جريمة (الأنفال).. شاهد على الإبادة الجماعية

25

أربيل / خالد إبراهيم

طوال عقود حكمه المباد، اقترف نظام البعث الصدامي جرائمَ كثيرة بحق أبناء الأمة العراقية، اهتز لها ضمير العالم، وكُشف الغطاء عنها قبل وبعد سقوطه عام 2003.
تفنن نظام البعث الجائر بأساليب الموت: إعدامات، وتذويب بـ (التيزاب)، ومقابر جماعية، واغتصاب، والسلاح الكيمياوي. أساليب إجرامية اتخذها نهجاً ضد المواطنين، سواء أكانوا معارضين لنظامه أو من المدنيين الذين لم ينضموا لحزبه البغيض أو يروجوا له.

واحدة من هذه الجرائم، كانت (الأنفال)، التي تعرض لها الشعب الكردي على يد النظام المقبور. جريمة شنعاء راح ضحيتها عشرات الألوف من النساء والأطفال والكبار والشباب العزل والأبرياء، وعدّت واحدة من أكثر الجرائم الوحشية في تاريخ العراق.
اليوم، ونحن نستذكر هذا اليوم الأسود، استطلعنا آراء عدد من الباحثين والمواطنين عن تأثير هذه الجريمة النكراء على المجتمع العراقي عامة، والكردي خاصة.
تطرف فكري
د. نازدار علاء الدين سجادي، باحثة وأكاديمية متخصصة بالسياسة الدولية، قالت عن جريمة الانفال: “يوم أسود في تاريخ العراق بالعموم، وتاريخ الكرد، عندما جرى قتل الألوف من الكرد بدم بارد، جريمة ذهب ضحيتها الشباب والكبار والنساء والصغار، الذين استشهدوا ضحية عنف وتطرف فكري سياسي، فقط لأنهم مغايرون من حيث القومية والفكر والمبدأ والآيديولوجيا السياسية.” مشيرةً إلى أن جزءاً من هذا الشعب، الذي عانى معظم طوائفه وقومياته ومكوناته من ظلم النظام البائد، دفع أثماناً باهظة، إذ تعدى عدد الضحايا الـ 5000 شهيد.” منوهةً بأن “هذه الجريمة لايمكن التغاضي عنها أونسيانها، وأن تبعاتها ما زالت قائمة إلى الآن، نتيجة لنوع الأسلحة التي جرى استخدامها في هذه الجريمة النكراء.” مبيّنةً أن “جريمة الأنفال، خلفت الكثير من الأمراض والمشكلات والعيوب الخلقية، التي مازال يدفع ثمنها أبناء شعبنا.” تضيف (سجادي): إن “عطلة يوم 16 من آذار، ذكرى جرائم البعث الصدامي بحق الشعب العراقي (حلبجة، والأنفال، والمقابر الجماعية، والانتفاضة الشعبانية، وقتل العلماء ومحاربة الأحزاب)، ليست للاستمتاع، وإنما لتذكير الأجيال القادمة بهذه الجريمة النكراء، باعتبارها جريمة إبادة جماعية، دخلت ضمن جرائم (الجينوسايد)، وستبقى نقطة سوداء في تأريخ العراق.”. موضحةً: “علينا تذكير الأجيال أن هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم قبلنا، ضحوا من أجل هذا اليوم الذي نتمتع فيه الآن بالحرية، وحرية الرأي والفكر والمبدأ والقومية، إضافة إلى حرية الدين، هم كانوا بوابة السلام لعراق اليوم، رحم الله شهداءنا جميعاً من الكرد ومن شهداء العراق أجمع.”
سلاح كيمياوي
أما السيد وفا محمد كريم، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، فقد تحدث عن هذه الجريمة قائلا: “جريمة الأنفال واحدة من سلسلة جرائم الطاغية أيام العهد المشؤوم، التي تعرض لها العراق بأكمله، وكانت للكرد الحصة الأكبر من هذه الجرائم، وبالأخص القصف الكيمياوي، والمقابر الجماعية، وعمليات الأنفال، التي تعد من أكبر جرائم الإبادة الجماعية، وأسوأ ما في الأمر، أنها سميت بـ (الأنفال)، على اسم سورة من سور القران الكريم، سورة أوّلَها النظام البائد لأغراضه، معتبراً أن مناطقنا مناطق مرتدين، كفار، يحق لأتباعه الاعتداء على سكانها، وأن يغنموا منها ماشاؤوا.”، موضحاً أن “الجريمة وقعت في منتصف شهر آذار من عام 1988، وكانت على ثلاث مراحل، بدأت من القرى والأرياف في مناطق كرميان، بين كركوك والسليمانية وبعض المناطق المشمولة بسهل نينوى، حيث هدم أكثر من خمسة آلاف قرية، وتهجير 182 ألف شخص.” منوهاً بأن بعض النساء، من كبار السن قتلن في العملية، ونساء أخريات جرى بيعهن كجوارٍ وسبايا إلى بعض الدول الأخرى، وهو ما لم يتطرق له الإعلام – بحسبه -.
(كريم) أضاف في حديثه: “عندما نتذكر هذه الجريمة المؤلمة، لابد لنا أن نؤكد على الأخوة العربية الكردية التركمانية المسيحية، وأن مايؤلمنا كشعب كردي، أن ضحايا هذه الجرائم لم يتم تعويضهم.”
قصف المدنيين
من جانبه، قال عبد الرزاق علي، كاتب صحفي: “يوم السادس عشر من آذار، هو يوم قصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي من قبل نظام صدام. وقد أظهرت الوثائق الرسمية بعد سقوط البعث ونظام صدام، أن الطاغية تعمد قصف المدنيين، ولم يكن الأمر خطأً، كما كان يروج إعلام السلطة آنذاك. ذهب ضحية هذه الجريمة النكراء الألوف من الأبرياء، وآثار ذلك القصف اللعين باقية حتى يومنا هذا، آثار نفسية ومرَضية وغيرها الكثير.” واصفاً هذه الجريمة بالمروعة، التي يمكن ادراج فظاعتها، بعد فظائع الحرب العالمية الثانية.