فــي رحلــــة “البحـــث عـــن نيمو : وســـاوس الآبــــاء قد تُضيّع الأبناء

155

آية منصور /

لا شيء يشبه محبّة الوالدين، فهما الوحيدان القادران على شراء السعادة ومقايضتها بالروح وجلب المعجزات لك وأنت في مكانك، ودون أن تنتبه أو تدرك، هما اللذان يمنحانك الجنة في الأرض، وهما الوحيدان المستعدان لتعريض نفسيهما إلى الخطر من أجلك، هل تصدق ذلك؟ نعم، هذا ما يقدمه ويمنحه لنا فيلم الحركة “(البحث عن نيمو)”، حينما يبذل والداه قصارى جهدهما –ولو تطلب الأمر الخروج من بيئتهما- من أجل صغيرهما، فكيف حدث ذلك؟
في فيلم “البحث عن نيمو” هناك قصة وجدانية وروحانية عن التفاني والأبوة الخالصة، التي تأتينا على لسان الحيوانات، وهي الأسماك، التي تستعد للمجازفة بطبيعتها المعيشية من أجل انقاذ ابنهم نيمو، وحيدهم ومدللهم الذي يختفي دون أن يعرفوا أين مكانه. أنصح كل عائلة بمشاهدة هذه التحفة الأخلاقية المفعمة بقيم المحبة والتعاضد الأسري في أوقات الشدة. الفلم متوفر على الإنترنيت ومترجم على منصات عديدة.
يلا نتابع الفيلم :
يبدأ الفيلم بتفصيل حكاية صغير السمك (نيمو)، ووالديه، مارلين وكورال، إذ أن الأم حامل، وللمرة الأولى بمئات البيوض، كانا على وشك أن يكونا أبوين لـ400 طفل لم يولدوا بعد، ومع ذلك ، يهاجم السمك الغزاة منزلهما، وهنا تنجو الام، لكن تؤخذ جميع البيوض من حضنهما، فيرى الأب (مارلين) أن من بين 400 بيضة، بقيت لديهما بيضة واحدة ناجية، فيقرر حينها أنه لن يسمح أبداً بحدوث أي شيء للبيضة المتبقي على ولادتها وقت قليل، التي أطلق عليها اسم (نيمو)، لأن ذلك كان أحد الأسماء المفضلة لدى كورال.
بعد 6 سنوات، ولد (نيمو)، لكن بزعنفة مشوهة بسبب التلف الذي تعرضت له البيضة أثناء هجوم سمك (البركودا)، ويبدأ يومه الأول في المدرسة وهو متحمس للانطلاق وعيش المغامرات. لكن والده كان خائفاً من هذا اليوم تحديداً، فعلى الرغم من أنه يريد لابنه الأفضل، إلا أنه كان يشعر بالوساوس الدائمة وبالتوتر بشأن السماح لابنه بالذهاب إلى المدرسة بعد أن أخذ عهداً على نفسه أن يرعاه ويحميه ولو بروحه.
بعد أن أرسل مارلين ولده إلى الفصل مع معلمه السيد (راي اللساع)، ذهب للتحقق مسرعاً من نيمو، كنوع من القلق والخوف على ابنه، إذ وجد نيمو وهو على وشك السباحة في المياه المفتوحة، فماذا كانت ردة فعل الأب؟ نعم، تجادل الأب مع ابنه، على مقربة من زملاء نيمو، الذي بدأ يشعر بالغضب من تدخل والده وقلقه غير المبرر، إذ أن هذا التقييد لا يجعله يعيش طفولته مع السمك الآخرين، فماذا فعل نيمو؟ صار يسبح ويسبح بعيداً في المياه المفتوحة، لأنه كان غاضباً من تحكم والده، لذا استمر بالسباحة حتى وصل قرب الشاطئ، وبمجرد الوصول إلى هناك، يجري القبض عليه من قبل (الغواص) الذي يغادر على الفور على متن قارب سريع، وهنا ينطلق الأب بسرعة جنونية محاولاً اللحاق بابنه، بمطاردة القارب السريع، لكنه سرعان ما يفقده. يسأل الجميع عن الاتجاهات ويعلم خلالها أن ابنه جرى نقله إلى أستراليا، فهل يسافر من أجل وحيده؟ نعم بالتأكيد.. لكننا لا نريد حرق أحداث الفيلم المثير والمشوق والمليء بالمشاعر الخالدة، لأننا ننتظر أن تشاهدوه، وهو متوفر، وحتى بدبلجة عربية، على المواقع الإلكترونية المختلفة والمتنوعة.
مشاهد تلفت النظر:
قد يدرك الأب الخائف على ابنه مؤخراً، بعد مغامرتهما وبحثهما بعضهما عن بعض، أنه كان مبالغاً في حماية ابنه، وهو يعلم أنه يستطيع الاعتناء بنفسه من خلال منحه الثقة والدعم، على الرغم من أنه في بداية الفيلم كان يمزقه شعور الذنب بنكث وعده وعدم قدرته في الحفاظ على ابنه من الصعاب ومشقات الحياة ومفاجآتها.
بماذا أنصح عائلتي:
مارلين أب مثالي مثل غالبية الآباء في بيوتنا، فهو حريص على ابنه ويحبه، لكن خوفه الشديد عليه جعله يضيّع ابنه، وهكذا هي الحياة، أحياناً كثيرة يحول الآباء، دون أن ينتبهوا، خوفهم وقلقهم إلى فرص لضياع أولادهم منهم، إذ كلما يشتد الضغط على الأبناء كلما صار ابنك بعيداً –وإن كان ذلك نفسياً-، لذلك على الآباء معرفة أن الخوف الشديد لن يحمي الأبناء، وأن عليهم تقبل مواجهة أولادهم للحياة ببساطة، وأن يكونوا معهم بالدعم والتشجيع.