خليجي 25 من رؤية تكوينية

342

علي البكري – باحث فلكي /

قبل فوز العراق بلقب خليجي (25) وبعد فوزه باللقب، عاش العراقيون أياماً من الفرح والتعايش الجميل مع أشقائهم لن تمحى من ذاكرتهم بعد قطيعة وابتعاد عن محيطهم العربي منذ أكثر من أربعة عقود خلت نتيجة الحروب والحصار اللذين مرا على العراق. وقد حان وقت التغيير باتجاه عراق يكون محط أنظار العالم قريباً، وعودته إلى محيطه العربي الذي يمثل امتداده الطبيعي.
وهنا أنعطف إلى أهمية الحدث وما سيعقبه من تحول كبير في الاستثمار باتجاه مدينة البصرة أولاً، ومن ثم إلى باقي العراق، وعودة الثقة هذه سينتج عنها سوق جديد يكون العراق بوابته نحو المنطقة والعالم، ربما في النصف الثاني من هذه السنة (2023)، كما ذكرت ذلك في توقعاتي لهذه السنة. وتبدو انعطافة كأس الخليج هذه المرة عاصفة، وهنا نبحث عن سبب هذه الانعطافة من الجانب التكويني: فهذه البطولة جاءت في أهم وقت تكويني للعراق من ناحية وقوف الحظ إلى جانبه، فلو تقدمت هذه البطولة أو تأخرت شهراً، لما رأينا هذا الانبهار الكبير، والسبب التكويني هو أننا اخترنا أعلى وقت في مستوى الطاقة التكوينية، وهذه نعمة كبيرة يمن الله بها على شعبنا، فقد كان الحدث مبهراً في كل جوانبه التنظيمية. والأروع كانت ملحمة شعبنا البصري بكرمه وإيثاره، اللذين أدهشا وأبهرا كل وسائل الإعلام المتابعة لهذه البطولة من دول الخليج العربي وحتى أقصى الوطن العربي.
كما ذكرت، فنحن في نهاية العاصفة الفلكية التكوينية في ظاهرة النسق الفلكية، وهذا أيضاً أثر بشكل كبير في جعل هذا الحدث الرياضي متوهجاً نتيجة الطاقة الكبيرة لهذه الظاهرة، والأهم هو ما بعد هذه البطولة، إذ يستمر التوهج التكويني في دعم ما بدا على أرض العراق. المطلوب منا –كعراقيين- شعباً ومؤسسات دولة، أن نستعد ونديم زخم هذا التوهج التكويني كي نستفيد من الاستمرارية في هذا التوهج الذي يحتاج منا إلى تواصل معه، وهذا أوجزه بنقاط كي نستثمر هذه الطاقة الكبيرة:
1-علينا كشعب حماية هذا المكسب والاستمرار بهذه الروح العالية اجتماعياً وإظهار الجانب المشرق في العراق والتعاون فيما بيننا.
2- سوف يستمر تدفق أبناء الخليج إلى مدينة البصرة والعراق بعد بطولة الخليج بشكل عام لإرساء دعائم وتوطيد العلاقات الشعبية، وهذا يوجب علينا الحفاظ على الصورة والانطباع اللذين أعطيناهما.
3- أما مؤسسات الدولة فهي مطالبة بمزيد من التحرك الإعلامي لتأكيد الصورة الجديدة والمشرقة والابتعاد عن إثارة السلبيات هنا وهناك، وبث روح الأمل والتفاؤل على منصاتها الإعلامية.
4- إدامة زخم هذا التفاعل والتواصل إعلاميا عبر شبكة الإعلام العراقي، وذلك من خلال عمل قنوات مشتركة مع المحطات الخليجية وتنشيط مكاتبنا في هذه الدول، فهي نقطة التحول المقبلة، وإرساء دعائم العمل المشترك عربيا.
5- على النخب المجتمعية والنقابات والاتحادات تكريس ثقافة جديدة مبتعدة عن الانتقاد بإشاعة جو من الثقة، كما أن على رموز البلد من النخب الفنية والإعلامية والفكرية والأدبية البدء عبر منصاتهم الاجتماعية بترويج روح المحبة والتقارب مع أبناء الوطن الواحد والابتعاد عن لغة الانتقاد، فالعراق مقبل على انعطافة عالمية تحتاج جهوداً كبيرة من أبناء الوطن الواحد.
أخيرا علينا أن نجعل من هذا العرس بداية لنا لاستقبال الشركات العالمية الكبرى لبدء الإعمار الحقيقي، فالجانب الفلكي يشير إلى أننا حالما ننتهي من ظاهرة النسق بعد الأشهر الثلاثة المقبلة، سوف نجد أنفسنا أمام متغيرات عالمية توجب علينا التعامل بأساليب حديثة كي نواكب ما يحصل في عالمنا من تطور ومتغيرات سريعة في الاقتصاد والسياسة والمال. إنها بداية جديدة تكوينياً، وعلينا ألا نخطئ تقدير الأمور هذه المرة، فالحظ يبتسم لنا بعد عقود من القحط والحرمان والألم.