تغيرت ألوانها وأنواعها العباءة العراقية.. من الصوف إلى الحرير الفاخر

204

زمن الربيعي
تصوير / إيهاب البدر

لا تعد العباءة العراقية مجرد جلباب لستر زينة المرأة، وإنما هي زي تقليدي تعود جذوره إلى ما قبل قيام الدولة العباسية. فقد كانت المرأة العراقية ترتدي عند خروجها من البيت عباءتين من الصوف، تضع الأولى على كتفها وتلف بها جسمها وتخرج كفيها حتى الرسغين من خلال فتحتي العباءة وتسمى (الجوانية أو السرسوحة)، ثم تضع (الفوكانية) على رأسها. لم تكن العباءة العراقية متشحة بالسواد مثلما نراها اليوم، إنما كانت منها البيضاء المطرزة التي تعتبر دلالة على حسن الحالة المادية، ومنها الخضراء والماوي، وبقية الألوان، وهي لباس الشابات بشكل خاص حتى سقوط بغداد على يد المغول سنة 1258م حين تحولت إلى اللون الأسود حزناً من نساء بغداد على مدينتهن التي أحرقها المغول. ومنذ ذلك الحين بقيت العباءة ملازمة للسواد، لكنها لم تحافظ على شكلها، إذ إنها واكبت التطور الحضاري، فتبدلت العباءة (الجوانية أو السرسوحة) بـ (المشلح)، وهو من الحرير الأسود يشبه (الصاية) بدون أردان وله (ياخة) تشبه (ياخة) الروب، ويزرر بأزرار على جانبيه. لاحقاً ألغي هذا (المشلح) وبقيت العباءة (الفوكانية) العراقية التي نراها اليوم، التي اقتصر ارتداؤها على الجدات اللاتي لم يغرهن ما اكتسح السوق العراقية من العباءة الخليجية (الإسلامية) والإيرانية (الجادر)، بينما كانت المرأة العراقية في العقود الماضية، سواء الموظفة أو ربة البيت، ترتدي العباءة فوق ملابس الخروج كالفستان او التنورة والقميص، دون الحاجة للبس الحجاب، ولم يقتصر ارتداؤها على المسلمات فقط، بل ارتدتها العراقيات من جميع الطوائف والأديان.
طبقات اجتماعية
العباءة إحدى أبرز قطع الملابس التي انتشرت في عموم البلاد، إذ ترتديها المرأة العربية والكردية والتركمانية، كما لبستها المندائية والمسيحية وبقية أطياف العراق. وتبقى مدينة النجف الأشرف هي المنشأ الرئيسي لغزل ونسج وخياطة العباءة العراقية، التي تميزت عن بقية عباءات المنطقة بقالبها الذي يتكون من 8 أمتار من القماش، يخاط الجزء العلوي منها بتفصيلة للرأس والأكمام، وتعد القطعة السفلى لإضافة الطول للعباءة بشكل يثري العباءة العراقية ويميزها عن بقية العباءات. وكان بإمكان أي شخص معرفة إلى أية طبقة اجتماعية تنتمي المرأة التي ترتدي العباءة، فكلما كان قماش العباءة من النوع الفاخر مثل الحرير و(الجرجيت)، دل على أن من ترتديها من عائلة ميسورة الحال، أما إذا كانت العباءة (أم الكلبدون)، وهي المزركشة بخيوط من الذهب بالبلابل (كركوشة)تخاط على جانبي العباءة، فتعتبر هذه المرأة زوجة أحد تجار بغداد.
وقد يصل سعر الواحدة إلى أكثر من مليون دينار إذا كانت مصنوعة من الحرير الخالص، أما العباءة الأقل ترفاً فيتراوح سعرها بين 30 إلى 250 الف دينار، اعتماداً على نوعية ومنشأ قماش العباءة مثل الباكستاني، والحرير التركي، والجرجيت الياباني، والسوبر، والحبر، والسعدونية، والشيفون، والتترون، والحساوية.. وغيرها الكثير.