هل يشارك الذكاء الاصطناعي في تحريك عجلة الاقتصاد العراقي؟

26

بغداد / مصطفى الهاشمي

شهد العالم، في السنتين الأخيرتين، تطوراً ملحوظاً في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة في الحياة. وفي العراق ينظر الخبراء والمختصون الى إمكانية تطبيق الذكاء الاصطناعي في مفاصل الاقتصاد عبر وجود الكثير من الجوانب الإيجابية لتطبيقه في القطاع الاقتصادي.

يوضح الأستاذ المساعد الدكتور سعدون محسن سلمان في كلية الإدارة والاقتصاد / جامعة بغداد، في حديث لمجلة “الشبكة العراقية”: “يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن عمليات الإنتاج في مختلف القطاعات، من خلال أتمتة المهام المتكررة وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات أفضل، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، مثل الرعاية الصحية والتعليم، فضلاً عن كونه يسهم في تنويع مصادر الدخل، عبر تطوير صناعات جديدة قائمة على التكنولوجيا، مثل صناعات البرمجيات والروبوتات”.
ويرى سلمان إمكانية أن “يسهم الذكاء الاصطناعي في مكافحة الفساد أيضاً، عبر تحليل البيانات الكبيرة للكشف عن أنماط غير طبيعية في المعاملات المالية والإدارية، إضافة إلى تطوير البنية التحتية، عبر تحسين إدارة الموارد وتخطيط المشاريع”.
المستثمرون والأوراق المالية
تتغير طبيعة الاستثمار بشكل جذري مع ظهور الذكاء الاصطناعي، فبدلاً من الاعتماد على التحليلات التقليدية والخبرة الشخصية، يمكن للمستثمرين في قطاع الأوراق المالية أن يعتمدوا بشكل متزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات استثمارية أكثر دقة وسرعة.
تجدر الإشارة إلى مشاركة رئيس هيئة الأوراق المالية فيصل الهيمص في مؤتمر جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط “ميرا” السنوي لعام 2024، الذي عقد في دولة الإمارات بالشراكة مع سوق أبو ظبي للأوراق المالية بحضور أكثر من 800 من القادة والخبراء، وممثلين عن 150 جهة مصدرة من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والشرق الأوسط، و33 سوقاً مالية، لمناقشة قضايا تؤثر في أسواق رأس المال، مثل دور الذكاء الاصطناعي في علاقات المستثمرين، ودمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في التمويل الإسلامي.
يعكس هذا التعاون المشترك بين هيئة الأوراق المالية العراقية وسوق أبو ظبي للأوراق المالية، التزام العراق بتطوير بيئة الاستثمار وتعزيز دور أسواق المال في دعم النمو الاقتصادي الإقليمي.
من جانبه، يعتقد المختص بالشأن الاقتصادي أحمد مكلف، بوجود إمكانية “للخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بتنفيذ عمليات تداول بشكل أسرع وأكثر دقة من البشر، ما يتيح للمستثمرين الإفادة من الفرص المتاحة في السوق بشكل فوري، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير منتجات مالية جديدة ومبتكرة، مثل الصناديق الاستثمارية التي تديرها الخوارزميات”.
حوكمة التمويل المصرفي
وبشأن إمكانية دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في التمويل المصرفي (التجاري والإسلامي) يقول مكلف: “من الممكن، بل ومن الضروري دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة ESG في التمويل المصرفي، سواء كان تجارياً أو إسلامياً، لأن هذا التوجه العالمي يهدف إلى تحقيق توازن بين الربحية والاستدامة، ويعد استجابة للتغيرات المناخية والاجتماعية المتسارعة”.
ويؤكد ان “التوافق بين مبادئ الشريعة الإسلامية ومعايير ESG كبير، فالشريعة الإسلامية تشجع على العدل والإنصاف والمسؤولية الاجتماعية، وهي مبادئ تتفق بشكل كبير مع أهداف الاستدامة”.
الذكاء الاصطناعي والوظائف
وعن إمكانية نجاح تجربة الذكاء الاصطناعي في العراق بصورة عامة، وتأثر فرص الحصول على وظائف جديدة من عدمه، يرى الأكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني وجود “العديد من العوامل التي تسهم في نجاح تجربة الذكاء الاصطناعي في العراق، منها وجود قاعدة عريضة من الشباب، والحاجة الملحة إلى الحلول التقنية، والدعم الحكومي، والتعاون الدولي، إذ يمكن للعراق توظيف الخبرات الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال بناء الشراكات مع الدول المتقدمة”.
وبحسب البيضاني فإنه “من المتوقع أن يؤدي انتشار الذكاء الاصطناعي التي تغييرات كبيرة في سوق العمل في العراق، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى. ومن المحتمل أن يؤدي إلى فقدان بعض الوظائف، وخلق أو إيجاد وظائف جديدة، وتغيير طبيعة العمل، إذ ستطلب العديد من الوظائف مهارات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي مثل القدرة على التعامل مع البيانات والتحليل والتفكير النقدي.
ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون محركاً للتغيير الإيجابي في العراق، ولكنة يتطلب تخطيطاً ستراتيجياً واستثمارات كبيرة في التعليم والبنية التحتية. وينبغي على الحكومة والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص العمل معاً لضمان أن يستفيد العراق من هذه التكنولوجيا الجديدة.
أتمتة الأعمال والتشغيل
من جهته، يقول الأكاديمي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد / قسم الاقتصاد الدكتور صباح نعمة: إن “الذكاء الاصطناعي من خلال تعريفه، فهو يشمل استخدام أتمتة الوظائف، وهي باختصار عملية تشغيل الأجهزة والآلات في المشاريع لتحل بدل الوظائف التقليدية بعد أتمتة البيانات، وهذا سينظر له كأنما هو عمل للإنسان، إذ يمكن أن يأخذ مساراً آخر بتأسيس وظائف جديدة على مستوى الأعمال المختلفة.”
يضيف نعمة في حديثه لمجلة “الشبكة العراقية” أن ” للذكاء الاصطناعي إمكانية الاعتماد على نوع العمل وتعزيز الإنتاجية والكفاءة التي تؤثر في مهارات العاملين في المشاريع الإنتاجية التخصصية، إذ يتيح فرصة لتعزيز إمكاناتهم وقدراتهم بشكل كبير من خلال الابتكار وريادة الأعمال في بيئة العمل الجديدة “.
وبحسب نعمة “من الضروري أن يوجد توافق بين قدرات المرشح للعمل مع متطلبات الوظائف التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، أي كبناء بيئة عمل جديدة وليس كالعاملين في بيئة عمل روتينية وقديمة، بل على العكس سيؤسس لوظائف أكثر إبداعية وإنتاجية تتوافق مع متطلبات العمل مع الذكاء الاصطناعي، وبالتالي فإنه سيؤسس لوظائف جديدة بمتطلبات مهارية جديدة”.