في وصف الزلزلة

18

جمعة اللامي

“سيقتلني حزناً عليها تأسُّفي
وهيهات إما يُجدي عليَّ التأسُّفُ”
( ديك الجن – يرثي زوجته: ورد )
لك الله، يا “بام” المسلمة.
والويل لنا من هزات أنفسنا وزلازلها. بل سنلبس برانس العار ودشاديش المذلة، إن نحن استمرأنا أوضاعنا الحالية، نراقب التلفاز، ونتابع الاحتفالات العلنية والسرية، ونقتفي آثار ما لا يليق بنا، بينما الهزات السياسية والزلازل القومية، تصبح علينا، ونمسي عليها، من دون أن تتفصد نقطة عرق واحدة من جباهنا.
ولقد وصفنا الأقدمون، حين قالوا بكثرتنا، لكننا سنقاد للديوث، ونصفق للرويبضة، ونهتف: بالروح بالدم، نفديك يا (فلان)، فيما الزلازل بين أيدينا وخلف ظهرانينا، وعن شمالنا ويميننا.
زلازل وهزات، بات صغيرنا يعرفها قبل كبيرنا، أصابت منا الأنفس، بسهم شيطاني، فلم يتصدّ أحد لوصفها، كما وصف الإمام جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هجرية، الزلازل التي أحاقت بأهله، في زمانه وزمان ما قبله من البشر، فالتجأ الناس إلى الله، ثم إلى دراية أهل العقل وأرباب الصناعة منهم، للتجمل على البلاوي والصبر عليها.
ونحن، أهل الثروة فوق الأرض وفي أماكن قشرتها، لم نعكف على تشكيل “قوة تدخل عربية” للحفاظ على أمننا من الزلازل، مع أننا في منطقة “الزلازل” النائمة والصاحية، رغم أن هذه “القوة” لا تعادي السامية، ولا تبشر بالإرهاب، ولا تمانع في دخول “ثقافة العولمة” إلى حجرات مخادعنا الزوجية.
دعوني أعود بنفسي، وبكم أيضاً، إلى الإمام السيوطي، رحمة الله عليه، الذي تفصله عنا أزيد من خمسمائة سنة، الذي كتب مخطوطته الشهيرة: “كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة” في 45 صفحة، قياس 18*17 سم، وبثلاثين سطراً للصفحة الواحدة، حيث أورد معلومات في غاية الدقة لما يزيد عن 11 اهتزازاً لمدينة بغداد وحدها، للفترة المحصورة بين 880 – 1160 ميلادية.
لكن بغداد “تزلزل” في كل ليلة بأسحلة المحتلين، كما كانت تضام على امتداد السنوات الخمس والثلاثين الماضية، بأيدي أشباه الرجال، والعرب النيام، أو يقبلون بما يقبل به الصديق أو “الحليف” أو “الراعي” الأميركي.
وجلّ ما يخشاه “غريب المتروك”، أن تصل إجراءات “مكافحة الإرهاب”، إلى استئصال ما سجله العلّامة “البيروني” في علم قياسات الأرض، أو ما دوّنه “المسعودي” في وصف الأرض وقياس الماء، خصوصاً مدوناته عن “انتقال البحار والأنهار ودورتها في الطبيعة”.
ولكن، نحمد الله تعالى لأن بيننا من “بقية العروبة”، من يجهد نفسه وينفق من حر ماله، ليحافظ على هذه الكنوز، كما حافظ عربنا الأوائل على بنات “ابن ماء السماء”، أمام زحف الأعاجم.
ولكن أيضاً – وا أسفاه – يوجد بيننا من “يتبرع” بجهد العلماء، والنابغين العرب، إرضاءً لنزوة، أو تلبية لنصيحة ظالم، أو خوفاً على كرسي.
وأخشى أن تكون رسالة العراقي “ياسين العمري”، المتوفى سنة 1793، المعنونة “الآثار الجليلة في الحوادث الأرضية”، قد سرقت من بغداد، وهُربت إلى “إسرائيل”.