظروف الجوية لن يكون لها تأثير يذكر على خدمات (الهايبرلوب) لأن الكبسولات ستكون بمأمن داخل الأنبوب.
على الرغم من أن الفكرة قد تبدو خيالية حتى وقت قريب، لكنها ليست جديدة، فبعض الدراسات تظهر أن فكرة النقل الفراغي طرحت أول مرة قبل مئة عام حين قدم المهندس البريطاني (إسامبارد كينجدم برونيل) مشروعه الرائد في مجال النقل الفراغي وحقق تجربة لنقل العربات باستعمال الهواء المضغوط في نهاية القرن التاسع عشر. يذكر أن متحف برونيل في بريطانيا ما يزال يحتفظ بالنموذج الأولي الأصلي. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة إلا أن المشروع توقف ولم يعد إلى الحياة حتى أعاد إحياءه (إيلون ماسك).
كثير من الدول تسعى اليوم للاستثمار في هذه التكنولوجيا لما لها من تأثير كبير على مستقبل النقل والمواصلات في العالم، من بين الدول التي تعمل اليوم على تنفيذ هذا المشروع دولة الإمارات العربية المتحدة وسلوفاكيا بالإضافة إلى كوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي ادركت أهمية هذه التقنية القادرة على اختصار الرحلة من واشنطن إلى الصين في وقت أقصر بكثير مما كانت تستغرقه الرحلة التقليدية. ومن المتوقع أن تكون هنالك رحلات تجارية في عام 2030 وستكون أسعارها بنحو 60 للرحلة، ويعد هذا سعراً باهظاً للنقل اليومي، لكن سيتم تقليل هذه التكلفة لاحقاً لتتناسب مع حاجة الناس.