ازرعوا الأمل في نفوس أبنائكم
فكرة الطائي/
تشتد الحاجة الى فاعلية الأسرة الإيجابية إبان الأزمات، ولاسيما في الحفاظ على الأولاد ورسم المسارات المستقبلية لحياتهم في ضوء تجارب الوالدين وما يطمحون اليه من مستقبل مشرق بهي لأبنائهم.
وتعد هذه المهمة من أصعب المهمات الأسرية، ففي البلدان المستقرة مجتمعياً وسياسياً، تكون الأهداف والخطوات واضحة ولا تخضع للظروف، وإنما لاجتهاد الفرد في تحقيق طموحاته المستقبلية وما يريد أن يكون عليه، فهناك شباب يسعون الى تحقيق طموحاتهم العلمية أو طموحاتهم الحِرفية وتطوير مهاراتهم في مشاريع خاصة مستقلة عن النشاط العام للدولة، أو طموحات رياضية وفنية وإبداعية.
زراعة الأمل
تتحمل الأسرة العراقية أعباء كبيرة، وتبذل جهداً كبيراً في بناء الروح المتفائلة لدى الأولاد، وزارعة الأمل في المستقبل الذي يحقق الرفاهية لأبناء الشعب عموماً.
في هذا الصدد يقول باسم رضا – رب أسرة – “عشنا حياة صعبة وسنوات مرة من حروب وحصار وضنك عيش وبؤس اجتماعي، لكن كل ذلك لم يفقدنا يوماً الأمل في حياة أفضل، لا ننتظر أن تحققها لنا أنظمة جائرة، وإنما سعينا الى ذلك بجهود فردية مع إسناد الأسرة. ما مررنا به سابقاً من واقع مأساوي بائس، تركته خلفي بوصفه ماضياً لا أريد العودة الى استذكاره.”
يضيف: “بقدر ما أريد أن أعزز وأزرع النظرة الإيجابية لدى أولادي في الحياة الآن وفي المستقبل، على الرغم مما أراه من نبرات التذمر في بعض أحاديثهم، لا أكرر الحديث عن حياتنا ومعاناتنا، وإنما أتخذ من ذلك حافزاً في الحديث معهم عن ما هو مشرق وإيجابي في حياة اليوم، وما نقوم به كأسرة متفاعلة بعضنا مع بعض لخلق مستقبل يليق بنا.”
إيمان وأمل
الى ذلك، تؤكد حسناء عباس – موظفة – “أسعى دائماً الى غرس الإيمان في نفوس أولادي، لأني أؤمن إيماناً مطلقاً بأن قوة الإيمان وتمسكنا به يزرعان ويعززان الأمل في مستقبل مشرق، ما يبعدنا عن الوقوع في دائرة اليأس مهما تعرضنا الى ضغوطات اجتماعية، أو اقتصادية، أو نفسية.”
فيما قالت الآنسة أسيل حسام – طالبة جامعية “الشباب هو ربيع العمر، وهو نقطة الانطلاق في رسم المسارات الصحيحة للحياة المستقبلية، وكلما كانت الخطوات مدروسة دراسة معمقة مع أفراد العائلة جميعاً، فإن نصيب النجاح وسداد الخطوات يكونان أكبر مما لو اتخذت تلك الخطوات بشكل فردي، لأنها قد لا تحظى بدعم العائلة في حال تعثر تلك الخطوات في بعض مفاصلها العملية، إذ أن مرحلة الشباب تعد مرحلة مليئة بالأمل والتفاؤل، ولابد من تعزيز هذه النظرة الإيجابية لتحقيق الطموحات والأحلام والمسارات الصحيحة في الحياة.”
الأمل أكبر حافز للنجاح
من جانب آخر، يقول نعمان محمد علي – رب أسرة “الحقيقة أننا مررنا بظروف صعبة وقاسية وتعيسة في ظل نظام استبدادي تعسفي سعى الى حرماننا من أبسط شروط الحياة، لكننا لم نستسلم أو نيأس، وإنما ابتكرنا وسائل لمواصلة الحياة والعيش الكريم خارج خيمة السلطة، وبقينا نتمسك بالأمل في التغيير وزوال ذلك الكابوس، لكي نتنفس هواء الحرية، وتحقق هذا الأمل، ونحن نعيشه اليوم، وكان لابد لنا من أن نحكي لأولادنا عن كل ما مر بنا من مصاعب ومآسٍ وأحزان لكي يصمدوا أمام الصعاب ويتخذوا من تجاربنا عبرة ودرساً، وأن يكون الأمل هو الحافز الى النجاح والتقدم.”
الشعور بالتفاؤل
يوضح الباحث الاجتماعي سعد عباس السوداني أن من “واجب الأسر السعي دوماً الى تنمية الشعور بالتفاؤل لدى أولادهم وزراعة الأمل والطمأنينة بتغيير الحال نحو الأحسن، وذلك من خلال سرد القصص الواقعية عن تغير الحال بشكل عام وعودة الحياة الى مساراتها الطبيعية والخلاص من الآثار السلبية، فواجب الآباء هو بث الطاقة الإيجابية وروح التفاؤل والأمل لدى الأولاد.”
يضيف السوداني أن “الأسرة تعد المنبع الأساسي لتوجيه طاقات الأولاد وتنمية توجهاتهم المستقبلية، إذ يتولى مسؤولية ذلك -في الدرجة الأساس- الأب والأم، ومن ثم الإخوة الكبار.”
كما أشار السوداني الى أن “تدهور أوضاع الأسرة المعيشية يضطرها الى الجنوح، أولاً في التخلي عن واجباتها المعتادة إزاء الأولاد من جراء قلة ممكنات إعانتهم على تحقيق آمالهم. نستنتج مما تقدم أن المشكلة لا تكمن فقط في الحكومة وإنما في الأسرة أيضاً، وهنا يجب على الإعلام عموماً والجهات ذات الصلة، التوجه بالخطاب الى الأسرة أولاً، ومنها الشباب الذين هم موضوع المشكلة لأن تعزيز الدافع والأمل ونقطة الضوء من قبل الأسرة في نفوس أولادها والتضحية قدر الإمكان من أجلهم، إنما يعبر عن وعي متقدم، وهو أفضل بكثير من الحسابات المادية لمعالجة تلك المشكلة.”