العمل بالدفع الإلكتروني.. خطوة حضارية
مصطفى ناجي
تصوير : علي الغرباوي/
في مساعٍ لإكمال دورة المال بعد تفعيل أدوات الدفع الالكتروني، التي ستسهم في زيادة الائتمان وتمويل المشاريع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، باشر البنك المركزي بالانتقال الى نظام الدفع الالكتروني وتفعيله منذ مطلع شهر حزيران الماضي، في الأسواق (المولات) ومحطات تعبئة الوقود وغيرها،
ولّد ذلك ردود أفعال متباينة لدى الجمهور وأصحاب نقاط البيع، فمنهم من هو راضٍ ومنهم من هو ممتعض.
الأجهزة مجانية
رغم قرار مصرف الرافدين بمنح أجهزة (POS) إلى مؤسسات الدولة والقطاع الخاص مجاناً، بالتعاون مع الشركة العامة للبطاقة الذكية، وتوفير الدعم الفني واللوجستي، والبرمجيات الداعمة، وتدريب كل الملاكات الفنية مقابل (صفر) عمولات حتى نهاية العام الحالي، الا أن الواقع يعطي انطباعا بوجود تخوف من عدم تقبّل الجمهور لهذه التجربة الجديدة في الأسواق المحلية، رغم أن العالم يعتمدها منذ سنوات.
نقاط البيع
ونقاط البيع الالكترونية هي أجهزة مخصّصة لقبول معاملات الدفع الالكترونية التي تسمح للتجار وأصحاب المحال والمشاريع بقبول المدفوعات من عملائهم (الزبائن) من حاملي أدوات الدفع الالكترونية (كريدت كارد)، مقابل ما يقدّمه التاجر من سلع او خدمات، كبديل للدفع النقدي.
“الشبكة” التقت بعدد من (البوزرجية) العاملين في محطات تعبئة الوقود، الذين أعربوا عن ارتياحهم لهذه العملية رغم تراجع معدل (اكرامياتهم) بعد العمل بهذا النظام.
رغبة الجمهور
يقول عبد الله سالم: “منذ مطلع حزيران الماضي باشرت محطتنا العمل بنظام الدفع الالكتروني ووفرت أكثر من جهاز لتلافي الزحام الذي قد يحصل، ولقد تدربنا على العمل بهذه الاجهزة منذ مدة”.
وأضاف “هناك من يرغب بان يعبئ سيارته بالوقود بنظام الدفع الالكتروني والبعض الآخر يفضّل التعامل بالطريقة القديمة والدفع نقداً”.
معدل الإكرامية
بدوره قال كمال حسين “لقد تراجع معدل (إكرامياتنا) بنسبة ليست كبيرة، الا أنها تبقى (إكرامية) حسب الشخص، فهناك من يمنحها عن طيب خاطر وآخرون يقفون معنا على حدّ (الفلس).
وأشار الى أن “يومياتنا او أجورنا التي نأخذها من المحطة ثابتة ولم تتغيّر بقدر تغيّر معدل (الاكرامية).
ارتياح وتفاؤل
قيس عبد الصاحب عامل في أحد المولات ببغداد قال: إن “تطبيق آليات الدفع الالكتروني وفر لنا الكثير من المزايا منها تصريف العملة الصعبة وإرجاع الباقي بالعملة المحلية او بالعكس، كما إننا لن نضطر الى حمل أموالنا (كاش) الى بيوتنا ليلا وإيداعها في المصارف صباحا”.
وتابع “وفر العمل بهذا النظام الكثير من المزايا لنا وللمواطنين على حد سواء، فالمواطن عندما يتسوّق بالبطاقة الذكية يعرف كم يبلغ رصيده وقد لا يغامر بإنفاق المال أكثر ممّا متوفر في بطاقته كما هو الحال عند حمله المال نقداً”.
خطوة متأخرة
يعتقد المواطن احمد عبد الحسن أنّ العمل بنظام الدفع الالكتروني خطوة متطورة لكنها متأخرة في الوقت ذاته، لاسيما أننا في العام 2023.
وأضاف عبد الحسن لـ”الشبكة” أن “الكثير من دول العالم اعتمدت العمل بهذا النظام منذ تسعينيات القرن الماضي، الا أن ظروف البلد، آنذاك، جعلته يتأخر كثيرا بهذا الجانب رغم المزايا الكثيرة التي يوفرها هذا النظام من توفير في الفئات النقدية الصغيرة، والامان، والحفاظ على العملة الورقية من التلف، إضافة الى ميزة التوفير التي يمنحها هذا النظام لمستخدميه”.
تصفير العمولات
بدورها ذكرت رابطة المصارف الخاصة العراقية، أن 9 شركات دفع الكتروني، صفرت العمولات على نقاط البيع في جميع مؤسسات القطاع الحكومي حتى نهاية العام الحالي، دعما لنشر أدوات الدفع الالكتروني بمؤسسات الدولة.
وقال المدير التنفيذي للرابطة، علي طارق: إن “البنية التحتية للقطاع المصرفي، أصبحت جاهزة لنشر أدوات الدفع الالكتروني، لا سيما في ظل وجود عدد كبير من المواطنين يمتلكون بطاقات مصرفية وبمختلف أنواعها”.
توزيع الاجهزة
أكد طارق أن “شركات الدفع الالكتروني، تعمل على نشر أجهزتها في الوزارات والمؤسسات غير المرتبطة بوزارة، إضافة الى الجامعات ومحطات الوقود والمطاعم والصيدليات والعيادات الطبية والأسواق وغيرها”، مضيفا أن هذه “الخطوة، تعد مهمة جدا في تحقيق الشمول المالي، والمساهمة بنشر ثقافة الدفع الالكتروني وتسهيل المعاملات والاجراءات”.
القارئ الشامل
من جهته بيّن الاكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني أهمية هذا النظام بتوحيد الدفع، رغم تعدد المصارف المصدّرة للبطاقات (الكريدت) وتخصيص صرّاف آلي لكل منها.
وأشار البيضاني الى أن “ما يميّز نقاط البيع هو قبولها لأي بطاقة ذكية صادرة عن المصارف العراقية وصالحة للاستخدام، دون الحاجة الى توفير قارئ خاص لكل مصرف كما هو الحال في صرف الرواتب وغيرها من التعاملات النقدية الأخرى”.
ورأى أن “ثقافة السكان وخبرتهم بمزايا الدفع الالكتروني في العراق ضعيفة، ما قد يتسبّب بعدم الإفادة الكليّة من انتشار نقاط البيع، إذ إن المواطنين يعتمدون – إلى حدّ كبير- على أنظمة الدفع التقليدية (الكاش)”.