الاستعراض بالحب والكلام المعسول بين المتزوجين سعداء على “السوشيال ميديا” ومتصارعون في الواقع!
ميساء فاضل/
ما تزال كذبة الإفراط في إظهار علامات السعادة الزوجية والحرية الموهومة في مواقع التواصل الاجتماعي، انعكاساً مبطناً عن كم التعاسة الهائل داخل البيوت.
فالشريكان اللذان ينشران سعادتهما الزائفة باستمرار على مواقع التواصل، أو أنهما يستمتعان معاً بشكل دائم في البيت أو الإجازة أو عبر ممارسة رياضات مشتركة، قد يثيران غيرة وحسد أزواج آخرين، لأن فكرة التمتع بمباهج الحياة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون فكرة غير حقيقية، وربما تعكس عقداً نفسية، لا حياة سعيدة.
إذن، ما حقيقة السعادة (الأوڤر) على السوشيال ميديا؟ وهل حقاً أن الأشكال التي تطفو على سطح السوشيال ميديا، أصبحت المحرك لعقول ومشاعر المراهقين؟
“الطشة” لتهديم البيوت
التربوية زهراء عبد النبي، اعتبرت أن الخطة معلّبة ومعدة مسبقاً لتهديم البيوت، إذ قالت:
“بدأت هذه الفكرة الكاذبة على صفحات المشاهير و(اليوتيوبرز)، ليعرف متابعوهم باقتنائهم الماركات العالمية، وارتيادهم أغلى الفنادق والأماكن السياحية، لتتحول تلك الممارسات إلى إدمان تلهث خلفه أعداد كبيرة من المهووسين، علماً أن التباهي سلوك مرفوض يؤثر في الشخص نفسه، وفي متابعيه أيضاً، من أجل الحصول على أكبر قدر من الإهتمام والمشاهدات.”
إنجازات وهمية.. وديون
أما الفنان التشكيلي فائز درويش، فعبّر عن امتعاضه من هذا السلوك قائلاً: “هناك من حوّل إنجازاته الحقيقية على أرض الواقع، إلى (لايك) و(شير) ومتابعين، لأنه باختصار فاشل يحاول سد فشله بالتعويض الافتراضي، بل وصل الحد إلى إغراق نفسه بالديون، عند بعض ممن أدمنوا الظهور بشكلٍ ارستقراطي مفتعل، فكثيرون يستدينون لأجل التقليد والمضي مع تلك الموضة، سواء بشراء المقتنيات الثمينة، أو السفر، ويدخلون نتيجة لذلك في أزمات مالية. والأسوأ من ذلك فقدان السعادة وزعزعة الثقة والصحة النفسية، فالمقارنات والتباهي المصطنع أسهما في خلق العديد من المشكلات.”
فئات وهمية افتراضية
المختصة في البحث النفسي د. منال سمعان، اعتبرت أن “الاستعراض بالحب والكلام المعسول بين الأحبة أو المتزوجين في السوشيال ميديا أو الفضائيات غالباً ما يكون دليلاً على وجود خلل في العلاقة، لأن العلاقات -بنظرها- التي تظهر على السوشيال ميديا بكل تفاصيلها على أنها في قمة الرومانسية والجمال، قد تكون غير حقيقية في الواقع.” مضيفةً: “هذه الأشكال التي تطفو على سطح السوشيال ميديا أصبحت هي السائدة والمحركة التي تتلاعب بعقول ومشاعر المراهقين والشباب، الذين يظهرون بأجسام منحوتة أقرب إلى الكمال، أو بتصويرهم وهم يحصلون على أموال طائلة دون تعب أو جهد يذكر.” منوهةً بضرورة “توعية وتثقيف أبنائنا بأن هؤلاء هم فئة افتراضية وهمية، وأنهم يعيشون، رغم مظاهر الترف، أسوأ الحالات النفسية.”
عناوين براقة خادعة
الباحث الاجتماعي د .مصطفى الغراوي، أبدى رأياً تخصصياً عن الظاهرة، فيقول:
“أينما اتجهنا بالتقصي عن جذور العنف المجتمعي، والهاربات من طعناته، تلمع (ڤاترينا) الحرية الموهومة، التي يسوقها شياطين السوشيال ميديا تحت عناوين رائجة وبراقة، تستهدف بحملاتها المبطنة البنات -غالباً-، وتلعب على جزئية المصطلحات مثل (كوني قوية) و(الدراسة ما توكل خبز) وغيرها. لكن المرعب في الأمر هو أن كثيراً من الطلبة يرغبون اليوم في أن يصبحوا (بلوكرز) بعد التخرج، لأنهم -كما يعتقدون، سيكونون قادرين على عمل إعلانات بمبالغ خيالية وركوب أغلى السيارات!”