حقائب السفر.. والتكنولوجيا الحديثة
ترجمة: ثريا جواد /
في عام 1972 فكّ مدير أمتعة أميركي أربع عجلات من خزانة ملابس وثبّتها في حقيبة سفر، ثم وضع عليها حزاماً ودار بها سعيداً حول منزله وكانت تلك هي الطريقة التي اخترع بها (برنارد سادو) أول حقيبة سفر ذات عجلات في العالم.
اختراع العجلة
حدث ذلك بعد نحو 5000 عام من اختراع العجلة، وبالكاد بعد عام واحد من تمكن ناسا من وضع رجلين على سطح القمر باستخدام أكبر صاروخ بُنيَ على الإطلاق. “لقد قدنا عربة جوالة كهربائية ذات عجلات على جسم سماوي أجنبي، بل اخترعنا عجلة (الهامستر)، فلماذا استغرقنا وقتاً طويلاً في وضع عجلات لحقائب السفر؟”
لقد أصبح هذا شيئاً من الغموض الكلاسيكي للابتكار. وقد ناقش الاقتصادي (روبرت شيلر)، الحائز على جائزة نوبل، هذه المسألة في كتابين مختلفين (الاقتصاد السردي والنظام المالي الجديد)، وهو يقدم مثالاً نموذجياً عن كيف يمكن للابتكار أن يكون عملاً بطيئاً جداً.
– (نسيم نيكولاس)، طالب مشهور عالمياً، فكر ملياً في اللغز بعد أن حمل حقائب ثقيلة عبر المطارات ومحطات السكك الحديدية لسنوات، أذهله قبوله المطلق للوضع الراهن، يرى أن الحقيبة المتدحرجة على أنها حكاية، وقد تبدو التكنولوجيا، مثل وجود عجلات على الحقائب، واضحة في الإدراك المتأخر والابتكار.
وغالباً ما يبدو الاختراع المتأخر للحقيبة السيّارة بمثابة تحذير، وإلى حد ما تذكير بحدودنا في الابتكار، “لقد عثرت عليه بالصدفة عندما كنت أبحث في كتابي عن المرأة والابتكار حين وجدت صورة في أرشيف الصحف لامرأة ترتدي معطفاً من الفرو تسحب حقيبة على عجلات، ما جعلني أتوقف في مساراتي، لأنه كان من عام 1952 قبل 20 عاماً من (الاختراع) الرسمي للحقيبة السيّارة، مفتوناً، ظللت أبحث ولكن سرعان ما ظهرت قصة مختلفة تماماً عن حدودنا نحن المبتكرين.”
الحمّال المحمول
ولدت الحقيبة الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر عندما انطلقت السياحة الجماعية لأول مرة، وقد امتلأت محطات السكك الحديدية الكبيرة في أوروبا بالحمّالين، الذين كانوا يساعدون الركاب في حمل حقائبهم، لكن بحلول منتصف القرن العشرين تضاءل عدد الحمّالين وحمل الركاب أمتعتهم بأنفسهم. ويمكن العثور على إعلانات للمنتجات التي تطبق تقنية العجلة على الحقيبة في الصحف البريطانية في وقت مبكر من الأربعينيات، هذه ليست حقائب على عجلات بالضبط، لكنها أداة تُعرف باسم (الحمّال المحمول)، وهو جهاز بعجلات يمكن ربطه بحقيبة السفر.
وفي عام 1967 كتبت امرأة من (ليسيستر شاير) رسالة شديدة اللهجة إلى جريدتها المحلية تشكو من أن قائد الحافلة أجبرها على شراء تذكرة إضافية لحقيبة السفر الخاصة بها، وجادل قائد القطار بأن “أي شيء على عجلات يجب أن يُصنف على أنه عربة دفع.” واستفهمت عما كان سيفعله إذا صعدت إلى الحافلة مرتدية أحذية التزلج هل ستتم محاسبتها على أنها راكبة أم عربة أطفال؟
سادو.. المخترع الرسمي للحقيبة السيارة قال: اعتاد الرجال على حمل أمتعة زوجاتهم، وكان هذا الشيء الطبيعي الذي يجب أن يحدث، وافترضت الصناعة حينها أن النساء لن يسافرن منفردات أبداً، وإذا سافرت المرأة فإنها تسافر مع رجل يحمل حقيبتها لها، واستغرق الأمر أكثر من 15 عاماً حتى أصبح الاختراع سائداً وقتها.
السينما وحقائب السفر
في عام 1984 ظهر فيلم (مغازلة الحجر) Romancing the Stone من بطولة مايكل دوغلاس وكاثلين تيرنر، وبدت فيه الحقيبة المتدحرجة شيئاً أنثوياً سخيفاً، وتصر كاثلين على إحضار حقيبتها ذات العجلات إلى الغابة، ما أثار انزعاج دوغلاس الذي يحاول إنقاذهم من الأشرار بينما يتعقبون الزمرد الأسطوري العملاق، وفي عام 1987 ابتكر الطيار الأميركي روبرت بلاث حقيبة المقصورة الحديثة وقلب حقيبة (سادو) القديمة على جانبها وجعلها أصغر.
في الثمانينيات بدأ المزيد من النساء في السفر بمفردهن، دون أن يحمل رجل أمتعتهن، إذ حملت الحقيبة ذات العجلات معها حلم تنقل أكبر للنساء، وشيئاً فشيئاً أصبحت الحقيبة المتدحرجة سمة من سمات ترسانة رجال الأعمال الحديثة.