وزير النقل لمجلة “الشبكة العراقية”: مشاريعنا في 2025 ستحقق تحوّلاً حقيقياً في التجارة المحلية والدولية

15

حوار/ أحمد عبد ربّه
تصوير/ علي الغرباوي

مع تجاوز حكومة الخدمات، برئاسة محمد شياع السوداني، عامها الثاني، يحق لمجلة (الشبكة العراقية) أن تفتح ملف النقل مع وزيره رزاق محيبس السعداوي، في حوار موسع، سلط الضوء على مجالات هذا القطاع الخدمي، الذي يحتضن بين ذراعيه أبرز المشاريع الستراتيجية للحكومة: طريق التنمية، وميناء الفاو الكبير، اللذين يعوّل العراق عليهما في تجاوز الريعية النفطية من جهة، وإيجاد تكامل اقتصادي لدول المنطقة، تكون فيه بغداد المحرك الأساس بين العواصم، لبوصلة مستقبل الأجيال. في هذا اللقاء تحدث السعداوي عن عدد من القضايا التي تخص وزارة النقل، فكان هذا الحوار:

* اتفاقيتكم مع مؤسسة التمويل الدولية، ما الخطوات التي ستتخذها الوزارة لتحقيق تحسينات ملموسة في مطار بغداد؟ وكيف ستساعد هذه الاتفاقية في رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمسافرين؟
ـ عملنا على وضع خطة أطلقنا عليها خطة التأهيل الطارئة لمطار بغداد الدولي، وتتضمن 12 مشروعًا، تتلخص في تطوير البنى التحتية للمطار، وتهدف إلى تحسين خدمات النقل الجوي بما يلبي احتياجات المسافرين، وزيادة أعداد الطائرات وشركات الطيران المحلية والدولية، وتعزيز كفاءة عمليات المطار. هذه الخطة تتزامن مع الدراسة الموضوعة من قبل مؤسسة التمويل الدولية IFC عبر محفظتها الاستثمارية وخياراتها الثلاثة: الأول بناء مطار جديد، والثاني تأهيل المطار الحالي، والثالث هو دمج الخيارين الأول والثاني، ما يسهم في رفع كفاءة المطارات وتطوير مرافقها وعوامل السلامة فيها، وبما يتوافق مع المعايير الدولية، حيث تتضمن المحفظة الاستشارية تقديم دراسة شاملة لتأهيل المطار وتطوير البنى التحتية فيه، وزيادة الطاقة الاستيعابية له، وكذلك الاستفادة من الفرص الاستثمارية على أساس الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ومؤسسة التمويل الدولي هي واحدة من مجموعة البنك الدولي، وهي مؤسسة إنمائية دولية تعمل في أكثر من 100 بلد حول العالم. والعراق عضو في هذه المؤسسة منذ عام 1956، وبالإمكان الاستفادة من خبراتها في تنشيط الاستثمار، والتوسعة المخطط لها يراد بها استيعاب الزيادة المتوقعة في حركة النقل الجوي، لتتراوح بين 8,5 الى 9 ملايين مسافر سنويًا.
طريق التنمية.. رغبة عالمية في التنفيذ والمشاركة
* يتميز طريق التنمية بأهمية جيوسياسية واقتصادية كبرى، ما الجدول الزمني المحدد أو المتوقع لإكمال هذا المشروع؟ وهل صحيح أن الشركات لا ترغب في الدخول بهذا المشروع؟
ـ مشروع طريق التنمية هو مشروع ستراتيجي، ومن المشاريع الكبرى التي أعلنت عنها حكومة السوداني، ويتكون من مكونات رئيسة عدة: ميناء الفاو الكبير، الخطين السككي والبري السريع، فضلاً عن مدن صناعية كبرى في الحرم المينائي، وشبه جزيرة الفاو، والمناطق المجاورة للطريق الرابط بين مينائي الفاو وأم قصر، وقد خصص ١٨٠٠ دونم ضمن الحرم المينائي لإنشاء تلك المدن، داخل ميناء ومصفى الفاو الكبيرين. كذلك جرى تخصيص 40 ألف دونم خارج الحرم لإنشاء مدن صناعية أيضًا. وتقدر تكلفة المشروع حوالي 17 مليار دولار أميركي للمرحلة الأولى، مع فتح المجال أمام كبريات الشركات العالمية للاستثمار.
أما الفوائد الاقتصادية للمشروع، فإن طريق التنمية يهدف إلى ربط الموانئ العراقية بأوربا عبر تركيا، من خلال سكك حديد متطورة وطرق برية سريعة، ليكون حلقة ربط بين الشرق والغرب. كما أن المشروع سيعزز الحلقة التجارية والاقتصادية في البلاد، ويخلق فرص عمل كبيرة واستثمارات تسهم في إخراج العراق من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد متنوع.
ومن خلال دراسة الجدوى الاقتصادية التي تم طرحها، وبيان رؤية الحكومة العراقية، لاقى المشروع ترحيبًا دوليًا كبيرًا انعكس على رغبة الشركات العالمية الكبرى في المشاركة بالمشروع الواعد. وتم عقد مذكرة تفاهم رباعية تضم (العراق، وتركيا، وقطر، والإمارات). وكان هناك اجتماعان للمجلس الوزاري الرباعي في أنقرة وبغداد، وأن وزارتنا، بالتعاون مع اللجنة العليا لطريق التنمية، أصبحت مقصدًا لعدد من ممثلي الشركات العالمية ومستشارين اقتصاديين لعدد من السفارات، أبدوا رغبتهم في الانضواء ضمن المشروع على مستوى المشاركة أو التنفيذ.
ووصلت نسب الإنجاز في التصاميم التفصيلية للمشروع إلى 63 %. وهذه المرحلة تختلف عن سابقتها (مرحلة التصاميم الأولية) من حيث المحددات، أي أنها تستهدف البنى الموجودة، وكذلك بعض النقاط الخاصة بالمشروع، مثل الجسور والأبنية والمحطات وغيرها. وأن العام الجاري سيشهد استكمال مرحلة التصاميم التفصيلية، ثم الانتقال إلى عرض المشروع أمام كبريات الشركات العالمية للمنافسة على الفرص الاستثمارية الواعدة في هذا المشروع، وبما يخدم مصلحة العراق، ويتوافق مع رؤية الحكومة.
ميناء الفاو.. أهمية ستراتيجية كبرى
* افتتاح الأرصفة الجديدة في ميناء الفاو الكبير ضمن جهود تطويره. ما مدى تأثير هذه التوسعات على حركة التجارة البحرية؟
ـ استكمال الأرصفة الخمسة لمشروع ميناء الفاو يمثل مرحلة أولى للدخول الفعلي في عُقد ومسارات طرق التجارة والنقل العالمية، التي تمرّ بمنطقة الشرق الأوسط ذات الأهمية الستراتيجية الكبرى بالنسبة للتجارة العالمية، إذ إن إكمال تلك الأرصفة يمثل بداية حقيقية لتصحيح مسارات الاقتصاد العراقي، وتحولًا حقيقيًا في التجارة المحلية والدولية. إن ميناء الفاو بمرحلته الأولى سيتمكن من توفير خدمات وعمليات حديثة تسهل سرعة وانسيابية مناولة الحاويات الداخلة والخارجة من الميناء، ما يعزز الحركة التجارية ووفرة البضائع المطلوبة داخل الأسواق العراقية. فقد جرى تصميم الميناء على أساس علمي يمكننا من استكمال بناء أرصفة جديدة، وزيادة سعة الميناء وتطويره أثناء تشغيله، دون أن تكون هناك أية معوقات تؤثر على العمل، لأن الرؤية الموضوعة أخذت في الاعتبار مواكبة اي تطور تكنولوجي وعلمي لـ 50 سنة قادمة.
السكك الحديد.. مواصفات ومعايير عالمية
* هل لدى الوزارة خطط لتحديث البنية التحتية لشبكة السكك الحديد الحالية؟ وما المشاريع الجارية لربط العراق بدول الجوار عبر السكك الحديد؟
– دخل القطاع السككي في العراق عهدًا جديدًا منذ تولي حكومة الخدمات إدارة البلاد قبل عامين، حيث نفضت بعض خطوط السكك الحديد الغبار وغادرت الاندثار، بعد ملازمته لقرابة 20 أو 30 عامًا. كما أننا نحرص على اعتماد مواصفات ومعايير عالمية تواكب التطور الحاصل في القطاع السككي في إنشاء الخطوط الجديدة.
وخلال هذين العامين، نجحت الشركة العامة لسكك حديد العراق، تنفيذًا للمنهاج الوزاري، في إعادة تشغيل 12 خطًا، إلى جانب استحداثها خطوطًا جديدة، وأننا عازمون على تشغيل جميع الخطوط في المحافظات كافة، لأن ذلك مرتبط بمشروع طريق التنمية أولًا، وبرؤية الحكومة بأهمية تلك الخطوط وجدواها الاقتصادية للدولة، من جهة أخرى. كما لدينا مشاريع مستقبلية للخطوط الداخلية، أبرزها مشروع قطار كربلاء – النجف المعلق. ومشروع طريق التنمية / المرحلة الأولى، التي تشمل تأهيل وإعادة تشغيل الخطوط السككية الحالية وتجهيزها للعمل تزامنًا مع تشغيل ميناء الفاو الكبير خلال العام 2025.
* تم الحديث، قبل فترة، عن إطلاق حزمة جديدة للنقل الجماعي تشمل الباصات الكهربائية. متى من المتوقع إطلاق هذه الحزمة بشكل رسمي؟
– حرصنا على إعادة تفعيل النقل العام في بغداد والمحافظات ضمن خطة شاملة تنطلق على شكل حزم متتابعة، وقد تمكنا حتى الآن من استكمال الحزمة الأولى، وافتتاح 43 خطًا في بغداد من أصل 72 خطًا. كذلك افتتحنا عددًا من خطوط النقل الجماعي في عدد من المحافظات، منها الموصل، وصلاح الدين، وبابل، والنجف، كحزمة أولى أيضًا، من خلال افتتاح أكثر من 80 خطًا فيها. فيما جرى مؤخرًا رفد محافظة ذي قار بالحافلات الحمر لتشجيع قطاع السياحة، خصوصًا في مدينة أور الأثرية، وعملنا على افتتاح عدد من الخطوط في الجامعات والصروح العلمية بشكل عام، مثل جامعات بغداد والعراقية والبيان، وكذلك جامعة النور في محافظة نينوى.
وهذا المشروع هو جزء من مشروع متكامل آخر يخص النقل الجماعي، ويشمل قطاع القطارات، والتاكسي النهري الذي يعمل في عدد من المحافظات.
القطاع الخاص.. رؤية حكومية ومشاريع ستراتيجية
*ما المجالات المحددة التي تنوي الوزارة فتحها أمام الاستثمار الخاص، خصوصًا في مشاريع النقل والبنية التحتية؟
ـ تنعكس الشراكات مع القطاع الخاص إيجابًا على طبيعة الخدمات المقدمة من خلال المشاريع الخدمية الخاصة بالنقل، على أن تكون تلك الشراكات منسجمة مع القوانين النافذة، ولدينا تجارب متعددة في قطاعاتنا المختلفة، سواء البحرية منها أو المتعلقة بالعمل المينائي، وكذلك ما يتعلق بالنقل البري والجوي والمطارات، وهناك مردودات مالية أنعشت عمل شركتنا. كما أن توجيهات رئيس الوزراء تنص على دعم القطاع الخاص من خلال المشاركة، كونه يشكل ركيزة أساسية من الركائز المهمة في دعم الاقتصاد الوطني. أما فيما يتعلق بالمشاريع الستراتيجية، فهناك رؤية حكومية تهدف إلى النهوض بقطاع النقل بمشاركة القطاع الخاص، والاستثمار وتشجيع القطاع الخاص المحلي لسد احتياجات السوق ضمن آليات قانونية، التي تزيد من فرص العمل للشباب العراقي.
ومن ضمن مشاريع الشراكات مع القطاع الخاص إطلاق مشروع (التاكسي الوطني)، أحد مشاريع التشغيل المشترك بين وزارة النقل، المتمثلة بالشركة العامة لإدارة النقل الخاص، والقطاع الخاص.