بنك الكنتور!

38

خضير الحميري

أدلى أحد الخبراء الاقتصاديين بتصريح صريح ذكر فيه أن العراقيين يفضلون حفظ أموالهم في (الكناتير) على إيداعها في البنوك، وهم بذلك يخرجونها من عملية التداول ذات الأهمية الكبيرة في النمو الاقتصادي. فيما أشار آخر إلى أن نصف الأموال مخزنة في المنازل، وأن العراقيين يكتنزون في بيوتهم قرابة 90 ترليون دينار..
وفي ضوء ذلك، لاحظنا أن محال الأثاث بدأت تتفنن في تزويد (كناتيرها) بجيوب سرية لحفظ الأموال، فحين تدخل أحد هذه المحال يسارع صاحب المحل لترغيبك بحركة مدروسة (مع غمزة ذات دلالة) يزيح فيها (سلايد) خشبي ليظهر خلفه حاجز يزاح جانباً فتظهر قاصة أنيقة تُفتح بأرقام سرية.. ولك أن تودع داخلها، أو تسحب منها، أي مبلغ تريد، بلا ملء أوراق، ولا تواقيع، ولا سِره، ولاهم ينتظرون!
ولكن لماذا يفضل المواطن (بنك الكنتور) على البنوك الحكومية أو الأهلية؟ خاصة أن بنك الكنتور لا يمنح قروضاً ولا يدفع فائدة بأية نسبة كانت، بل على العكس، قد تتعرض أموال الكناتير إلى فائدة سلبية من خلال عملية (السلت) المتواصلة، فضلاً عن مخاطر التلف أو السرقة أو الحريق، فما الأسباب النفسية والمادية التي جعلت المواطن يفضل (مجرة) الكنتور على قاصة البنك؟
أغلب الذين تحدثوا في هذا الموضوع أشاروا إلى أزمة ثقة، وبعضهم لمح للدور (التطفيشي) الذي يقوم به السيد (روتين التعقيدي) على أكمل وجه، فيما غنى بعضهم أغنية كاظم الساهر الشهيرة (التعضه الحية بيده يخاف من جرة الحبل).. ولا تسألني عن أية حية، أو أي حبل تتحدث الأغنية، فتاريخنا المعاصر ما هو إلا لعبة.. حية و.. (حبل)..!