راقصة الباليه ليزان سلام: تحديت الصعاب وأسست أول أكاديمية متخصصة بفن الباليه..

10

اربيل / كولر غالب الداودي
الباليه فن ورياضة، يحتاج إلى صبر وفترة كافية من التدريب للوصول إلى اللياقة والمرونة والقوة، وهي مهارات لا توجد في أي شخص. ويحظى هذا الفن باهتمام كبير في الكثير من دول العالم التي تقيم بطولات عالمية تتضمن عروضاً فردية وجماعية غاية في الجمال وسط حضور كبير، كما أنه فن يمنح ممارسيه مهارات جديدة يعبرون من خلالها عن مشاعرهم وأفكارهم بحركات فنية. لكن ـ للأسف ـ هذا الفن الجميل مهمل في العراق.
راقصة الباليه ليزان سلام، وهي من أبرز راقصات الباليه في العراق، ومصممة، ومعلمة رقص أيضاً، تملك شهادة دبلوم من مدرسة الموسيقى والباليه بدرجة امتياز، كان لها رأي آخر عبّرت عنه في سعيها الدؤوب إلى تحقيق حلمها بتأسيس مدرستها الخاصة بتعليم فن الباليه للفتيات الصغيرات رغم كل التحديات التي واجهتها..
العراق بلد الفن
تقول ليزان في حديثها لـ مجلة “الشبكة العراقية” عن هدفها من أنشاء هذه الأكاديمية: “لقد سعيت بكل إمكانياتي إلى نشر ثقافة الباليه في المدارس ورياض الأطفال لتوسيع الفرص أمام الفتيات واستثمار المواهب الموجودة عندهن، فلو توفر مكان يستقطبهن ويرعاهن فنياً لاستطعنا خلق راقصات باليه على مستوى عال من الرقي، وربما تأسيس فرقة وطنية لراقصاتِ البالية، تشارك في المحافل العالمية وتوصل رسالة بأن العراق مازال ينبض بالفن”.
فكرة التأسيس
تستذكر ليزان ولادة فكرة تأسيس أكاديميتها بالقول: “في بدايات سنة 2018 لم تكن الظروف مؤاتية، والوضع العام غير مستقر، لذا فكرت أن أعطي دروساً عن رقص الباليه في مدارس أهلية، وأضمّن تلك الدروس في المنهاج المدرسي اليومي، وبالفعل ذهبت إلى عدد من المدارس وطرحت الفكرة على إداراتها، إلا أني جوبهت بالرفض من الغالبية، إلا مدرسة واحدة تقبلت الفكرة ووافقت. بعدها بعدة أشهر عادت نفس المدارس التي رفضت الفكرة لقبولها والموافقة عليها من خلال إعطائي الدروس والتعامل مع الأطفال، ومن هنا ولدت فكرة إنشاء أكاديمية متخصصة لفن الباليه خاصة بي.”
انطلاق الأكاديمية
تضيف ليزان: “عندما طرحت فكرة استقطاب البنات والأولاد للتسجيل في الأكاديمية، كان الإقبال في بداية الأمر لا بأس به فسجل قسم من الأولاد واستمروا لمدة شهر، لكنهم تركوا التدريب ولم يواصلوا بسبب عدم تقبل أهلهم فكرة أن يتعلم أولادهم رقص البالية، لذا توقف تسجيل الأولاد، أما الفتيات فإن عددهن حالياً في الفريق الذي يمثل أكاديمية الباليه العراقي هو ٢٠ فتاة منتميات إلى الأكاديمية منذ سنة 2018، وهن الآن بمرحلة متطورة في رقص الباليه، فكما معلوم أن تعلم رقص البالية يحتاج لوقت طويل وصبر ومران كثيف للوصول إلى الاحتراف.”
عن خطوات تأسيس الأكاديمية توضح ليزان بالقول إنها “في البداية استأجرت مكاناً لتدريب الأطفال على الباليه في إحدى المدارس الأهلية، واتفقت معهم أن يكون هذا المكان قاعة باليه خاصة، وبالفعل باشرت في تهيئة القاعة لتكون النواة الأولى للتأسيس، وبدأت العمل بتدريب الطلاب وإعطائهم الدروس، لكن سرعان ما داهمنا فايروس كورونا -كما تقول ليزان – ما اضطرنا إلى البقاء في المنزل، فعملت على فكرة تقديم دروس (أون لاين) في الباليه من المنزل، وهو ما أعتبره نقطة التحول بعد أن تابع دروسي عدد كبير جداً من الطلبة، وكانت أيام الأسبوع بأكملها مزدحمة جداً بمنهاج الدروس مع طلبتي المتابعين من جميع المحافظات العراقية، ولاسيما من البصرة والموصل وواسط والسليمانية وأربيل ودهوك، وعندما تلاشى هذا الفايروس وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها طلب مني الطلبة ممن كانوا يتابعوني (أون لاين) أن تكون الدروس والتدريب حضورياً، فعدت إلى نفس المكان السابق قبل كورونا وعملت دورات فيه.”
وتتذكر ليزان أن أول عرض باليه قدمته كان في إحدى القاعات، دون أن تكون هناك موسيقى مصاحبة أو غناء، وكانت القاعة وقتها ممتلئة بالحضور بما يقارب 450 شخصاً، حتى أن جميع التذاكر الخاصة بالعرض قد نفدت بسرعة.
حب وشغف
بدورها، تؤكد ورقاء كريم، والدة إحدى راقصات الباليه التي تتمرن في الأكاديمية، أن حب وشغف ابنتها للباليه دفعها إلى مساندتها وتشجيعها على تعلم هذا الفن الجميل. مضيفة أنها “عندما عرفت أن هناك عرضاً لفرقة ليزان شجعت ابنتي على الاشتراك معهم للتدريب وتعلم رقص الباليه، وبالفعل بدأت تتعلم أولى الخطوات في الباليه مستفيدة من دروس (الأون لاين)، ثم اشتركت مع فرقة ليزان سنة 2019 وهي مستمرة معهم حتى الآن كراقصة ماهرة تتقن تماماً فن الباليه وكل ذلك بسبب تدريبها مع ليزان.” داعية في الوقت نفسه إلى الاهتمام بهذا الفن الجميل المهمل في العراق.