بمناسبـــة عيـــد المـــرأة لأول مرة في بغداد.. دراجة هوائية أم مفاجأة نسوية؟!

215

علي الهاشمي /

اذا رأيت نساء عراقيات يتجولن بالدراجات الهوائية في وسط العاصمة بغداد، فارفع لهن القبعة، وافسح الطريق أمامهن، لأنهن لسن ذاهبات إلى نزهة، وإنما إلى دوائرهن، أو لإيصال أطفالهن إلى المدرسة أو الروضة. هذه ليس مزحة، وإنما تجربة حقيقية لمنظمة مجتمع مدني اسمها (نخلة وطن للثقافة والتنمية المستدامة)، تقودها امرأة تجمع بين الرياضة والثقافة أرادت أن تكسر حواجز الخجل من قيادة الدراجات الهوائية في شوارع العاصمة بغداد،مجموعة من النساء الجامعيات وربات البيوت والموظفات والطالبات ومدرسات الجامعات، يسجلن بداية عصر الدراجة الهوائية في العراق.
نساء شجاعات
بدأت برئيسة الفريق، التي تشغل موقع رئيسة المنظمة، الكابتن (سعاد الجوهري)، الخمسينية التي عادت إلى مقاعد الدراسة الجامعية لتتخصص بالرياضة، بعد أن ودعت تكنلوجيا الصناعات الغذائية منذ زمن، ولديها مؤلفات في التربية والمجتمع، إذ أنك تقف مندهشاً أمام قدرة هذه المرأة، التي تتمتع ببساطة متناهية، وهي تقود أكثر من (120) امرأة، شابات صغيرات، ونساء شجاعات متقدمات في السن من شتى الشرائح.
تقول الكابتن سعاد إن اختيارها الدراجة الهوائية لم يكن عن جهل، وإنما عن وعي تام. وحين سألتها: كيف؟ أجابت دون تردد: “الفريق الذي أقوده هدفه تثقيف المرأة وتوعيتها بواجبها، لتأخذ دورها بالإسهام في تطور المجتمع، ولتصبح أكثر إيجابية بما يعزز هذا الجهد لتحقيق هدف تربوي مهم هو الاهتمام بالأسرة والطفل من خلال تثقيف الأم بوصفها المسؤولة عن غرس المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة في البنين والبنات، وإزالة النظرة القاصرة نحو البنت.”
فيما وصفت خريجة الجامعة المستنصرية (روشان خالد) تجربة قيادة الدراجة الهوائية بأنها “تجربة ممتعة وجميلة، على الرغم من التعب وصعوبة التنقل في العاصمة بغداد، كما انها تعزز ثقة المرأة بنفسها، إلى جانب كونها صديقة للبيئة، وهنا لابد ان أشكر زوجي ومدرّستي الكابتن سعاد اللذين كانا وراء تشجيعي.”
النواة الأولى
وبما أنني لا أستطيع أن ألتقي الفريق كله، لذا اخترت القياديات منهن، فهذه الدكتورة (حنان ياسين)، دكتوراه مناعة ودبلوم تغذية، أستاذة في جامعة بغداد، ومن العضوات الأوليات، وإحدى المؤسسات للمنظمة، تقول: “بعد تداول فكرة تأسيس فريق نسائي لرياضة الدراجات الهوائية، مع الأخت سعاد، وحضور بالكاد يعد على أصابع اليدين، استطعنا أن نكون النواة الأولى للفريق، وحرصنا على إشراك الفتيات البراعم لنشر ثقافة ركوب الدراجات الهوائية، وبث روح الألفة والتعاون بين فئات المجتمع عن طريق التوعية بأهمية البيئة الخضراء، وكيف أن الدراجة الهوائية تحافظ على سلامة البيئة، كما أنها تحسن الصحة العقلية.”
غير مكلفة وصديقة للبيئة
من جانبها.. اختصرت الإعلامية (سهر غالب محمد) تجربتها قائلة: منذ أول فرصة توفرت لي، حين مشاهدتي فريق الدراجات النسوي، شاركت فوراً، لأني منذ صغري كنت أحب ركوب الدراجة الهوائية، نحن هنا نحاول أن ننشر ثقافة استخدام الدراجة الهوائية، إذ أنها غير مكلفة وصديقة للبيئة، وخير وسيلة مساعدة لنا في تنقلنا.”
بعد ذلك انتقلت إلى الطالبة (هدى حسين)، من مواليد (2003)، التي تدرس في قسم التسويق بالجامعة الأميركية، كما أنها موظفة في إحدى شركات القطاع الخاص، التي عبرت عن فرحها بانتمائها إلى المنظمة، الذي حدث عن طريق المصادفة، عندما التقت الكابتن سعاد في حديقة أبي نوّاس، تقول هدى: “كنت أتدرب وحدي وأواجه صعوبة كبيرة في ركوب الدراجة، لكن عندما انضممت إلى الفريق ساعدتني كابتن سعاد كثيراً ومنحتني الثقة في الاستمرار، ثم بعد ذلك تعرفت إلى بقية عضوات الفريق من خلال الجولات، ولمست طموحهن وتمسكهن بأحلامهن، وكيفية عيش حياتهن بحرية وقوة وثقة، فـأدركت حينها أن الدراجة الهوائية لها تأثير نفسي مذهل على النساء، إذ أن ركوبها يجعلنا وكأننا نرقص في الهواء ونحلق بأجنحتنا كالطيور، بالإضافة إلى الصحة البدنية التي نكتسبها بدون إحداث أي تلوث في البيئة، وكما تعلمون فإن الدراجة صديقة للبيئة، ولاسيما أنها تخفف من زحمة الشوارع.”
قصة دراجة
وهذه (سهام مهدي محمود الطيار)، من منطقة باب الشيخ، الحاصلة على بكلوريوس أدب إنكليزي، ولديها دورات إعلامية عديدة، والأديبة التي لها ثلاث مجاميع قصصية، ومع كل هذا فهي الموظفة النشطة في دائرتها (الشركة العامة للإسمنت)، إحدى تشكيلات وزارة الصناعة، التي انضمت إلى فريق الدراجات الهوائية، ليكتمل لديها الإبداع القصصي مع الرياضي، فهي تقول: “منحني ركوب الدراجات قصة جديدة في حياتي مضافة إلى قصصي الأخرى.”
والدتي شجعتني
أما (نور الزهراء)، من مواليد 2008، الطالبة في مدرسة الموسيقى والفنون التعبيرية فتقول: “والدتي -بالدرجة الأولى- هي التي شجعتني على قيادة الدراجة كوسيلة نقل وفائدة صحية، وأنا قرأت عن فوائد ركوب الدراجة ومنها حرق الدهون الضارة، كما أن فائدتها أكثر من المشي في تقوية العضلات.”
وأختم بالأستاذة الجامعية (سعاد محمد)، المدرسة المساعدة في جامعة بغداد كلية الهندسة، التي هي نائبة رئيسة منظمة (نخلة وطن)، وتعمل مديرة شعبة في الكلية، وعضوة تمكين المرأة، وتدريسية في قسم هندسة المعلومات والاتصالات، التي قالت إنها “على الرغم من كل مشاغلها، فإنها سعيدة بكونها تعمل في هذه المنظمة وبأنها تقود دراجة هوائية وتشجع زميلاتها على ركوبها.”