متحف تربية أربيل تاريخ عريق وأرشيف ثمين
أربيل / خالد إبراهيم
يقع متحف وأرشيف تربية أربيل في مركز المدينة، بالقرب من قلعتها التاريخية. كانت بنايته بالأساس تشغلها أول وأقدم مدرسة في أربيل، ليجري ترميمها وتحويلها إلى متحف لأرشفة المواد والكتب الخاصة بالتربية والتعليم في المدينة، والحفاظ على مقتنيات الطلبة التاريخية والأثرية. وتضم أروقة المتحف أيضاً طاولات لشخصيات قدموا الكثير للعملية التربوية، عليها صورهم ومقتنياتهم القديمة، قام أهالي المعلمين والطلاب القدماء بإهدائها إلى المتحف ليضمها إلى أرشيفه.
عن متحف أربيل تحدث مديره أوميد أنور البرزنجي لـ مجلة “الشبكة العراقية” قائلاً:
“أنشئ المتحف بعد تحويل أقدم بناية مدرسية في أربيل إلى أول متحف وأرشيف تربوي في المدينة، إذ يعد الأول من نوعه على مستوى العراق والشرق الأوسط.”
تاريخ المدرسة
يبين (البرزنجي) تاريخ المتحف بالقول: “في زمن الملك فيصل الأول، كتب أهالي أربيل رسالة عن طريق إحدى الشخصيات العسكرية (أحمد ناجي)، الذي كان يجيد اللغات الكردية والتركية والعربية والإنكليزية، مطالبين بتخصص أرض لبناء مدرسة عليها بتاريخ 1926 أي قبل ما يقارب القرن، استجاب الملك لمطلبهم وجرى تخصيص المكان لبناء هذه المدرسة. وبعد سنتين من العمل اكتمل البناء، لكن بعض الأمور الفنية التي كانت المدرسة بحاجة إليها بقيت غير مكتملة، فكتبوا مرة أخرى إلى وزارة المعارف دون جدوى، ليبادر السيد أحمد ناجي، الذي كان يمتلك قطعة أرض في أرقى مناطق أربيل حينها، ببيعها لإكمال بناء المدرسة. لذا نقل هذا الشخص من السلك العسكري إلى السلك التربوي وعُين مديراً للمدرسة تثميناً لإخلاصه. وبعد مرور أكثر من ست سنوات، جرى افتتاح مدرسة أربيل الثانية والثالثة، لتستمر بين 80 الى 90 سنة كمدرسة ابتدائية، ثم استبدل اسم المدرسة إلى خلكان وسيروان.”
تاريخ عريق
يضيف (البرزنجي): “بعد عام 2005 أصبح عمر البناية أكثر من 90 سنة، وقل عدد طلابها، لأن المحلات السكنية القريبة من هذا المكان أصبحت قليلة، فقامت الحكومة بنقل الطلاب إلى مدارس أخرى قريبة، لتصبح بناية مدرسة أربيل الأولى فارغة. من جهته، يقول صابر حسين عبد الله، الإداري في متحف وأرشيف تربية أربيل: “بعد ان أصبحت البناية فارغة عام 2010 وبدأت بالتهالك شيئاً فشيئاً، قُدمت فكرة تحويلها إلى متحف وأرشيف من قبل الأستاذ والكاتب المعاصر إسماعيل البرزنجي، وجرى الترحيب بالفكرة وإعداد كل ما هو مطلوب لتنفيذ العمل، فرممت الأجزاء المتهالكة للمدرسة، وواجهنا في بداية الأمر صعوبة في تجميع المقتنيات القديمة، لكن جرى تجميعها والحصول عليها من الأهالي والأساتذة الذين درسوا في هذه مدرسة، ويوماً بعد يوم أصبحت البناية جميلة وغنية بمقتنياتها، وتعد هذه البناية أول متحف وإرشيف تربوي على مستوى العراق والشرق الأوسط”.
زوار المتحف
يسترسل (عبد الله) في حديثه فيقول:- “يتوافد على المتحف كثير من الزوار، غالبيتهم من الطبقة الواعية والمثقفة، فضلاً عن الزوار من بقية محافظات العراق ممن يرغبون في التعرف على تاريخ المدينة والتاريخ التربوي لها، عبر متحف وأرشيف تربية أربيل، وبالطبع الأساتذة الذين درسوا في هذه المدرسة هم في زيارة دائمة للمتحف.” مضيفاً أن “أبواب المتحف مفتوحة على مدار الأسبوع، عدا يومي الجمعة والسبت”.
مقتنيات تربوية
أما الطالبة أشكان فراسياب، (كلية الإعلام بجامعة صلاح الدين)، فترى أن “إنشاء مثل هذه المتاحف يلعب دوراً مهماً في أرشفة تاريخ العملية التربوية في أية مدينة، وبالأخص محافظة أربيل، وفرصة قيّمة لجمع كل ما يخص التربية والتعليم في القرن الماضي، والمحافظة عليه.” مؤكدة أن إحساساً رائعاً يعتريها حين تتجول بين أروقة المتحف، الذي كان في يوم من الأيام مدرسة تضم بين حناياها أفضل أساتذة التعليم.
تشاركها الرأي زميلتها الطالبة ريزنا بالقول: “أشعر بالفخر والسعادة عند مشاهدتي مقتنيات المتحف، كونها تؤرشف لحقبة مهمة لمدينة أربيل، فالتاريخ -كما يقال- هوية الشعوب، أنا مولعة بالتاريخ، ولدي شغف التعرف على كل شيء قديم، وهذا الأرشيف أو المتحف يضم مقتنيات تربوية ثمينة جداً لابد من المحافظة عليها.”