فخ المعايير يبتلع الإعلام الأوروبي التضامن الفلسطيني ثمنهُ التهديد ومعاداة السامية!
مجلة الشبكة/
لا يزالُ اللوبي الصهيو – أوروبي، ومخالبه الموغلة في كبرى اقتصاديات الناتو وسياسات القارة العجوز، يفوز بانحياز سياسي أوروبي (مؤمرك) لصالح تبييض (الميركافا) والصواريخ الإسرائيلية التي تمطر البيوت في قطاع غزة كل ليلة، غير آبهٍ بفخ التناقض، ولا يعنيه الالتصاق بتهمة ازدواجية المعايير.
(الحدث العالمي) تصنعه تحليلات الصحافة الأوروبية المؤثرة، وعناوين الأخبار التي توجه الرأي العالمي وتغيّر قناعات العقل الأوروبي، لذلك أصبحت تلك التحليلات والعناوين تواجه جدلاً جماهيرياً رغم الاتفاقات السياسية تحت قبة الاتحاد الأوروبي، كما يحدث في قضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مثلاً.
أمن مكثف في مناطق اليهود
يبدو أنّ مخيال النازية أعاد إلى الأذهانِ ذاكرة النار، لذلك تصدرت شرارة السياسة الألمانية عناوين الصحافة الرئيسة، كـ صحيفة (بيلد) الالمانية التي انحازت صفحاتها إلى كل ما يخدم أمن إسرائيل ويحمي مستوطناتها على أفضل وجه، بل تعدى ذلك إلى أحقيتها بموقفٍ يجيز للإسرائيليين الدفاع عن أنفسهم مهما كلف الأمر، غير آبهين بازدواجية المعايير، كما يرى ذلك متابعون، ولاسيما حينما ركنت ألمانيا دبلوماسيتها وانضمت إلى قافلة المصوتين على إيقاف مساعدات التنمية الفلسطينية، ما اعتُبر نوعاً من الردع الرسمي والابتزاز الدموي انتقاماً لإرهاب حماس -كما أسمتهُ- وزيرة الخارجية بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي حول خطرٍ قد يجرّ المنطقة بأكملها إلى كرة النار. ووفقاً لتقارير أفشت سرها مجلة (دير شبيغل) الألمانية، فقد تضاعف الحذر الأمني وصار خانقاً على الجاليات في أوروبا، إلى درجة أصبحت فيها حتى التجمعات المساندة للفلسطينيين تخضع إلى رصد المخابرات الدقيق، مقابل تعزيز إجراءات الحماية الأمنية وتكثيف الدوريات في مناطق اليهود.
الهجوم البري مقبرة مؤكدة
إن خطورة عقائدية الصراع المتجذر في أذهان الفلسطينيين منذ أربعين عاماً، تسبق خطورة السلاح المؤمّن والتنظيم القتالي. هذا ما ركزت عليه (مانشيتات) صحيفة (لوموند) الفرنسية. محذرة من خطوات إسرائيلية – أمريكية قد تكون متهورة ربما تحرق المنطقة بأكملها، والاقتناع ببدائل الهجوم البري باعتبار أن قضية الدفاع عند الفلسطينيين أخذت بعداً فكرياً وقتالياً جديداً، ولاسيما أن الصحيفة أوضحت وفق معلوماتها الصحافية عدمِ جدوى الاقتراحات لمحاربة حماس، كاقتراح ماكرون، الرئيس الفرنسي الذي اقترح تكوين تحالف إقليمي، وأيضاً ضرورة الاعتراف بتخبط الحكومة الإسرائيلية وعدم امتلاكها لأية ستراتيجية ناضجة.
رسمة كاريكاتير تهدد حياته
رسام الكاريكاتير البريطاني الشهير (ستيف بل)، أحد أبرز كتّاب الأعمدة المهمة في صحيفة (الغارديان) منذ أربعين عاماً، أثار زوبعة من الجدل، ووجّه رأي الشارع البريطاني والأوروبي ككل نحو كذبة الحريات الصحافية، حينما ظهر على منصات الرأي الأوروبية متحدثاً بلغته الإنجليزية إلى العالم بأجمعه عن فضيحة الغارديان، وكيف جرى فصله بطريقة غير لائقة وتهديد حياته، وذلك بعد (رسمة) انتقد فيها ممارسات نتنياهو في قطاع غزة، حيث قال:
“بعد هذه العاصفة التي حدثت على تويتر، قال لي رئيس التحرير: نحن نقيلك جراء الرسمة. والسبب هو أنني تحدثت خارج حدودهم المقدسة.” أعقب الفصل تهديد، وهو ما أكدته أيضاً صحيفة التايمز.
كل هذا حدث في بريطانيا، التي-يفترض- أنها تمثل صحافة حرة، لا سياسة منحازة إلى إسرائيل، لكنها حسمت أمرها منذ البداية حين أدرجت حركة حماس على قوائم (الإرهاب)، وأجازت أمنياً استخدام القوة الكاملة ومنع أية مظاهرات تدعمها أو تظهر تأييداً لهافي شوارع بريطانيا.