تبادل الأطعمة ومساعدة المحتاجين عادات رمضانية تستهوي العراقيين في رمضان
كتابة: ملاذ الأمين/
ورث آباؤنا وأجدادنا عادات طيبة تمارس في رمضان تحديداً، منها تبادل أنواع الطعام والأكلات بين الجيران والأقارب، إذ كنا نرى (صواني) الطعام المحملة بأطباق الرز واللحم والدجاج والمرق والخبز والمقبلات والفواكه تدور في بيوتات المحلة.
بعد الإفطار تعاد تلك الأطباق الى أصحابها محملة بالحلوى مع تقديم الشكر والعرفان.
هذه الطبيعة ولدت تعاضداً قوياً بين أبناء المحلة، فتراهم فريقاً واحداً في الشدائد، إذ لا يتوانى أي منهم عن تقديم المساعدة الى الآخرين، لكونهم قد تربوا على الألفة والمحبة والأخوة.
السيدة أم عائشة (63 عاماً) من الأعظمية تقول: “في منطقتي (النصة والنزيزة) القريبتين من جامع الإمام الأعظم، كانت أمهاتنا يطبخن الطعام بكميات تزيد عن حاجة البيت الواحد، وذلك بقصد توزيعها بين الجيران، وفي يومي الخميس والجمعة والمناسبات الدينية نذهب بها الى الجامع الذي يقيم مائدة إفطار جماعية تتسع لمئات الصائمين.”
وأضافت: “وفي حالة وجود عائلة فقيرة، فإن أهالي المحلة يتكاتفون في توفير أكياس الرز والطحين والحبوب والزيت، الى جانب الطعام المطبوخ يومياً لتقديمه الى تلك العائلات، وهذا العمل لا يكون للتباهي او التكبر، وإنما يقصد به إشاعة المحبة وروح التعاون، تأسياً بوصايا نبي الرحمة محمد (ص) وطلباً للأجر من الله.
زرع الابتسامة
ولا تقتصر مساعدات الميسورين للفقراء على الطعام، وإنما تتعدى الى احتياجات أخرى كالسكن والتدفئة والتبريد والملابس وحقائب الأطفال والأحذية والنقل، الى جانب الكلمة الطيبة وكل ما يدخل الفرحة والبهجة على قلوبهم.”
الأستاذ المتقاعد (سليم حسن) كان يعمل مشرفاً تربوياً في وزارة التربية يقول إنه كلف في مهمة تفتيشية في إحدى المدارس لمتابعة انتظام دوام المعلمين والطلاب فيها، ووجد فيها طلاباً حفاة، وآخرين بملابس بالية ممزقة، ما آلمه كثيراً.
يضيف أنه قرر أن يعود الى بغداد ليشتري ملابس وأحذية للطلاب من خلال فتح صندوق تبرعات يسهم فيه موظفو دائرته، يخصص لشراء الملابس لأولئك الطلاب. وبالفعل قاموا بجمع مبلغ جيد مكنه من شراء كميات من الأحذية الجلدية والملابس، ذهب بها الى تلك المدرسة، وقد صادف وقتها منتصف شهر رمضان، وأنه قام بتوزيعها على الطلبة الفقراء والمحتاجين.
يؤكد الأستاذ سليم أن “الطلاب علموا بأني صاحب هذا المشروع، وحين زرتهم في اليوم الثاني وجدتهم فرحين وهم يرتدون الملابس والأحذية الجديدة التي تسلموها بالأمس، وكانت فرحتي أكبر حين أحسست بشعور رائع يسري في كياني ويجعلني خفيفاً أحلق في ساحة المدرسة.”
مساعدة ذهبية
السيد (ا. ك 47 عاماً)، صاحب محل للذهب في الكاظمية يقول إن “الله انعم علي بالخير الكثير، لذا فإني أبحث عن الفقراء لأساعدهم طلباً لرضوان الله، لأن زرع الابتسامة والرضا في وجه المحتاج لها أجر كبير.”
وأضاف أنه “في الأيام الأولى من رمضان زارني خطيب وخطيبته مع عدد من النساء لاختيار (نيشان) الخطوبة التي ستجري في عيد الفطر، طبعاً كانت أم الخطيبة تطلب القطع الثقيلة والبراقة والغالية، وتسألني عن أسعارها، وحين كنت أنطق بالسعر، أجد أن الخطيب يتغير لونه وتجحظ عيناه، وفعلاً جرى اختيار طقم من الذهب، وكان غالياً جداً، لكن أم الخطيبة أصرت على شرائه، فيما وافق الخطيب على مضض وعيناه تبرقان حزناً. وحين قمت بالوزن لتحديد المبلغ الذي فاق على 3,5 مليون دينار، وجدت الخطيب يبلع ريقه بصعوبة، ولا يسعه إلا القبول مكرهاً. فرحت الخطيبة بنيشانها واتجه الخطيب نحوي ليهمس في أذني بأنه لا يحمل سوى مليون دينار، فأخبرته بألا يحرج نفسه أمام أهل خطيبته، وأن بإمكانه التسديد على شكل أقساط شهرية دون فوائد.. ابتهج الخطيب وأخذ يدعو لي بالرزق والستر والعافية.”