برودة أعصابه تستفزني!
فكرة الطائي /
لم يكن لأحد أن يتصور أن يتطور الخلاف بين شذى حسين، الموظفة التي اقترنت بشريك حياتها، وزوجها، بعد قصة حب دامت لسنوات في مرحلة الجامعة، فقد أحبت فيه هدوءه واتزانه وعدم انفعاله، وتلك بعض صفات زوجها عماد جواد، وهو موظف حالياً.لكن ما الذي تغير بعد كل هذه السنوات، ودفعها إلى طلب الطلاق؟
أسئلة كثيرة دارت في فكر كل من يعرف الزوجين وعن سر التحول المفاجئ الذي قلب الحب إلى كراهية، أو عدم تقبل الآخر، الأمر الذي كاد أن يؤدي إلى الانفصال.
وقف أكثر الأصدقاء والمعارف حائط صد في وجه رغبة الزوجة، التي لم تعد تتحمل برودة أعصاب الزوج، لأن غالبية من تدخل لتسوية المشكلة، لم يقتنعوا بمسوغات الزوجة وعدّوا سبب طلب الطلاق أمراً من باب البطر، أو أنها تريد أن “تخرب عشها بيدها”، كما يقولون. حتى أقرب المقربين إليها لم يقتنعوا بالكثير مما قدمته من مسوغات لتجاذبات ومشاكلات حصلت من جراء برودة أعصاب زوجها، بينما تفهموا وجهة نظر زوجها عماد، الذي كان يحاول الحد من انفعالها في أمور بسيطة حفاظاً على وحدة بيته وعائلته.
الهمة وعدم التكاسل
تقول إيناس عبد الواحد – موظفة: “كثيراً ما يزعجني زوجي ببرودة أعصابه في المواقف التي تتطلب الحسم أو موقف آني، كما أتصور أنا، وهو الأمر الذي يستفزني ويثير أعصابي، لأني أنظر إلى الحياة بكونها مليئة بالواجبات والمهمات اليومية التي تتطلب منا السعي بهمة ومن دون تردد وتكاسل، فالفرصة تأتي مرة واحدة وقد لا تتكرر، ولابد لنا من سبق الزمن من أجل تحقيق ما نصبو إليه، وهذه الأمور تحتاج إلى حرارة المشاركة بين الزوجين، ومن أفراد العائلة كلها، إذ لا يمكن لفرد في العائلة أن يتحمل كل شيء فيما الآخر يضع يده في الماء البارد.”
زوجي يتجاهلني
هل هي حكمة من الزوج أم تهرب من المواجهة ؟ هذا ما كنت أفكر فيه وأنا أستمع إلى رأي السيدة غنية حسين – تربوية، التي قالت لي: “أنا لا أعرف لماذا يتصرف زوجي ببرود ويتجاهلني كلما حدث شجار بيننا، الأمر الذي أحسه من أسوأ أساليب التعامل بين الزوجين، وهذا الأمر لو كان في بيتنا فقط لكنت قد تجاوزته، لكنه بات سلوكاً خارج البيت أيضاً، حتى عند زيارتي لأهلي، فإذا ما حدثت مشادة كلامية بيني وبين أخواتي أو أخي، فإنه لا يتدخل في مساندتي ولو بكلمة، وإنما يلتزم الصمت تماماً، حتى وإن صرخت في وجهه طالبة منه رأياً أو موقفاً لما يحدث أمامه، لكنه يكتفي بجملة: أنتم أهل وهذا أمر بينكم لا أتدخل فيه “.
لا أشجع على الانفعال..
يقول وليد رائد – موظف: “كلما اختلفنا، أنا وزوجتي، في أمور بيتية، أتجنب العصبية وعلو الصوت، لكي لا أشجع على الاستمرار في التصعيد للمشكلة ومحاولة الحد منها في خروجي من البيت لترك الأمور تهدأ نسبياً بعد أن تخف حدة التوتر.”
فيما ترى شفاء كاظم – ربة بيت “أن برودة أعصاب أي طرف من الزوجين أثناء المشكلة تعد تصرفاً حكيماً لتجنب الانفعال والغضب وعدم -صب الزيت على النار- كما يقال، إذ أنه في نهاية الأمر تعود الأمور إلى طبيعتها بفضل هدوء وحكمة أحد طرفي المعادلة الزوجية.”
أشكو همي لمن حولي ..
السيدة نوال عباس – ربة بيت قالت “أحب إنجاز كل شيء في حياتي بسرعة وعدم التكاسل، في حين أن زوجي لا يهتم بالأمور البيتية سواء أنجزت أم لم تنجز، وهو أمر يزعجني على الدوام ويرسم ملامح الغضب وعدم الرضا على وجهي، فتبدأ المشكلة التي قد تصل إلى حد الخصام “.
البرود مصدر شك !
“برودة أعصاب زوجي وصمته وعدم اهتمامه بمن حوله، تدفعني إلى الشك في تصرفاته،” هكذا بدأت السيدة نغم كريم – موظفة وواصلت: “لو انقلب البيت رأساً على عقب، وتصاعد صراخ الأولاد في البيت وأشتد شجارهم، فإن زوجي لن يحرك ساكناً وكأنه في برج عاجي، لا يسمع ولا يرى، ما يجعلني أشعر بأني وحيدة في هذا البيت وبلا شريك يشاطرني تعبي من أجل العائلة.”
في حين يقول إيهاب عبد الهادي إنه “يعد امتلاكه لبرودة الأعصاب، التي يستخدمها -كنهج حياتي- في علاقته الزوجية، عنصراً مساعداً للتخفيف من حدة عصبية وانزعاج شريكة حياته لما تحمله من مسؤوليات منزلية، وما تفرضه من روتين في الواجبات اليومية المتكررة.”
تقول الباحثة الاجتماعية إيمان الراوي إن “مسألة برود أعصاب الرجال وعدم مبالاتهم في كثير من الأمور التي تثير اهتمام الزوجة وأحيانا غضبها، تعد مشكلة حقيقية، وهي بالفعل تستفز غالبية النساء، لكن الأمر الجيد أن نسبة هذا النوع من الرجال قليلة.”
وفي الواقع، تضيف الراوي: “لا يمكننا هنا سوى أن ندعو الزوجة إلى التحلي بالصبر، وتفهم طبيعة زوجها وبرودة أعصابه إزاء مشكلات تشغل العائلة وتتطلب منه موقفاً حاسماً، وأحياناً حازماً، وبالطبع فإن الزوجة ينبغي أن تعمل على محاولة تغيير سلوك زوجها، لكن عليها أن تدرك أن تغيير الطباع ليس أمراً سهلاً ويحتاج الى المزيد من الوقت.”
تستدرك الراوي: “لكن أفضل ما يمكن قوله هنا أن تنظر الزوجة الى الجوانب الإيجابية في زوجها، وأن لا تنشغل فقط بهذا الجانب السلبي، فمن المؤكد أن ثمة أشياء جميلة في شريك عمرها، قد تخفف عنها هذا الأمر المستفز، أشياء تحسدها عليها أخريات يتعاملن مع رجال متهورين ومنفعلين لأتفه الأسباب.”