عام على رحيله.. كريم العراقي..صورة مغايرة لكلاسيكيات الشعر الغنائي

152

نورا خالد

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الأولى لرحيل الشاعر الكبير كريم العراقي، الذي أسهم بشكل كبير في إبراز العديد من المطربين بقصائده التي امتازت بالبساطة ووضوح اللغة وصدق الإحساس. رحل العراقي لكنه ترك إرثاً كبيراً من القصائد الشعبية والفصيحة منذ بدء مسيرته الشعرية في سبعينيات القرن الماضي.
في ذكرى رحيله، يستذكر العديد من مجايليه أهمية العراقي في نشر الأغنية العراقية على نطاق واسع في البلاد العربية من خلال قصائده التي غناها مطربون عراقيون وعرب.
أغان محفورة في ذاكرة المتلقي
يقول الملحن علي سرحان إن ” كريم العراقي كتب لوناً خاصا به، وأضاف إلى الشعر العراقي الترافة والشفافية، وخرج من المحلية إلى العربية، وبقيت أغانيه محفورة في ذاكرة المتلقي العراقي والعربي، فشعره الغنائي يصل مباشرة إلى القلب.”
مفردة وفكرة تفترسان روح المعاصرة
بينما أشار المطرب جواد محسن إلى ان “العراقي يمثل صورة أخرى مغايرة لكلاسيكيات الشعر الغنائي العراقي بصيغته الستينية والسبعينية، فهو يركز على المفردة الجديدة والفكرة، اللتين تفترسان روح المعاصرة بأسلوب يحاول التحرر من عبء التشكيل التقليدي للمحتوى السائد حينذاك.” مضيفاً أن “كريماً استمد أدواته من الشعر العراقي، فهو قارئ جيد لشعر الحداثة الذي ابتدأ بالسياب، فاستعار منه تمرده على الصيغ التقليدية وانفتاحه على الجديد الذي يعبر عن روح الحداثة.”
تعامل جواد مع العراقي غنائياً في الثمانينيات في أغنية (يغربة شما تغربينه)، التي لحنها جعفر الخفاف، وهي أغنية تتحدث عن الغربة وكأنها كانت نبوءة لما سيحدث بعد ذلك.
عندما كتب العراقي أغنياته باللغة الفصحى لم يكرر نفسه أو يقلد أحداً، بل كانت له تجربته الخاصة التي استخدم فيها مفردات ضاجة بالإيحاءات الذهنية التي تعبر عن روح المرحلة والحاجات الجمالية لجيل يبحث عن أغنية تعبر عن ذاته وما تحمله أعماقه من حاجات معرفية وإنسانية.
ختم جواد حديثه قائلاً: “يقف كريم العراقي في الصفوف الأولى من الشعراء الذين حاولوا أن ينقلوا الأغنية العراقية من محدودية التعبير إلى فضاء إبداعي واسع، وقد نجح كثيراً في صناعة ذائقة جديدة استجابت إلى متغيرات الواقع.”
شاعر غني وإنسان محافظ
الفنان طلال علي أكد لمجلة “الشبكة العراقية” أن “العراقي، رغم رحيله، إلا أنه باقٍ على قيد الإبداع، فهو الشاعر الغني بمواضيعه وإبداعاته الشعرية، والإنسان الشفاف المحافظ على عراقيته، إنه العراقي بمعنى الكلمة، الذي حمل هذا اللقب بكل فخر ورفعة، فمن منا ينسى (جنة جنة ياوطنه)، أو رائعته (بغداد). وأخيراً سيبقى أبو ضفاف في قلوب محبيه الذين سيرددون ما كتب عبر سنين إبداعه المتواصل.”
ولادة أغنية مدنية أنيقة وتلقائية
بدوره، يقول الملحن والمطرب قاسم ماجد: “مع العراقي ولدت الأغنية المدنية الأنيقة التلقائية، فقد كتب بلغة جديدة بيضاء مفهومة لدى الجميع، كاسراً اللغة التي كانت تكتب بـ (الحسجة)، ما ساعد في انتشار الأغنية خارج حدود المحلية، حفر اسمه في سجل تاريخ المثقف العراقي، فهو متعدد المواهب، يكتب القصة والمسرحية، ومن أكثر الشعراء غزارة في كتابة الأغنية.”
نبذة شخصية
ولد كريم العراقي في محلة الشاكرية بكرادة مريم عام 1955، حصلَ على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من معهد المعلمين في بغداد، عمل معلماً في مدارس بغداد لعدة سنوات، ثم مشرفاً متخصصاً في كتابة الأوبريت المدرسي.
أما في مجال كتابة الأغنية، فكانت البداية عام 1974 في أغنيتين للأطفال (الشميسة) و (يا خالة يالخياطة)، قدمهما وهو طالب في المرحلة الثانوية، ثم قدم العديد من الأعمال الناجحة لمعظم المطربين العراقيين.
انطلاقته الحقيقية كانت مع الساهر في مصر، ومن خلال وجوده في القاهرة تعامل مع الفنانين العرب (ديانا حداد ـ عمر العبد اللات ـ سميرة سعيد – محمد منير – هاني شاكر ـ أصالة نصري ـ صابر الرباعي ـ وآخرين).