(الهايبر ماركت) لمواجهة ارتفاع الأسعار “السلة الرمضانية” في بيوت العراقيين

26

أحمد البديري
تصوير / حسين طالب

في رحاب شهر الخير، تتعزز جهود وزارة التجارة لضمان استقرار الأسواق وحماية الموائد العراقية من تقلبات الأسعار، إذ أعلنت عن إطلاق السلة الرمضانية، التي جاءت حصنًا منيعًا أمام موجات الغلاء، وسدًّا في وجه جشع بعض التجار.

السلة الرمضانية لهذا العام ليست مجرد إضافة كمية، بل رسالة طمأنينة إلى كل بيت، إذ تضم خمس مواد غذائية جديدة: العدس، والماش، والفاصوليا، والحمص المجروش، والحمص العادي، أضيفت إلى مفردات البطاقة التموينية من الرز، السكر، الزيت، والطحين، في توليفة متكاملة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء خلال الشهر المبارك.
وبالرغم من استقرار معظم الأسعار، تبقى اللحوم الحمراء، والدواجن، والأسماك في منطقة التذبذب، حيث شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، ما يفرض تحديًا جديدًا على الأسواق.
استقرار الأسعار
المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون أكد في حديثه لمجلة “الشبكة العراقية” أن السلة الرمضانية ليست مجرد خطوة إجرائية، بل رؤية ستراتيجية تهدف إلى ضمان استقرار أسعار المواد الأساسية التي تشكل عصب الحياة اليومية للعائلة العراقية خلال شهر رمضان المبارك. وأضاف أن 80 % من المواد الموزعة ضمن السلة هي من الإنتاج المحلي، ما يعكس توجه الدولة نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي طالما كان رهينة المتغيرات الخارجية. وأشار إلى أن الوزارة تعمل على تغطية احتياجات أكثر من 41 مليون مواطن، مدعومة بخزين ستراتيجي يكفي لأشهر طوال، في خطوة تهدف إلى وأد المخاوف من أي نقص محتمل في المواد الغذائية.
الأسواق تحت المجهر
وفي مواجهة ارتفاع أسعار بعض السلع، لم تقف الوزارة مكتوفة الأيدي، بل سارعت إلى استحداث أسواق (الهايبر ماركت) في مناطق عدة، وهي خطوة تسعى إلى ضبط الأسعار وتقليل الفجوة بين المستورد والمحلي. هذه الأسواق تقدم سلعًا متنوعة بأسعار تقل بنسبة 25 % عن الأسواق التقليدية، ولا تقتصر على المواد الغذائية فقط، بل تمتد إلى الأجهزة والمستلزمات المنزلية ذات المناشئ العالمية، ما يعزز التنافسية ويحد من هيمنة المضاربين على السوق.
العراق اليوم ليس كما كان بالأمس، فهو، بحسب حنون، إحدى الدول المستقرة غذائيًا، حيث تعمل الوزارة جنبًا إلى جنب مع الأجهزة الأمنية لمنع التلاعب بالأسعار واحتكار المواد الأساسية، في قفزة نوعية تسعى إلى تحقيق عدالة اقتصادية في الأسواق.
سيادة غذائية
في ركن آخر من المشهد، تواصل الشركة العامة لتصنيع الحبوب جهودها لضمان وصول الطحين، هذا المكون الذي لا غنى عنه في كل بيت عراقي، إلى المواطنين بانسيابية تامة.
المدير العام للشركة محسن محمد النامس، أوضح في تصريح لمجلة “الشبكة العراقية” أن هناك خطة تسويق شهرية تشرف على تنفيذها لجان رقابية صارمة، لضمان جودة المنتج ومطابقته للمعايير المعتمدة.
وأكد النامس أن الشركة تعتمد بشكل رئيس على الحبوب المحلية، وهو ما يعزز السيادة الغذائية، ويمنح العراق مساحة أوسع من الاستقلال عن السوق العالمية وتقلباتها. وأشار إلى أن الخزين الستراتيجي من الحبوب يكفي لأشهر عدة، ما يضمن استمرار التوزيع دون انقطاع، ويغلق الأبواب أمام أية أزمة محتملة.
الأمن الغذائي
الخبير الاقتصادي مصطفى الفرج، أكد أن الأمن الغذائي في العراق لا يزال يواجه تحديات جوهرية، بسبب الاعتماد الكبير على الاستيراد، وضعف السياسات الزراعية والصناعية. وشدد على أن الحل يكمن في إعادة هيكلة قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية، عبر توفير المياه، ودعم الأسمدة، وتشجيع الفلاحين على زراعة المحاصيل الستراتيجية، بما يحقق الاكتفاء الذاتي ويضع حدًا للتقلبات التي تهدد استقرار الأسواق.
أما فيما يخص الأسعار، فقد أكد الفرج أن دور الدولة يجب أن يكون أكثر حزمًا في ضبط الاستيراد ومنع الاحتكار، مع تعزيز البطاقة التموينية لتكون أداة فاعلة في حماية الفقراء من موجات الغلاء. ولم يغفل الحديث عن استقرار سعر الصرف، باعتباره الوتر الحساس الذي يتحكم في أسعار المواد الغذائية المستوردة، داعيًا إلى تنويع مصادر التجارة الخارجية، والبحث عن بدائل للدولار في المعاملات التجارية الإقليمية.
وختم الفرج حديثه بنبرة تحمل بين طياتها الأمل والتحدي قائلاً: “إن تحقيق الأمن الغذائي في العراق ليس مجرد حلم، بل ضرورة ملحّة تتطلب رؤية ستراتيجية، تبدأ من دعم الإنتاج المحلي، ولا تنتهي إلا حين يصبح العراق قادرًا على تأمين غذائه بنفسه، بعيدًا عن تقلبات الأسواق العالمية ومفاجآتها غير السارة.”