التفرقة بين الأخوات جفاءٌ تصنعه الأمهات
صفحة تُعنى بالمشكلات الأسرية التي تصل المجلة عن طريق البريد الإلكتروني أو أرقام هواتف المجلة نضعها أمام مجموعة من المتخصصين بقضايا الأسرة والمجتمع لإيجاد حلول لها.
المشكلة…
بعثت الآنسة س.م مشكلتها الى هيأة تحرير “مجلة الشبكة” لعلها تجد حلاً يساعدها في تجاوز ما تعيشه من أزمة نفسية من جراء تعامل أمها معها وسعيها للتفريق بينها وبين أختها الصغرى. تقول الآنسة س. -في طيات رسالتها- إن والدتها كثيراً ما تقوم بتعنيفها ولومها على كل الأخطاء التي تحدث في البيت، سواء أكانت هي المسبب أو غيرها من أفراد العائلة.
وتضيف قائلة “تسعى أمي دائما الى تأييد وإسناد أختي الصغيرة التي تحبها أكثر مني وتميل لها وتفضلها في كل شيء، لأنها أجمل مني، مع العلم أني في الدراسة متفوقة أكثر منها، كذلك تلومني على تأخر أختي في الدراسة وكأني السبب في ذلك، فيما هي تقضي معظم وقتها في تزيين نفسها وتهمل دروسها ولا تقوم بأي عمل من أعمال البيت أو المطبخ لأنها تخشى على نعومة يدها أو تكسر أظافرها الطويلة ، وسعيت أكثر من مرة الى التقرب من أمي إلا أنها لا تريد أن تسمعني.”
في ختام رسالتها تطلب الآنسة س. حلاً يساعدها في تجاوز هذه المشكلة.
الحل…
الدكتورة شيماء العباسي الاختصاصية التربوية النفسية أجابت على رسالى الآنسة س.. قائلة:
أهلا ومرحباً بابنتي البارة، أولاً: أنت وفقك الله تعالى للبر بوالدتك والحرص على رضاها، وهذه نعمة تستحق الشكر. ثانياً: العدل في المعاملة بين الأبناء واجب على الوالدين. لكن قد تحب الأم أحد أبنائها حباً زائداً عن إخوانه لبرّه او لتميزه في جانب من الجوانب، وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحصل مع كل الناس، كأن تحب الفتاة أحد إخوانها أكثر من غيره، أو إحدى صديقاتها أكثر من بقية الصديقات، لكن المطلوب ألا يتحول هذا الشعور الذي لا تملكه الى فعل تملكه، فتترجم الحب الزائد لتقريب وتفضيل زائدين. في بعض الأحيان قد تعتني الأم بأحد الأبناء عناية زائدة لشعورها بضعفه في جانب ما، أو تبالغ في العناية والاهتمام به دون سائر إخوته، وأيضاً الأم في العادة تهتم بالابن الأصغر الذي يظل صغيراً في عينها، وتستمر في العناية به والاهتمام الزائد دون شعور منها بأنها تقع في آفة التفضيل وأن الصغير قد كبر ولم يعد يختلف عن إخوانه في احتياجاته. لذا عليك ابنتي البارة أن تضعي هذه الأمور نصب عينيك، وأن تعلمي أن الأم تحب أولادها جميعاً، فهي أنجبتهم بعد الحمل وأرضعتهم واعتنت بهم. عزيزتي أنت تعطين الموضوع أكبر من حجمه الطبيعي والاعتيادي، وبالتالي أدخلتِ نفسك في حالة نفسية بسبب هذا الأمر، ربما تهتم والدتك بأختك الصغرى أكثر منك لأنها أصغر عمراً وأقل خبرة، وأنها بسبب خوفها وحرصها عليها من وقوعها بالخطأ والخطر وعدم قدرتها على مواجهة المشاكل وتجارب الحياة، وبالتالي تحتاج الى مراقبة ونصح والدتك الدائم، ومن الممكن أيضاً أن شخصية أختك تختلف عن شخصيتك، فقد تكون تحب الكلام أكثر منك وتفتح الحديث مع والدتك وتعرف كيف تدخل السرور الى قلبها ولا تنق أو تتمرد، فكسبت حبها.
لذا عليك يا ابنتي أن تتمتعي ببعض الذكاء للتقرب إليها.. فإن الذكاء الاجتماعي في رأيي أهم كثيراً من ذكاء الدراسة، فكم من الأشخاص كانوا من الأوائل في الدراسة، ولكن عندما اختلطوا بالواقع والحياة لم يكن لديهم ذكاء اجتماعي، ففشلوا فشلاً ذريعاً، رأيتهم بنفسي في الجامعة وبعضهم أصدقاء لي، لذا أوصيك أن تتسمي بالذكاء الاجتماعي مثلما تتسمين بالذكاء الدراسي، فهو المكسب الحقيقي في الدنيا، يعلمك كيف تكسبين الناس، فاكسبي أمك فهي أسهل انواع المكاسب، فهناك أشخاص يستطيعون أن يكسبوا أعداءهم، فهل أنت لا تستطعين أن تكسبي والدتك؟ أنت إنسانة ذكية وواعية وقوية الشخصية.
اعلمي عزيزتي أن فن كسب القلوب فن كبير وعليك أن تكوني ذكية، وحاولي أن تعرفي السبب الحقيقي لتعاملها غير الطبيعي معك أنت بالذات دون الآخرين، فمعرفة السبب الحقيقي والعمل على تجنبه وتفاديه هو الحل لمشكلتك، وحاولي أن تسألي أمك عما تريدين، ولا تقولي لها لماذا لاتحبينني؟ او لماذا تفرقين بيني وبين أختي؟ بل اسأليها ماذا يرضيك يا أمي؟ وكيف تكونين راضية عني؟ وهل أنت غاضبة مني؟ ولماذا ؟ وذكريها بين الحين والآخر بأنك ابنتها وأن تعاملها معك هكذا يؤلمك ويؤثر في نفسك، وأنك مثل بقية الأسرة في حاجة إلى عطفها وحنانها،، لذا حاولي معرفة السبب. أنصحك ان تفتحي قلبك لوالدتك، فأنا متأكدة جداً أنها تحبك كثيراً ولابد من أن هناك سوء تفاهم، ولا تغضبي إن اهتمت بأختك الأصغر منك فدورك قادم لا تقلقي. وأنا لم ألاحظ ذكراً لوالدك في الرسالة؟؟ فأين والدك من كل هذا؟؟ ولماذا لا تلجئين له؟ أو لأحد كبار السن في العائلة، كالجد والجدة والخال والخالة؟؟ بالتالي يا ابنتي العزيزة هي أمك أولا وأخيراً وأنت ملزمة بنيل رضاها وبرها مهما كانت مشاعرك، وذلك لتريحي ضميرك، ولا يجوز التكلم معها بما لا يرضيها. حاولي أن تعرفي مفاتيح قلبها، ولأخبرك بواحد منها، وهي أختك الصغيرة، تقربي منها وصادقيها وأحبيها وكونا معاً مع والدتك، وستشعرين بالفرق والتمسي العذر لوالدتك بدلاً عن الحديث عن فعلها، واستبدلي الحديث عن فعلها بالحديث عن كيفية معالجة الفعل كلما بدر منها، وحاولي الخروج من هذه الدائرة واشغلي نفسك بالتعاون على تعلم النافع والمفيد والاهتمام بدراستك ومستقبلك والإحساس بنعمة وجودك في بيت مستقر وعائلة، فعما قريب تتزوجان وتفترقان وستكتشفين أن التصرفات التي كانت تزعجك بسيطة جداً، ولا تستحق أن تحيل الحياة الى نكد وحزن وهم، واستبدلي الكلمات السلبية بكلمات إيجابية: أمي تحبني وتريد أن توجهني وتنبهني إن أخطأت،، أنا احبها، لأن لا يمكن لأم أن تجرح ابنتها.