قطار منهج الرياضيات للصفين الثاني والثالث الابتدائيين متواصل رغم صعوبته الأهالي يشكون صعوبة المنهج والتربية تؤكد أن تلاميذنا أذكياء

586

علي غني/

تتطابق آراء أولياء أمور التلاميذ ومعلمي مادة الرياضيات في الصفين الثاني والثالث الابتدائيين بشأن صعوبة المادة وعدم مناسبتها لأعمار التلاميذ، مع التقرير المخيف الذي نشره البنك الدولي عن التعليم في العراق، الذي يرى أن غالبية التلاميذ في مرحلتي الثاني والثالث الابتدائيين المشمولين في الدراسة لم يفهموا المواد المرتبطة بأعمارهم ومرحلتهم الدراسية، فماذا يقول المعنيون بشأن هذا الموضوع الشائك؟
صعوبة التدريس
بحسب مانقلته الدكتورة هيفاء محمد، عن أم حاصلة على شهادة الماجستير في الرياضيات، فإن الأم تجد صعوبة بالغة في تدريس ابنتها التلميذة في الصف الثاني الابتدائي، ومن هنا نفهم حجم الصعوبة التي يواجهها أولياء الأمور الذين ليست لديهم شهادات، وهذا إقرار بأن المنهج أعلى من مستوى أعمار التلاميذ؟!
لا فائدة من الدورات
وترى المعلمة أسيل كمال، معلمة الرياضيات في مدرسة ابن الأرقم الابتدائية، التي تحمل شهادة الدبلوم، أن هناك أموراً محيرة للتلميذ، منها مثلا (موضوع الكسور)، ففي الوقت الذي يتناول المنهج المقامات المتشابهة نجد أن هناك تمارين عن المقامات المختلفة، ولم نجد لها شرحاً في كتاب الرياضيات للصف الثاني الابتدائي.
فيما أكدت المعلمة أسيل حمودي، من مدرسة الابتهال الابتدائية، أن موضوع (الجمل المفتوحة)، أكبر من مستوى أعمار التلاميذ، فضلاً عن صعوبة مواضيع القسمة والكسور، كما أن هناك خطأ كبيراً بتقسيم المنهج، فالفصول الأخيرة كان من المفترض أن تكون في بداية الكتاب لعلاقتها بالفصول التي ستدرس في السنة التي تليها.
وتتفق مديرة مدرسة الابتهال الابتدائية، ندى مالك، مع الآراء التي عبرت عنها معلمات مرحلتي الثاني والثالث الابتدائيين، مشيرة الى أنها تلقت شكاوى عديدة من أولياء الأمور تطالب بتغيير المناهج للصفين الثاني والثالث الابتدائيين، وتحثها على رفع صوتها وإيصاله الى وزارة التربية بشأن معاناتهم في تدريس أبنائهم في البيت.
التخصص الدقيق
ولم يخلُ حديث المشرفة التربوية منى حامد طاهر عبد الحسين الطائي، في تربية الكرخ الثانية، التي تحمل شهادة الدبلوم العالي في طرق تدريس العلوم، من الصراحة العلمية، فقد عزت الشكاوى الكبيرة عن منهج الرياضيات للصفين الثاني والثالث الابتدائيين في عموم العراق الى قلة الدورات الحقيقية والعملية التي يجب أن يدخلها معلمو هذه الصوف التي تعد البداية الأساسية للتعليم، أضف الى ذلك أن غالبية المشرفين على الصفوف الأولى لا يملكون التخصص الدقيق للمادة، ناهيك عن عدم توفر التقنيات الحديثة للتدريس، مثل السبورة الذكية ووسائل الإيضاح التي يستخدمها المعلم أو المعلمة.
تواصل المشرفة التربوية الست منى الطائي حديثها وهي تتابع جذور المشكلة، فعندما جرى تبديل منهج الصفين الثاني والثالث الابتدائيين، كان من المفروض أن تدرب الملاكات التعليمية في عموم العراق، ومعهم المشرفون التربويون لمدة شهر على الأقل، لكن هذا الأمر لم يتحقق، بل اقتصر على أيام معدودات، ما ولد فجوة تأثر بها كل معلم درّس هذين الصفين.
خبراء اليونسكو
وحتى نطلع على الحقائق من مصدرها الأساس، قلنا فلنزر المديرية العامة للمناهج في وزارة التربية، والحق يقال، فإن الدكتور رياض كريم عبد الله العمري، المدير العام للمناهج في الوزارة، وأعضاء شعبة الرياضيات، لم يبخلوا بالإجابة عن أسئلتنا التي تتعلق بصعوبة مادة الرياضيات للصفين الثاني والثالث الابتدائيين، إذ بدأ الدكتور حديثه قائلاً: “نحن لم نقرر تطوير مناهج الرياضيات اعتباطاً، بل وضعنا خططاً علمية وبجهود حثيثة من خبراء المناهج في مديريتنا وبإشراف خبراء اليونسكو، وقد أعددنا وثائق خاصة (خارطة طريق)، عندما بدأنا بهذا التغيير الكبير.”
يضيف العمري: “هناك حقائق قد يجهلها العديد من أولياء الأمور والمعلمين ،وحتى بعض الجهات الدولية، فنحن قمنا بتغيير المناهج وفق ستراتيجية التعليم الخماسي (5Es) التي تعد من الستراتيجيات التي تلائم جميع التلاميذ بمن فيهم شريحة بطيئي التعلم.”
قلة التدريبات
وبيّن العمري أنه “لسنين طوال لم نجر تغييراً في مناهج الرياضيات، فبالتاكيد سيكون هناك اعتراض من فئات شتى، منهم بعض المعلمين القدماء الذين تعودوا على المناهج القديمة، وبعض أولياء الأمور الذين لم يستطيعوا التواصل مع هذه المناهج، وهذا أمر لابد من أن نتقبله، وربما الزمن كفيل بتغيير آرائهم.
وحتى لا أظلم أحداً، فإن أعضاء شعبة الرياضيات في مديريتنا شخصوا بعض الأسباب لصعوبة المنهج الجديد، منها الدوامين الثنائي والثلاثي في بعض المدارس، اللذين غالباً مايقللان من حصة الدرس، الى جانب الكثافة العددية في الصفوف المدرسية، فضلاً عن قلة التدريبات التي تقيمها المديرية العامة للإعداد والتدريب نتيجة قلة التخصيصات المالية من جهة، ومن جهة أخرى تفشي وباء كورونا، وتأخر الموازنة.”
مراكز متقدمة
يتابع العمري: “حتى أثبت لكم عملياً نجاح منهج الرياضيات للصفين الثاني والثالث الابتدائيين، فإن حصول تلاميذنا على المراكز المتقدمة في المسابقات الدولية التي تخص مادة الرياضيات، على الرغم من اشتراكهم في بعض الأحايين من دون تدريب، وأترك الأمر لخيالكم عن ذكاء التلاميذ العراقيين الذين غالباً ما يرفعون اسم العراق عالياً.
ولابد من معرفة معلومة (أن المنهج يخضع للتغيير كل خمس سنوات بسبب التغيرات العلمية التي يشهدها العالم، ولكي يكون المنهج ضمن المستوى العالمي) فضلاً عن السماح للعراق بالدخول في الاختبارات الدولية، لذلك فلابد من التغيير.”