العلاقات المسمومة عداوة مبــطّنة تقصِّر العمر!

301

مجلة الشبكة /

السامون المقربون، أو خفافيش الطاقة الخانقة، وزومبيات السوداوية الناعمة، الذين قد يعيشون معنا تحت سقف واحد، أو ربما يحومون حول حياتنا ويختبئون تحت صداقاتنا لتخريبها بصداع يومي وعداوة مبطنة بالغيرة المأزومة، أو الرغبة من أحد الشريكين في تكسير مجاذيف الآخر.
ولأن المسموم هو شخص سايكوباثي، سواء كان صديقاً أو شريكاً، فلا شيء يستحق أن ترهق قلبك لأجله وتخرب يومك بالمغثة لارضائه، فهو يمتلك المكر والحيل الكفيلة باستنزافِ وقتك دون أن تشعر، فالسامّون لايرتقون أخلاقياً مع الوقت، بل قد يصبحون أكثر ذكاءً وشيطنة في اقتراف أشد الأفعال دناءة، ويصبحون أكثر براعة في إيجاد مبررات مُقنعة لتجميل خرابها.
كذبة الصبر والتحمل
” دموع العالم كمية ثابتة، إذا بدأ شخص بالبكاء توقف آخر عنه في مكان آخر، إذ لا يمكن للإنسان أن يشفى بذات البيئة المسمومة التي جعلته مريضاً”.. بهذا الانكسار من تجربة مريرة، تكلمت المعلمة (زينب صلاح) عن ندمها لتأخر الوقت، قائلة:
“أن تعيشي صداقة مسمومة او زمالة عمل يمكن أن تعوضيهما، أهون بكثير من أن تكوني زوجة لرجل مسموم وعيال مسمومين انفصلت عنهم بعد ثلاث سنواتٍ مريرة خرجت بها مدمرة بالسكري والضغط، تقبّل مثل هذا النوع من العلاقات صعب للغاية، وإيهام النفس بالصبر كما علمنا أهلنا هو كذبة تبتلع العمر وتزيد الحياة سوءاً، لأن العلاقة من دون ثقة مثل سيارة بدون محرك يمكنك البقاء فيها كما تشائين من الوقت، لكنك لن تذهبي بها إلى أي مكان، لذلك انصحكِ بتركها فوراً”.
قلب الأوراق والمنضدة
“لَم يعد العُمر يَتسع لمزيد من اﻷشخاص الخطأ والصح، وعلى الإنسان أن يحمي نفسه، خفافيش الطاقة التفاؤلية يبثون السموم في العمل وبعضهم يتفنن بالمغثات داخل البيت والحياة.”
الناشطة المدنية (سارا الكندي) أصرت على حذف المسمومين خارج حياتنا، قائلة: “غادروها فوراً، العلاقات السامة، بين النساء خصوصاً، مؤذية جداً ولها تأثير عظيم على الإنسان وصحته النفسية، لذلك فإن من المهم جداً اختيار أشخاص مناسبين لحياتنا وحذف السامّين خارجها ممن يبالغون في ردود أفعالهم عند توجيه اللوم ويغرقون في الغضب أو الحزن والإحباط، فيجد الطرف الآخر نفسه في خانة التهدئة بدلاً من مناقشة المشكلة الرئيسة، وبعضهم يقلب المنضدة ويخلط الأوراق، فإذا واجهته يقلب الأمور لينتهي بك الأمر وأنت تحاول مصالحته والاعتذار له. ”
تصالح مع النفس
“لا شيء يستحق أن ترهق قلبك لأجله وتخرب يومك بالحرقة، العلاقة السامّة بين بعض الأزواج صداع يومي يتم تدويره بالغيرة القاتلة أو الاستغلال، الرغبة في أحد الطرفين، الهيمنة والأنانية..” بهذا النوع السيئ من العلاقات السامّة الرائجة داخل البيوت بدأت المهندسة (غفران الراضي) حديثها محذرة:
“الإنسان السوي الذي يرى في شريكه المرآة، يحب نفسه لكنه يفهم أخطاءه، يراجعها بين الحين والآخر، يندفع ويتهور ويقوم بردة فعل، لكنه لا يحبذ الكلام الجارح ولا يتحول الى منافق، يتصالح من نفسه كي يتصالح مع غيره، يسامح من يستحق ويعتذر ويبادر لمن يهتم ويقدِّر، هنالك علاقة مرهقة شائعة بين الأزواج ترتكز الى تصيد الأخطاء المبطنة، مثلاً تقرر الزوجة العودة للعمل، ليدعمها الزوج ظاهرياً ويشجعها، لكنه في ذات الوقت لا يكف عن إلقاء إشارات حول تقصيرها في واجباتها تجاهه والمنزل والأبناء، نحن نخطئ لأننا بشر، ورغم كل ذلك ولكي نبقى أسوياء أصحاء نفسياً فإن علينا أن نحرر أنفسنا من كل العلاقات المتعبة والمرهقة”.
زومبيات السوشيال ميديا
المختص التربوي (ليث شاكر) أعتبر أن الفراغ الكبير الذي يعيشه الشاب يجعل حياته خالية من المعاني، ولا يجتهد بالمقابل في إضفاء أي معنى حول يومه الممل، إذن أنه ليس بأكثر من إسفنجة جاهزة لامتصاص السلبيين، مُضيفاً:
“الوقت الطويل والممل يعد حافزاً للسوداوية والسموم حينما لا تصنع لنفسك اهتماماً خاصاً، ولا تنشغل بممارسة شيء تحبه، وهو مشكلة أجيال وزومبيات السوشيال ميديا، لذلك أنت ترتبط بالأشخاص المسمومين وغير الحقيقيين، فهم متعتك الوحيدة، علماً أن أكثر شيء يُحذر منه خبراء علم الاجتماع هو أن تستمر في الصبر على العلاقات المليئة بالألم والاستفزاز وسوء الظن وتُحاول التعايش معها على حساب صحتك.”
علاقات خطرة ومرضيّة
“المُستغل، أو المسموم، هو شخص سايكوباثي، يحاول دائماً أن يقلل من قيمتك حتى تشعر بأنك لا تستحق الاحترام..” الباحث الاجتماعي (علي كريم السيد) عرّف الجانب السايكولوجي قائلاً:
“في دراسة أجريت في جامعة هارفرد، استمرت لسبعين سنة، أجيال من الباحثين والعلماء يتابعون أجيالاً من الناس المحددين، لكي يعرفوا ما الذي يؤثر في سعادتهم وصحتهم النفسية، الجميع كان يتصور أن الجواب سيكون المال أو الشهرة، ولكن، اكتشف الباحثون في نهاية الدراسة أن أكثر حاجة أثرت في سعادتهم وصحتهم هي وجود علاقات طيبة في حياتهم، لكن بالمقابل هنالك (علاقات خطرة)، كما يسميها الطبيب النفسي المصري محمد طه في كتاب يحمل نفس العنوان، هذه العلاقات مؤذية جداً ويجب الحذر منها، ومن ضمنها العلاقة مع شخص مُستغل، هذه النوعية من الأشخاص تملك كل المكر والحيل حتى تستهلك وقتك وطاقتك ومشاعرك وتستغلك وتستنزفك نفسياً دون أن تشعر، قد يستغل بعضهم طيبتك أو حبك للعمل أو حاجتك للمال، الحل في هذه الحالة أن تضع حدوداً صارمة تحافظ فيها على كيانك وخصوصيتك وتحمي نفسك وعائلتك وأن تتعلم قول (لا) لأي شخص مهما كان قريباً أو قوياً، فالأهم أنك تعامل نفسك باحترام وتتذكر دائماً أنك تستحق حياة وعيشاً بكرامة.”