الأوسكار الـ 97 لفلسطين

29

نرمين المفتي
أوقفوا التطهير العرقي ضد الفلسطينيين”.. جملة صرخ بها باسل عدرا، 29 سنة، وهو يتسلم الأوسكار ليلة الثاني من الشهر الجاري عن فيلمه الوثائقي الطويل ‏( No Other Land- لا أرض أخرى). مؤكداً أن “الفيلم يعكس الواقع القاسي الذي نعيشه منذ عقود، ونطالب العالم باتخاذ إجراءات فعلية لإيقاف هذه الانتهاكات.”
عدرا، المولود في بلدة (مسافر يطا) ويسكن فيها في الخليل، الضفة الغربية، قال في كلمته أيضاً إنه أصبح أبا للمرة الأولى منذ أسبوعين، ويتمنى ألا تعاني ابنته المعاناة التي واجهها في ظل الاحتلال (الإسرائيلي). كانت لحظة تاريخية في مسرح (دولبي) في لوس أنجلوس، في أهم حفل سينمائي في العالم، أن يتم توجيه اتهام الإبادة العنصرية والتهجير القسري ضد الفلسطينيين أمام أهم صنّاع السينما، وأمام ملايين المشاهدين حول العالم. ليؤكد الفيلم مدى قوة السينما، كمنصة للنضال وكشف الحقائق. لم يكن (عدرا) يتحدث فقط بصفته مخرجًا، بل كان صوتًا لشعب بأكمله، مستغلًا هذه اللحظة النادرة لإيصال قضية فلسطين إلى قلوب وعقول المشاهدين في كل مكان. يعكس الفيلم أن القوة الناعمة، المتمثلة في السينما، تستطيع أن تكون أداة مقاومة تؤثر أكثر من أي خطاب سياسي.
الفيلم إنتاج فلسطيني- نرويجي مشترك، أخرجه الرباعي، الفلسطينيان باسل عدرا، وحمدان بلال، و(الإسرائيليان) يوفال أبراهام، وراحيل تسور، وهما ناشطان داعمان للقضية الفلسطينية. يكشف الفيلم على مدى 95 دقيقة، بصدق وأمانة، معاناة الفلسطينيين في مسافر يطا، وهي منطقة تواجه عمليات هدم وتهجير قسري مستمر، ويجسد التحدي الذي يعيشه سكان هذه المنطقة، ليس فقط من خلال اللقطات الوثائقية، بل أيضًا من خلال القصص الإنسانية التي تعكس الألم والصمود. وما إن أُعلن عن ترشيح الفيلم للأوسكار، هاجمت قوة مسلحة للنازيين الجدد (مسافر يطا)، وبعد إعلان فوزه، انتقد وزير ثقافة النازيين الجدد ميكي زوهار في تغريدة على منصة (X) منح جائزة أوسكار لفيلم يسلط الضوء على تهجير الفلسطينيين، وقال إنها “لحظة حزينة لعالم السينما”!
(عدرا) ليس صحفياً ومخرجاً ومصوراً فقط، إنما شاهدُ عيان قال كلمته التي لم تمر مرور الكرام، إذ أثارت تفاعلات واسعة في وسائل الإعلام، بين مؤيدين اعتبروها صوتًا للحقيقة، ومعارضين رأوا فيها موقفًا سياسيًا جريئًا داخل حفل من المفترض أن يكون بعيدًا عن السياسة. لكن، كما أثبتت تجارب سابقة، فإن السينما ليست مجرد ترفيه، بل سلاح ثقافي قادر على تغيير الوعي العام وفضح الظلم، وتمكن (عدرا) من تحويل ما فعله في مسرح الأوسكار إلى منصة للعدالة، حيث استطاع أن يوصل رسالة واضحة: القضية الفلسطينية ليست قضية منسية، والسينما قادرة على إحداث تغيير حقيقي.