في دورة حملت اسم الشاعر حسب الشيخ جعفر مهرجان الجواهري.. يُحيّي لبنان وفلسطين في بغداد

38

زياد جسام
تصوير / حسين طالب

تحت شعار (لبنان وفلسطين رافدان يجتمعان في بلاد النهرين)، أقام الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق الدورة الخامسة عشرة من مهرجان الجواهري في بغداد، التي حملت اسم الشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر، واستمرت لأربعة أيام.

وقد جاءت هذه الدورة لتواكب الأحداث المحيطة بمنطقتنا العربية ونصرة الشعوب المظلومة، إذ حملت قصائد الشعراء عناوين الدعم المعنوي لقضايانا المصيرية، ومساندة الأشقاء في لبنان وفلسطين في صمودهم البطولي ومأساتهم الإنسانية، في مواجهة ما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاشم من أعمال وحشية وقتل ودمار بحق الشعبين.
قصائد التضامن
بحضور أدبي كبير شارك فيه أدباء عرب وأجانب، انطلقت فعاليات المهرجان في مبنى اتحاد الأدباء وقاعاته، برعاية رئاسة مجلس الوزراء، ودعم وزارة الثقافة والسياحة والآثار، حيث تليت القراءات الشعرية الأولى، التي أحياها ضيوف العراق من الشعراء العرب وزملائهم العراقيين. ومنذ اليوم الأول امتلأت بهم باحة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، ليعلنوا من خلال قصائدهم تضامنهم مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، مستحضرين ما قاله شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري عن فلسطين: (أحقّاً بيننا اختلفت حدودٌ وما اختلف الطريقُ ولا الترابُ)، وقوله عن لبنان: (ناغيتُ لبناناً بشعري جيلا، وظفرتُه لجبينه إكليلا، إن العراق وقد نزلتَ ربوعه، ليعدّ ساكنَه لديك نزيلا).
أوطان الحرية
من جانب آخر، شهدت سينما المنصور بساحة الاحتفالات في العاصمة بغداد، الافتتاح الرسمي للمهرجان بحضور شعبي وثقافي كبير لأدباء الوطن وضيوف المهرجان من العرب والدول الأجنبية، وقف الجميع في بدايته وقفة حداد على أرواح شهداء العراق وفلسطين ولبنان، تلتها قراءة آي من الذكر الحكيم بصوت القارئ الشيخ ميثم التمار. توالت بعدها كلمات المشاركين في المهرجان، إذ أعلن جميع من وقف على المنصة، من العراقيين، موقف العراق الثابت من القضية الفلسطينية وما يحدث في لبنان، وهم يواجهون همجية المحتل الصهيوني.
وتحدث المستشار الثقافي لرئيس مجلس الوزراء، الشاعر د. عارف الساعدي، فقال: إن “هذا المهرجان يأتي ضمن سياق ما قاله المتنبي (لا خيل عندك تهديها ولا مال – فليسعد القول إن لم يسعد الحال). ونحن كما تعلمون في العراق، حكومة وشعباً، أعلنا، ونعلن أبداً ودائماً، أننا مع أهلنا في غزة ولبنان، نداوي ما استطعنا جراحاتهم ونخفف عنهم تعبهم. أما الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي، فقد جاءت كلمته مختصرة حين قال: إن “هذه الدورة من المهرجان هي المخصصة للنبل الأعلى، للأوطان التي تناضل من أجل الحرية وتقف شوكة في وجه القتلة، للبنان وهو يغزل أزره صورة زاهية، لعاشقين ودبكة في جفون الموت، لفلسطين وهي تتهجد أذاناً، لا على مقام الحجاز، لتعرج من جرحها وتسري، للعراق وهو يُجري بيروت والقدس.”
دجلة الخير
توالت بعد ذلك القراءات الشعرية مصحوبة بأنغام الموسيقى، التي افتتحها الشاعر القدير كاظم الحجاج، الذي قرأ قصيدة بعنوان (سفر المرايا). أما الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي فكانت قصيدته بعنوان (خمس أغنيات للشيء المنسي). تلاهما الشاعر الأردني طاهر رياض، والشاعر موفق محمد، الذي جال بصوته وإبداعه. لتختتم القراءات بقصيدتين للشاعر أجود مجبل، والشاعر اللبناني محمد البندر، الذي قرأ (للموقف الصادق مع لبنان)، في حين كان ختام الحفل الرسمي أوبريتاً بعنوان (دجلة الخير) للفنانة بيدر البصري.
هوية الكتابة
عن هذه النسخة المميزة من مهرجان الجواهري، التي حملت اسم حسب الشيخ جعفر، تحدث لمجلة “الشبكة العراقية” رئيس الاتحاد، الناقد علي الفواز قائلاً: “في هذه الدورة، شمل المهرجان العديد من الفعاليات الشعرية والنقدية، التي تضمنت محورين نقديين، الأول يتعلق بتجربة حسب الشيخ جعفر، والمحور الآخر تناول موضوعة النقد النسوي في ضوء الدراسات الثقافية. فضلاً عن حضور عربي مميز للأشقاء من مصر والأردن وفلسطين والمغرب ولبنان، وحضور أسماء عربية مهمة لها تأثيرها الكبير في الشعر والنقد والثقافة بصورة عامة. فضلاً عن إقامة طاولات أدبية، لأول مرة على مستوى المهرجانات التي أقيمت، تناولت نقاشات حول هوية الكتابة أو النقد والكتابة، وغيرها من الموضوعات. كما تزامن مع المهرجان حفل افتتاح (مكتبة الفريد سمعان)، التي قص شريطها فخامة رئيس الجمهورية الأستاذ عبد اللطيف جمال رشيد المحترم، بالإضافة إلى افتتاح المعرض التشكيلي للشاعر والفنان د. موسى الخافور، وتوقيع عدد من الكتب، منها كتاب (مختارات حسب الشيخ جعفر) الذي صدر عن منشورات الاتحاد ضمن سلسلة (ماس القصائد)، حيث وقع الكتاب بالنيابة عنه شقيقه، د. صاحب أبو جناح، وكتاب (الجواهري الأسطورة) للكاتبة د. خيال الجواهري.”
عراق الجميع
تحدث للمجلة أيضاً الشاعر اللبناني محمد البندر فقال: “إنه لشرف كبير لي أن اكون أحد ضيوف العراق، وبصراحة لا نشعر بأننا ضيوف، لأن العراق بلد فتح أبوابه للجميع، بلد له مواقف مشرفة مع الدول العربية التي يشعر أنها في حاجته. وبالنسبة للمهرجان فقد جاء في هذه الدورة مختلفاً عن السابق، وهي دورة تحدٍّ واضح للمحتل، وكأنها مواجهة للعدو الإسرائيلي بالكلمة والشرف اللذين كانا بمثابة الرصاص.”
كما تحدث لنا أيضاً ضيف آخر، هو الشاعر طاهر رياض، إذ قال: “أنا لم آتِ إلى بغداد منذ 35 سنة، فوجئت بما آلت إليه بغداد التي طالما شغلت قلوبنا وأرواحنا من الطفولة، فقد عرفنا بغداد منبراً ثقافياً، والحمد لله مازالت تبهرنا بمهرجاناتها وأنشطتها وكل شيء مفرح فيها.” وقد تنوعت الأنشطة الثقافية والفنية في المهرجان وعلى هامشه، التي توزعت بين باحة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين – المقر العام، ومكتبة ألفريد سمعان، وقاعة الجواهري، ومتحف الأدباء، والمركز الثقافي البغدادي، وغيرها من الأماكن الثقافية، في جلسات وقراءات شعرية وندوات ثقافية صباحية ومسائية، استمرت لأربعة أيام حافلة، وصولاً إلى حفل الختام الذي أكد فيه المثقفون والقائمون على المهرجان وقوفهم مع الشعبين الفلسطيني واللبناني ضد ممارسات الكيان الصهيوني الوحشية وجرائمه ضد الإنسانية.