منتخب العراق النسوي لكرة الصالات بطلا لكأس غرب آسيا
آمنة الموزاني/
يا له من شعور فذ ومهيب هذا الذي تصنعه قارئات حروف المسمار وفارسات بلاد الرافدين اللواتي كان لهن موعد تأريخي مع المجد، فلا فوز أكبر من أن صانعة الأمنيات وحفيدة “أنخيدوانا” المرأة التي خلقت لتجمل قبح العالم وتصحح ما يخربشه الآخرون، تضعُ بلادها مجدداً على منصة التتويج والصدارة ليصفق لها العالم بأسره.
سيداتُ المنتخب العراقي لكرةِ الصالات يخطفن كأس غرب آسيا ويحققن إنجازاً تاريخياً لكرة القدم النسوية في أولِ مشاركةٍ لهن في بطولةِ غرب آسيا تحت قيادة المُدربة الإيرانية “ياري”..
باستحقاق وجدارة
“منتخب السيدات لكرة الصالات كان على موعد مع اللقب منذ أول مباراة الى آخر لقطات الإثارة التي اتسمت بالندية في دقائقها الأخيرة”..
بهذا الجزم الاحترافي لصالح سيداتنا، بدأ الكاتب الصحافي الرياضي إياد الصالحي وجهة نظره المُغمسة بالفرح والزهو، قائلاً:
“على الرغم من تقدم سيدات السعودية أولاً، إلا أن لاعبات العراق وبفضل تحركات الثلاثي طيبة سليم وتبارك الرحمن وشوخان نور الدين، استطعن العودة إلى المباراة وقلب الطاولة لصالحهن في مباراة اتسمت بالإثارة والندية في دقائقها الأخيرة.
بصراحة المُنتخب كان على موعد مع اللقب الذي استحقه منذ أول مباراة خاضها ضد المنتخب البحريني يوم الثامن عشر من حزيران الجاري، وبرغم خسارته بهدف واحد، إلا أنه كان الأفضل خلال الشوطين، وهذا ما عززه بفوزه الكبير على منتخب فلسطين بسباعية نظيفة في العشرين من الشهر نفسه، فحلّ ثانياً في مجموعته الأولى برصيد ثلاث نقاط، وانتقل لمواجهة الكويت في الدور نصف النهائي يوم الثاني والعشرين منه، وألحق به هزيمة مريرة قوامها 12 هدفاً مقابل لا شيء، ليكون طرفاً مع منتخب السعودية في نهائي البطولة في صالة مدينة الملك عبد الله الرياضية لتثبت سيدات المنتخب أنهن بطلات جديرات بحمل كأس غرب آسيا بفضل التشكيلة المُنسجمة التي وظفتها المدربة الإيرانية شهناز ياري. وقادت اللاعبة البارزة شوخان نجم الدين سيدات المنتخب إلى التتويج، بعد أن سجلت هدفين من الرباعية، إضافة الى تسجيل دارين محمد وتبارك الرحمن هدف لكل منهما.”
لا وجود لعالمٍ بلا امرأة
“إنها الربّة البشرية، وفوزها الباهر في مجال مقتصر على ذكورتنا المتسلطة هو عامل تعرية للمجتمع المُظلم الذي ينظر اليها بمحدودية مقيتة”..
بهذا الحديث الهادر بهجة وامتناناً شاعريين، عبر الشاعر العراقي علي الصالح عما يجول في مفرداته تجاه ما منحهُ هذا الفوز من حياة، قائلاً:
“خُلقت المراة لتجمل قبح العالم وتصحح ما يخربشه الرجال، تخيلي عالماً بلا مرأة، صدقيني سيختفي المغنون وسيموت الشعراء وستتوقف المطارت، المرأة ياسيدتي، باختصار، مثل مفاعل نووي مسالم نسعى لامتلاكه لمواجهة وحشية هذا الكون، فأي كأس وأي فوز وهي المنتصرة علينا منذ بداية الخليقة، لكننا نكابر فقط.”
من جانبه، تحدث التدريسي في الجامعة المستنصرية أحمد البغدادي عن الآمال المُتعلقة والكفيلة بتضميد جزء مما تركهُ رجال الرياضة في دواخلنا من جروح خاسرة، قائلاً:
“بعد أن خذلنا الرجال للأسف في ميدان كرة القدم، لم تبقَ لنا إلا الآمال المتعلقة بـ (سيدات الرجال) ورافعات الكؤوس الذهبية الكفيلة بزرعِ الفرحة في قلوبنا، علماً أن الاهتمام الذي يقدم لهن لا يقارن أبداً بما تحصل عليه منتخبات الرجال التي لم تجلب لنا سوى الخيبة وارتفاع السكري.”
بطلة وأخت رجال
“تخيلوا، كل هذه الإنتصارات ونحنُ لا نعير اهتماماً كافياً للرياضة النسائية، وليست لدينا معسكرات تدريبية تؤهلها، ومع ذلك خطفت البطلات اللقب وحققن الصدارة بأفضلية، هذا الشيء بحدِ ذاته يدعو للفخر بداخل كل عراقية”..
بهذا الفخر المنفرد والتباهي النسوي ببناتِ جنسها، عبرت الأكاديمية والكاتبة الصحافية بالشأن الرياضي زهراء الموسوي عما يغمرها من احتفاءٍ، قائلة:
“الفوز ببطولة غرب آسيا لكرة الصالات فخر لنا جميعاً، كنساء وكبطولة، هذا اللقب الأول للكرة النسائية العراقية، بغض النظرِ عن نوع البطولة، لكنها تبقی بطولة مهمة جداً وتأتي بعد بطولة آسيا بأهميتها، بالنسبة لي أراها إنجازاً تاريخياً مهماً جداً، سابقاً كان المنتخب عبارة عن محطة عبور، إذ كان يخسر بنتائج ثقيلة جداً، لكن الإستعانة بالخبرات الأجنبية كان لها دور كبير وتطور ملحوظ وبفترة قياسية جداً، وأنا، كامرأة عراقية ومتابعة للأحداث الكروية، اعتبره إنجازاً مهماً وأول خطوة نحو الآسيوية، ومنها للعالمية والأولمبية، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، لذا أقول بامتنانٍ: مُبارك للاعبات منتخبنا الوطني ومُبارك للمدربة الإيرانية السيدة شهناز ياري التي كانت علی قدر المسؤولية.”
أما المُهتم بالشأن الرياضي أحمد الشنجار، فقد كتب شعوره كرجل تجاه كأسٍ ترفعه المرأة في بلادنا المتشبعة بالأزمات، قائلاً:
“أمام مشهد ترفع فيه المرأة العراقية الكأس، ولأول مرة، شعوري هنا كرجل لا يوصف حتماً، لاسيما بعدما غاب الرجال في الرياضة عن إسعادنا، ولسنين طوال غابت فيها فرحة رفع الكأس الذي خطفته (بنت الملحة المعدلة وأخت الرجال)، كُنا صيداً سهلاً لكثير من الفرق النسائية، أما الآن فقد أصبحنا رقماً صعباً في هذه اللعبة والمعادلة لأن المرأة العراقية دائماً عندما تضعها في اختبار صعب تنجح وبجدارة لأنها (گدها ونص)..”