الفنانة انتصار.. ذاكرة السينما أقوى من ذاكرة الفيديو
محسن حسن /
فنانة شاملة، وضعت بصمتها الفنية الأولى عبر السينما، وخاضت تحديات الدراما عبر أدوارها المركبة والصعبة في أعمال تليفزيونية متميزة، لم يمنعها خوف التحدي والجمهور من إثبات جدارتها وموهبتها التمثيلية فوق خشبة المسرح، كما دفعها حنينها إلى الميكروفون لاكتشاف قدراتها الصوتية وخبراتها الحوارية كمذيعة ومقدمة برامج، ترى في شمولية الفنان كنزاً ثميناً، وفي عزوبيته خطراً داهماً على توازنه النفسي ومستقبله الإنساني.
تربت على فنون الأبيض والأسود، وتعلمت اكتساب الخبرة من طول العشرة مع أهل الفن، قديماً وحديثاً، لا تعترف بخطوط حمر فنية، إلا وفق معايير النقد المدروس، وأسس الخضوع للرقابة والمصنفات.
*كيف بدأتِ مشواركِ الفني.. وهل البداية كانت سينمائية أم تليفزيونية؟
-بدايتي الحقيقيه كانت سينمائية من خلال فيلم (المقامر ) مع هشام عبد الحميد و أشرف عبد الباقي ورانيا فريد شوقي، ثم فيلم (قليل من الحب كثير من العنف)، من إخراج رأفت الميهي، ثم كانت البداية التليفزيونية من خلال مسلسل(تفاحة) ثم (حلَّق حوش) من إخراج محمد عبد العزيز، ثم مسلسل (راجل وست ستات ) من إخراج رأفت الميهي.
*هل البداية مع السينما مختلفة عن البداية مع التليفزيون؟
-البداية السينمائية هي الأقوى لأي فنان على جميع المستويات، سواء الفنان أو الكاتب أو المخرج؛ وذلك لأن السينما لها ذاكرة مستمرة، في حين تبقى ذاكرة الفيديو ضعيفة لا يمكن مقارنتها بذاكرة السينما. كما أن البداية السينمائية دوماً تكون أصعب وتمثل تحدياً كبيراً لأي ممثل؛ لذلك فالنجاح السينمائي هو الأعلى بالطبع.
*ما الأعمال الفنية التي تنشغلين بتصويرها حالياً؟
-أصور الآن مسلسل (أولاد عابد) من تأليف(سماح الحريري) و إخراج (أكرم فريد) وسيتم عرضه في رمضان المقبل على شاشة الــــــــ mbc، وفيه أقوم بدور(جميلة) الابنة الكبرى لـــ( الحاج عابد المصري) تاجر السيراميك، وتدور الأحداث حول الأسرة والمشاكل المعتادة حول السيطرة والميراث، و تدخل جميلة في صراع لإثبات مكانتها بين أخواتها وللحفاظ على حقها في ثروة أبيها، كما يعرض الآن لي مسلسل (ستات بيت المعادي) على osn وهو مكون من ١٢ حلقة عن عمل أجنبي مترجم، كما أشارك في مسرحية (في انتظار بابا) إخراج سمير العصفوري على المسرح القومي، و يشاركني البطولة سماح أنور و أحمد سلامة و مفيد عاشور وآخرون.
*ما العمل السينمائي الذي أحسست معه بالوصول إلى درجة من النضج الفني والمهني؟
-فيلم (واحد صفر) من أحلى الأفلام التي قمت بتمثيلها؛ إذ تجمعت له عوامل عدة جعلته من أفضل أدواري، أولاً علاقة الصداقة بيني وبين مخرجة الفيلم (كاملة أبو ذكري)،ثم طبيعة شخصية (البلانة هدى) كأم، وعلاقتها بابنها علي(أحمد الفيشاوي) وما يمثله أداء الدور لهذه الشخصية من تحد كبير، إلى جانب طاقم العمل المتميز إلهام شاهين وخالد أبو النجا ونيللي كريم وعفاف مصطفى وحسين الإمام، وغيرهم، كان الدور مركباً وصعباً لكن أديته بنجاح كبير والحمد لله.
*من خلال تجربتك في (راجل وست ستات)، هل نجحت مسلسلات (الست كوم) في مصر ؟
– هذا المسلسل من أنجح مسلسلات الست كوم، لدرجة أننا عملنا منه عشرة أجزاء، و لم يحدث من قبل في أي دراما ست كوم، أو أية دراما عربية، أن استمرت سلسلتها ناجحة كما هو الحال بالنسبة لهذا العمل، وقبل ذلك عملنا (ليالي الحلمية) خمسة أجزاء فقط، وإلى الآن المسلسل ناجح جداً، ويشاهد بنسبة عالية جداً.
*-هل أضافت لك تجاربك مع الدراما قدرات فنية مختلفة؟
-العكس هو الصحيح؛ فتجاربي في الحياة هي التي أضافت النضج والثراء إلي أدواري في الدراما؛ لأن الفنان في الأصل عبارة عن تجربة ذاتية، وخبرته هي التي توثر في أدائه الفني، وطبعاً الموهبة هي الأساس، و هي هبة من الله يعطيها لمن يشاء، الى جانب القبول من الناس بكل تأكيد.
* لماذا اخترت الدخول إلى عالم البرامج التليفزيونية؟
-أنا لم أختر الدخول إلى مجال البرامج التليفزيونية، ولكن المجال هو الذي اختارني، فمنذ بداياتي الفنية المبكرة وأنا لدى ميول إذاعية، وأنا محبة للميكروفون وبيني وبينه علاقة عشق خاصة، لذلك سجلت للعمل في الإذاعة رغم انشغالي بالسينما والدراما، وهذا كله فتح لي باب التقديم التليفزيوني، فبدأت ببرنامج(كاريزما) ثم برنامج(فابريكانو) الذي حصلت من خلاله على جائزة أحسن مذيعة في كل الأعمال الرمضانية خلال موسم عرض البرنامج، وهو برنامج تستمر مشاهدته حتى الآن، ثم قدمت برنامج(نفسنة)، وبرنامج (بيت ريا وسكينة).
-* ما رأيك في توظيف عنصر الإغراء في السينما.. هل هناك مبالغات في هذا التوظيف؟
-مصطلح الإغراء غير محدد، ومثله مصطلح السينما النظيفة وأفلام المهرجانات والأفلام التجارية وما شابه، وهي مصطلحات استهلاكية لافائدة من ورائها داخل إطار مهنة التمثيل، ولم يسبق تناولها بين نقاد السينما، ولا حتى بين الصحفيين قديماً عندما كانت الأعمال الفنية لا تخلو من القبلات والمايوهات، ما أفهمه هو أن كل الأعمال الفنية ونصوصها تخضع للرقابة من قبل المصنفات الفنية وفق معايير متعارف عليها بين أهل التخصص، لذا علينا أن نحكم على أي عمل فني فقط من خلال الممثلين، الإضاءة، الملابس، وحجم تأثيره في المشاهد، وفائدة موضوعه بالنسبة للمجتمع.
* من هي الشخصيات الأكثر تأثيراً في مشوارك الفني؟
-الشخصيات الأكثر تأثيراً في مشواري هم ممثلو الأبيض والأسود، فأنا عاشقة لتمثيل محمود مرسي وسعاد حسني وصلاح ذو الفقار وشادية وعمر الشريف، فهؤلاء جميعاً تأثرت بتمثيلهم وأدائهم كثيراً، وهناك ممثلون وممثلات آخرون تأثرت بتجرتهم الشاملة مثل تجارب الفنانين: مديحة يسري وصلاح ذو الفقار وماجدة الصباحي وفريد شوقي ونور الشريف، من حيث قيامهم بالإنتاج لأنفسهم.
-* ما تقييمك للجيل الجديد من الممثلين الشباب؟ وهل هناك تواصل بين أجيال الفن في مصر؟
-تواصل أجيال الفنانين المصريين حاضر على الدوام، فالجيل القديم سلم المجال لمن بعده مثل نبيلة عبيد ونادية الجندي وفاروق الفيشاوي وحسين فهمي وعزت العلايلي ونور الشريف، ثم تسلم الجيل بعدهم كريم عبد العزيز وأحمد عز ومنى زكي وحنان ترك، مروراً إلى الجيل الجديد الصاعد مي عز الدين وآخرين، فالتواصل موجود، والفن عموماً لعبة جماعية، وتقييمي للجيل الجديد أنهم أقوياء جداً في المهنة، فنحن نحصد مهارات أكثر من مئة عام من سنوات السينما، وقبلها سنوات المسرح؛ لذا فالمهنة عريقة جداً في مصر وترتكز إلى أسس مهنية متينة.
* برأيك هل عزوبية الفنان والفنانة تؤثر سلباً في المشوار الفني؟
– في رأيي أن الفنان (مذكر أو مؤنث) يجب أن يكوّن أسرة وعائلة، فليس من الجيد أن يعيش أغلب فترات حياته خارج نطاقه الأسري، لأن الأسرة من أهم معايير ووسائل الصحة النفسية والاستقرار، ولكي يحقق الفنان التوازن النفسي يجب أن يعيش كما يعيش الناس، لا أن يحيا في جزيرة منعزلة عن المجتمع، ولاسيما أن كل مجهود الفنان يرتكز على جهازه العصبي، فهو يخرج من تجسيد شخصية لتجسيد شخصية أخرى، وهو ما يحتاج لمجهود خرافي لا يمكن إفراغ طاقاته السلبية إلا داخل أسرة.
* على مستوى الفن كمهنة، من الذي يعاني أكثر الممثل أم الممثلة؟ ولماذا؟
-الممثلة هي التي تعاني أكثر من الممثل؛ لأنها في النهاية امرأة، والمرأة ضعيفة بطبيعتها، وهي إلى جانب عملها الفني دائماً مطالبة بأداء دورها الطبيعي في الحياة الواقعية والعملية بعيداً عن الفن، من تكوين أسرة وإنجاب أطفال ورعايتهم، وفي النهاية تكون مطالبة بامتلاك سيرة مهنية وفنية ناجحة وكذلك بيت ناجح، وعندما تناديها أمومتها فإنها تضطر إلى التخلي عن مسيرتها المهنية، ولو مؤقتاً.
* في الختام، هل زرت العراق من قبل؟ وما طبيعة علاقاتك مع الوسط الفني العراقي؟
-نعم، زرت العراق مرات عدة كما زرت أربيل، وكان العراق وقتها يحتفل احتفالاً كبيراً بكون بغداد عاصمة للثقافة العربية، وهي كذلك في كل وقت حقيقة، وهذا البلد جميل جداً وإن شاء الله يعود أقوى مما كان سابقاً بانتظام أهله واجتماعهم على قلب رجل واحد.