زيارة

13

 

محمد عبد الجبار الشبوط/

بإمكانك أن تُدخل السرور على قلب صديقك وتعزز علاقتك به بوسائل شتى، منها التفقد الدائم لأحواله، ذكره في المناسبات، وزيارته في البيت إن أمكن ذلك.
هذا ما فعله الزميل الصديق حليم سلمان، الرئيس الحالي لمجلة “الشبكة العراقية” التي تصدرها شبكة الإعلام العراقي.
قلت “الزميل الصديق”، لأن علاقتنا حازت على الصفتين. فهو زميل في العمل حين كنت رئيساً لشبكة الإعلام العراقي في الفترة من عام 2011 إلى عام 2016. وخلال هذه الفترة أصبح العدد الكبير من موظفي الشبكة أصدقاء لي. والدليل أنهم ما زالوا يتواصلون معي رغم مرور حوالي تسع سنوات على تركي المنصب، وما زلت ألمس منهم مشاعر الحب والود الصادقة. وهذا أمر محبب إلى نفسي، بل إنني أعتبره أكبر مكسب حصلت عليه في عملي في شبكة الإعلام.
العلاقات الإنسانية في بيئة العمل تلعب دورًا حاسمًا في نجاح أية مؤسسة، حينما يعمل المدير على بناء علاقة قائمة على المحبة والاحترام المتبادل مع فريقه، فإن ذلك يخلق بيئة عمل إيجابية ومثمرة تؤدي في النهاية إلى نجاح المؤسسة ككل. هذه الفكرة لم تكن مجرد نظرية بالنسبة لي، ولكنها حقيقة عشتها وأثبتتها تجربتي في إدارة شبكة الإعلام العراقي.
حينما توليت رئاسة شبكة الإعلام العراقي، أدركت أهمية الحب والاحترام في بناء فريق متماسك ومتحفز. اعتبرت أن العاملين في الشبكة ليسوا مجرد موظفين يؤدون مهامهم يوميًا، بل هم أشخاص بذلوا جهودًا حثيثة لتحقيق رؤية مشتركة. تلك الرؤية كانت مبنية على أساس حب العمل وحب المؤسسة. لقد تعاملت مع كل شخص في المؤسسة بصفته جزءًا رئيسًا من النجاح، وكانت الاتصالات والتفاعل معهم غير محصورة بالإطار الرسمي فقط، بل امتدت إلى الاهتمام الشخصي والتفاعل الإنساني. هذه الطريقة في الإدارة لم تعزز فقط بيئة العمل، بل أثرت أيضًا على الأداء المهني للفريق. الموظفون كانوا يشعرون بأنهم مقدرون ومحبوبون، وبالتالي كان لديهم الحافز للعمل بكفاءة وفعالية أكبر. المحبة التي زرعتها في قلوب الموظفين كانت بمثابة الدافع الذي حثهم على تقديم أقصى ما لديهم من جهود.
هذا النوع من العلاقات الإنسانية لم يقتصر أثره على فترة وجودي في رئاسة الشبكة فحسب، بل استمر حتى بعد مغادرتي، وهو ما يتجلى في التواصل المستمر الذي يحافظ عليه الموظفون معي حتى الآن. هذا التواصل يعكس العرفان والوفاء للذكريات الطيبة والبيئة الجميلة التي أسهمت في بنائها.
النجاح الذي حققته في إدارة الشبكة لم يكن بفضل الخطط الستراتيجية فقط، وإنما بفضل القيم الإنسانية التي جعلتها جزءًا لا يتجزأ من فلسفة الإدارة لدي. هذه العلاقات القائمة على المحبة تساعد المؤسسات ليس فقط على تحقيق أهدافها، ولكن أيضًا في أن تظل مكونات أساسية ومحورية في حياة العاملين حتى بعد مغادرتهم.
في النهاية، العلاقات الإنسانية هي التي تبني تاريخ المؤسسة، وهي الذاكرة الحية التي تستمر حتى بعد انتهاء العمل الرسمي بين الأطراف. وتجربتي في شبكة الإعلام العراقي هي خير دليل على أن المحبة والاحترام ليسا مجرد قيم مثالية في بيئة العمل، بل هما أساسان لتحقيق نجاح دائم وتواصل فعال. وهكذا يؤكد الواقع أن سر النجاح الحقيقي في إدارة أية مؤسسة يكمن حقًا في حب الرئيس للمؤسسة والعاملين فيها.
شكرا للصديق حليم، وشكرًا لكل من يتواصل معي من العاملين في شبكة الإعلام.