مكصد الحلي لـ(الشبكة): أنا إمتداد لمدرسة سعدي الحلي ولست مقلدا له

1٬378

 احمد سميسم /

صوت جهوري وحنجرة فراتية مميزة، أدى الأغنية الريفية بحرفية واتقان، فلطالما تأثر بهذا اللون الغنائي منذ صباه، لاسيما بالفنان الكبير الراحل سعدي الحلي ليبدأ رحلته معه في حله وترحاله وغنى العديد من أغنياته في الحفلات والمناسبات.

بعد الحلي سار على خطاه، خاصة أن طبقة صوتيهما متقاربتان بدرجة كبيرة وحافظ على الأغنية الجنوبية الممزوجة بالحداثة وعمل على الارتقاء بها بعيدا عن الإسفاف، ليحتل مساحة واسعة في قلب محبيه لاسيما جمهوره (البابلي).
شغل مؤخراً منصب مدير الفرقة التراثية في المتحف البغدادي، فضلا عن عمله في شبكة الإعلام العراقي في إعداد وتقديم البرنامج الإذاعي (ساعة مع النجوم) عبر أثير (راديو العراقية). أنه الفنان مكصد الحلي الذي حل ضيفا عزيزاً على (مجلة الشبكة) في هذا الحوار.

نحو النجومية

ولد الفنان مكصد الحلي في قرية (عنانة) شمال محافظة الحلة في خمسينات القرن الماضي، وتأثر ببيئة هذه المدينة وكل ما تحيطها من جمال وثقافة وفكر، وفي عام 1963 بدأ يجاري بصوته الرخيم الأغاني الريفية وفرسانها أمثال المطربين داخل حسن، وحضيري ابو عزيز، وناصر حكيم، وعبد الجبار الدراجي وآخرين، في عام 1970 بدأت ذائقة الحلي تنجذب نحو أغاني الفنان الكبير ياس خضر.

يؤكد الحلي تأثره الكبير وولعه بالفنان الراحل سعدي الحلي عندما ظهر وبقوة للساحة الفنية العراقية عام 1972 حيث وجد الفنان هنالك أوجه تقارب وتشابه بينه وبين الفنان سعدي الحلي من حيث الطبقة الصوتية القربية الى صوت سعدي الحلي وانحداره من المدينة نفسها الحلة حيث مسقط رأس الفنان الراحل، وايضا هنالك صفة يشتركان بها هي الشبه بينهما في الملامح، ولهذا غنى كثيرا من أغاني الراحل في الحفلات والمناسبات المحلية التي كانت تقام في مدينة الحلة، ويشدد مكصد الحلي على أنه ليس مقلدا للفنان سعدي الحلي وانما امتداد لمدرسته الحلية الفراتية (الملائية) الرائعة.

الإذاعة والتلفزيون

ويروي مكصد حكاية دخوله للإذاعة والتلفزيون بالقول: أنتميت الى فرقة نقابة المعلمين في 1967، بعدها دخلت الإذاعة والتلفزيون عام 1975 وخضعت لإختبارات عديدة شاقة وقاسية تصل الى ثمانية إختبارات في الصوت والأداء وكثير من القضايا الفنية خلافاً لما نمر به الآن من غياب لجان الفحص والتدقيق لأداء المطربين الى عام 1986 كان آخر اختبار لي ونجحت فيه بأشراف الفنان الراحل الملحن طالب القره غولي حيث كان يشغل رئيس قسم الموسيقى في ذلك الوقت، ما أهلني الى الأنضمام الى مطربي الأغاني الريفية في ذلك الوقت وهم الفنان نسيم عودة، وعبد الزهرة مناتي، وفرج وهاب، وعبد الحسين اللامي، وعبد الصاحب شراد، وشهيد كريم، محمد قاسم الأسمر، ويترأسهم الفنان عبد الجبار الدراجي، وشاركت بجميع برامج الإذاعة والتلفزيون الريفية والمهرجانات التي كانت تقيمها وزارة الثقافة آنذاك، وسجلت عشرات الأغاني كان أبرزها أغنية ( يا طيبتي) للملحن صباح زيارة وكلمات علي العتابي، هذه الأغنية احدثت نقلة نوعية في مسيرتي الفنية من التقليد الى الخصوصية في الأغنية الريفية.

الأغنية الريفية

في ظل حداثة الأغاني لاسيما ذات الإيقاع السريع وتطور الألحان والتوزيع الموسيقى ترى هل ما زالت الأغنية الريفية محافظة على بريقها من الإندثار عن ذلك يقول الحلي: الأغنية الريفية موجودة في كل بلدان العالم وما زالت محافظة على بريقها ولم تندثر ، وما زال جمهورها أيضا مستمعا جيدا لهذا اللون الغنائي الرصين.
ويعزو الحلي السبب الرئيس الى عدم إنتشار الأغنية الريفية بشكل كبير وواسع في هذا الوقت هو اجحاف الإعلام وبعض القنوات التلفزيونية التجارية بحقها من حيث عدم بث هذا اللون الغنائي وتسليط الأضواء عليه إلا ما ندر من بعض المؤسسات الإعلامية كشبكة الإعلام العراقي التي تحرص على عدم إنقطاع هذا المورث الشعبي الجميل، والسبب الآخر هو التكلفة المادية في تسجيل الأغاني الفنان الريفي لا يمتلك الأموال الطائلة كي يصور او يسجل أغاني، لذا بقيت الأغنية الريفة على حالها لم تتجدد برغم وجود روادها من مطربي الغناء الريفي كالفنانين يونس العبودي، و رعد الناصري وآخرين.

حكايتي مع سعدي الحلي

واسترجع مكصد جانبا من ذكرياته مع رفيق دربه ومثله الأعلى الفنان الراحل سعدي الحلي وقال: رافقت الفنان الراحل سعدي الحلي في العديد من سفراته فكنت لا أفارقه ابدا حتى عند دخوله المستشفى في مدينة الطب عندما بترت ساقه الى يوم وفاته كنت جالسا الى جنبه، وفي أحد الأيام كنا ذاهبين الى النجف الأشرف في زيارة عام 1997 واذ رأيته يجهش بالبكاء قلت له ما بك أستاذ سعدي؟ فقال لي باللهجة العامية (مكصد من أموت الناس تبجي عليه) في تلك اللحظة لم اتمالك نفسي فبكيت بحرقة، فقال لي أنت من بعدي، وكررها في لقاء تلفزيوني عندما سألوه عني فقال هذا من بعدي عندها أحسست أن في عاتقي مسؤولية كبيرة جدا.

الطور الفراتي

ورفض مكصد الحلي فكرة أو نية الغناء بغير الطور الريفي الجنوبي الذي عرفه الجمهور من خلاله واشتهر به متمسكاً بهويته الفنية الأصيلة والطور الفراتي الجميل، كما قدم الحلي آخر البوماته الغنائية الذي ضم سبع أغان ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية وصور أغنيتين منها أغنية (جيران نزلو بالطرف) التي نالت شهرة كبيرة وأغنية (يا طيبتي)، كما سجل مؤخراً (إنشودة) وطنية من إنتاج شبكة الإعلام العراقي حملت اسم (كوم يبني) ستبث قريباً من على شاشة قناة العراقية الفضائية دعما لقواتنا المسلحة من الجيش العراقي والحشد الشعبي.