المستعصم بالله… آخر خلفاء الدولة العباسية
عامر جليل ابراهيم – تصوير: حسين طالب /
اشتهرت الأعظمية وأخذت تسميتها من مسجد ومرقد الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، لكنها تضم العديد من المراقد التاريخية ومن بينها مرقد المستعصم بالله حيث يقع هذا المسجد قريباً من شارع عشرين في محلة النصة.
مجلة الشبكة العراقية زارت المرقد والمسجد الآثري لتسليط الضوء على تفاصيله والتقت السيد الحاج قصي خليل ابراهيم مدير قسم الاضرحة في دائرة الاضرحة والمقامات السنية في ديوان الوقف السني.
يقول الحاج قصي خليل ابراهيم: إن أبا عبد المجيد “المستعصم بالله” عبد الله بن منصور المستنصر بالله (1213 – 656 هـ /1258) كان آخر خليفة عباسي في بغداد، حكم بين عامي 1242 و1258 بعد أبيه المستنصر بالله.
قصته مع العلقمي
وفي عام656 هـ /1258، غزا المغول الدولة العباسية تحت قيادة هولاكو خان. بعد أن سقطت بغداد في أيديهم، أعدم هولاكو المستعصم بعد أن قام مؤيد الدين بن العلقمي بمساعدة المغول في خطتهم حيث استطاع بحكم منصبه كوزير دولة أن يحث على صرف جيش المستعصم بذريعة أمن البلاد والعباد، وبسبب جهل المستعصم صرف الجيش ولم يَبْقَ في آخر أيامه إلا عشرة آلاف مقاتل، مما كان سببا في دخول جيش هولاكو بغداد وقتل مليون وثمانمئة ألف مسلم، وقُتِل المستعصم وانتهت الخلافة العباسية ببغداد.
الحزم واليقظة
الحاج ابراهيم بيّن أن المعتصم بالله كان كريما حليما سليم الباطن حسن الديانة. قال عنه الشيخ قطب الدين: كان متدينا كأبيه وجده ولكنه لم يكن مثلهما في التيقظ والحزم وعلو الهمة، وكان للمستنصر أخ يعرف بالخفاجي يزيد عليه في الشجاعة والشهامة، وكان يقول: إن ملّكني الله الأمر لأعبرن بالجيوش نهر جيحون وانتزع البلاد من التتار واستأصلهم، فلما توفي المستنصر لم ير الدويدار والشرابي والكبار تقليد الخفاجي الأمر وخافوا منه، وآثروا المستعصم للينه وانقياده ليكون لهم الأمر فأقاموه.
تراجع الخليفة المستعصم عن موقفه، فبعث بابنه وولي عهده إلى هولاكو لمفاوضته، فطلب هولاكو منهم إلقاء السلاح وخروج جيش الخليفة بأكمله من بغداد إلى معسكر المغول بدون سلاح، وهناك حنث هولاكو بوعده وقام بقطع رؤوس عشرات الألوف من الضباط والجنود على مرأى من سكان بغداد وولي العهد المعظم.
دخل هولاكو بغداد فوجد حوضا من الذهب الأحمر الخالص في ساحة القصر.. يقول المؤرخ الهمذاني: “وقصارى القول إن كل ما كان خلفاء بني العباس قد جمعوه خلال خمسة قرون وضعه المغول بعضه فوق بعض فكان كجبل على جبل”.
مقتله
ويضيف الحاج مدير قسم الاضرحة: اتخذ أحد قُواد المغول مقرّ معسكره بإزاء باب كَلْوَذَا الذي هو اليوم في منطقة الباب الشرقي، وجيء بالمستعصم إلى ذاك المعسكر. وعندما قبض هولاكو على الخليفة قيل لهُ إنه لو قتله وأريقت دماؤه على الأرض فستحدث كوارث عظيمة، فأمر هولاكو بأن يوضع الخليفة في جلد بقر وأن يضرب بداخله حتى يموت.
وكان يوم مقتلهِ يوم الأربعاء 14 صفر وقد أخذه المغول أسيراً وكانوا يهابون قتلَه أولا ثم هون عليهم ابن العلقمي والنصير الطوسي قتلَه، فقتل رفساً وقيل بل خنق وقيل بل أغرق، ولا يعلم حقيقة كيف كان قتلُه ودُرِس قبره، وكان عمرهُ يومئذ 46 سنة وأربعة أشهر، ومدة خلافتهِ 15 سنة وثمانية أشهر، وبمقتلهِ انتهى عصر الدولة العباسية.
ضريح المستعصم بالله
ووصف الحاج مدير قسم الاضرحة مسجد المستعصم بأنه من الأبنية الأثرية المهمة في بغداد، ويقع هذا المسجد قريبا من شارع عشرين في حي الأعظمية، في محلة النصة، وهو يحوي قبر الخليفة المستعصم بالله بن المستنصر الهاشمي العباسي من خلفاء الدولة العباسية، الذي ولد عام 609 هـ، وتوفي عام 656 هـ، حيث أجريت عملية تنقيب في موقعهِ عام 1993م، ولقد عثر المؤرخ عماد عبد السلام رؤوف على شاهد القبر وجرى تجديد المرقد والمسجد وبنائه عام 1426هـ/2005م، وتبلغ مساحة البناء 1000م2، ومساحة حرم الجامع 300م2، وبني مبنى المسجد بعمارة حديثة، وأعيد بناء المقام وبنيت له غرفة خلف الحرم؛ يفصل بينه وبينها بساحة طارمة كما بني في المسجد غرفة للإمام ومرافق منوعة بأسلوب حديث، ويتسع المسجد لأكثر من مئتي مصلٍ، وتقام فيهِ حاليا الصلوات الخمس فقط، وهو في طور الصيانة والادامة كتبديل أرضية المرقد من المرمر والونكس الايطالي وإدامة قبة القبر وصيانة الحرم الداخلي للصلاة بتوجيه من قبل ديوان الوقف السني وإشراف دائرة المراقد والمقامات السنية.