كردستان تحتفل بأعياد الميلاد المجيد

224

ضحى مجيد سعيد /

مع بوادر ظهور بريق العام الجديد واقتراب لحظة إشعاع هذا النور على ربوع الكرة الأرضية، يترقب الناس والمجتمعات في عموم العالم ويستعدون للاحتفال بهذه الولادة الجديدة للعام الميلادي المقبل، التي تصادف أيضاً ذكرى ميلاد نبي الله عيسى (المسيح) عليه السلام، إذ تكون للديانة المسيحية ولمعتنقيها طقوس خاصة وأفراح مميزة بهذه المناسبة المتجددة في بداية كل عام ميلادي جديد، ولاسيما في كردستان العراق التي تتوشح بألوان الفرح المتنوعة التي تجسدها احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة.
ترانيم
وللاطلاع على طبيعة ونوعية وشكل هذه الاحتفالات وطرق الاستعداد لها، حاورنا القس (ملاذ بيثون)، راعي كنيسة الاتحاد في أربيل، بخصوص تحضيرات الكنسية لرأس السنة الجديدة فأوضح قائلاً: إنها تنقسم عادة في هذا الشهر الخاص والمبارك إلى قسمين: الأول أعياد الميلاد المجيد، والثاني الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية، والكنيسة تتهيأ لخدمة العيد يوم ٢٥ /١٢ إذ يكون هذا الشهر خاصاً بالمسيحيين في العراق وكل أنحاء العالم، وسوف تكون هنالك خدمة في الكنيسة (القداس) تتخللها أنشودات مسيحية عن الميلاد (ترانيم)، وقراءات من الكتاب المقدس وصلوات، وكذلك الزيارات العائلية والجيران، التي هي من أهم طقوس الكنيسة المسيحية ومجتمعنا الشرق أوسطي.
وأكمل: بالتأكيد فإن الأولى بالزيارة في هذه المناسبة هي تعزية الناس الذين فقدوا أحباء على قلوبهم، ولاسيما عندما يكون هذا أول عيد يصادف ذكرى وفاة شخص في عائلة ما.
وأوضح القس أن الطقوس تختلف بعض الشيء من بلد إلى آخر قائلاً: هنالك كنائس تحتفل بليلة العيد وأخرى تحتفل في يوم العيد، وعادة بين كنيسة وأخرى يكون الموضوع الرئيس الحديث عن ولادة السيد المسيح من العذراء مريم، وفيه يجري تذكير الناس بهذه المناسبة، والهدف الذي جاء من أجله المسيح، ألا وهو محبة الله للبشرية، وأيضاً خلال الخدمة الكنسية يعزف عدد من الترانيم وإقامة عدد من الصلوات، ونقدم عظات للناس عن الميلاد. وحول انخفاض أعداد المسيحيين عن الأعوام السابقة ذكر القس: للأسف الشديد فإن هجرة العراقيين من البلاد أصبحت ظاهرة، ولاسيما من شعبنا المسيحي، نشكر الله على أنه خلال السنتين الماضتين قلت الهجرة بشكل ملحوظ نتيجة استقرار العراق نسبياً، ولاسيما في إقليم كردستان الذي يضم عدداً كبيراً من المسيحيين، نتمنى أن يستمر الاستقرار الأمني والاقتصادي، لأنه دافع كبير جداً لاستمرار الناس بالبقاء في مدنهم وبلدانهم.
وأجابنا عن سبب بدء احتفالات رأس السنة عند المسيحين من يوم ٢٥ كانون الأول وإلى بداية السنة الجديدة قائلاً: هذا تقليد كنسي يجري الاحتفال به حسب التقويم الميلادي، هذه آخر أيام السنة، فبالتالي يكون الاحتفال احتفالين في العالم أجمع، التاريخ مهم، لكن بالنسبة لنا فإن الحدث الأهم الذي يكون بشخص السيد المسيح.
أمنيات رأس السنة
وعن اشتراك بقية الديانات بهذه الاحتفالات أم أنها خاصة فقط بالمسيحيين، قال:
بالتأكيد، وهذا فخر لنا وامتياز، أن يقوم الأحبة والأصدقاء والجيران بمشاركتنا فرحة العيد بالزيارات والتبريكات والتهاني، ونحن أيضاً نقوم بنفس الشيء لإخواننا المسلمين وغيرهم بزيارتهم وتهنئتهم بأعيادهم ومناسباتهم المتنوعة.
أما عن كيفية تعاملهم مع المناسبات الحزينة لبقية الديانات إذا ما صادفت مع أفراح الكنيسة برأس السنة فذكر: “فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ.” هذه آية من رسالة رومية، تدعو المسيحيين أن يحترموا أحزان وأفراح الآخرين، بغض النظر عن الدين والمذهب والتوقيت، إذ أن وقوفنا مع الحزانى ومواساتهم في وقت المصائب والحزن هو أصل العيد، لم يأتِ المسيح إلى الارض لأن الإنسان كان سعيداً ومرتاحاً، بل لأنه كان مكسوراً وخاطئاً ويحتاجُ إلى سند وتصحيح، كما أن العيد هو الاهتمام بالمظلوم والفقير والمكسور، فبالتالي مشاركتنا الناس في أحزانهم هي أولوية بالنسبة لنا. بدوره، (صابر حسين)، مسؤول إعلام محافظة أربيل، يقول: إدارة المحافظة ما زالت تقوم بتزيين الشوارع في محافظة أربيل، فضلاً عن تأمين المراسم التي تقام خلال أعياد رأس السنة الميلادية، بالإضافة الى الإجراءات الأمنية، فهي من اختصاص الجهات الرسمية المعنية بالملف الأمني، التي تبذل جهوداً مميزة استعداداً لما سوف تشهده المحافظة من تزايد أعداد السياح بهذه المناسبة.
تحضيرات
ولأجل الوقوف على استعدادات العائلات العراقية لهذه المناسبة التقينا السيدة وحيده فريد جتو (أم مينا)، وهي موظفة في إحدى كنائس أربيل وسألناها عن التحضيرات، فأجابت: إن احتفالنا سيكون داخل الكنيسة استعداداً لراس السنة الميلادية الجديدة، فضلاً عن الزيارات والمصافحة والتهنئة. وفي سؤال عن الطقوس الدينية بهذه المناسبة أوضحت أم مينا قائلة: يقوم القسيس بخدمة الوعظ وشرح آيات الإنجيل التي تتعلق بميلاد السيد المسيح، وبعدها تقام الصلاة والترانيم والمدائح، فضلاً عن زيارة الأهل والأصدقاء، هذه احدى الطقوس المهمة، وكل الطقوس لا نزال نحافظ عليها كي لا تغيب. ‏وفي ما يتعلق بوجبات طعام العيد قالت أم مينا: إن الأكلات المشهورة بالعيد هي الكبة المصلاوية الكبيرة، وكذلك كبة اليخني وكبة القيسي، فضلاً عن الباجة العراقية الشهيرة. وأكملت: للأطفال يوم خاص للاحتفال يتضمن تسابيح وفعاليات خاصة بالأطفال، وكذلك مسابقات ومسرحيات يقوم بها الأطفال بعد تدريبهم لعدة أشهر، ويقوم بابا نوئيل بالدخول الى القاعة حاملاً معه هدايا خاصة للبنات وأخرى خاصة للأولاد، وبعدها ينتهي الاحتفال ويذهب الأطفال إلى منازلهم فرحين بواسطة باصات خاصة بالكنيسة فضلاً عن توزيع الهدايا من قبل الأسر لأطفالهم.