شاحنة مفخخة تفضح آخر حيَل “داعش”
إياس الساموك/
لجأ تنظيم داعش الإرهابي، بعد خسارته العديد من مقاتليه في المعارك الأخيرة على جبهة الموصل، إلى استخدام بعض مناصريه من غير المنتمين للتنظيم، ليرسل معهم عجلات مفخخة إلى بغداد على أنها تعود إلى نازحين من محافظة الأنبار.
وبموجب آخر التحقيقات القضائية التي أطلعت عليها “الشبكة”، فإن القوات الأمنية ضبطت سيارة حمل مرسيدس “اقجم”، مجهزة بكميات كبيرة من الألغام كانت معدّة لتفجيرها في منطقة الكاظمية.
ضعف ثقة داعش بعناصره
العملية كشفت خيوط مثيلات لها حصلت في بغداد خلال السنة الماضية، بعضها شارك فيه متهمون لا يعلمون بأنهم يستقلون سيارات مفخخة، وذلك يعكس ضعف ثقة “داعش” بعناصره المسؤولين عن إيصال العجلات إلى الأهداف.
فيما يلي تفاصيل القصة:
متهم لايعلم بأن السيارة مفخخة
عند الساعة الرابعة فجراً، داهمت قوة من الجيش تابعة للاستخبارات العسكرية منزل حارث، الكائن في منطقة الشهداء غرب بغداد، بناء على معلومات دقيقة، وسألته عن مصير سيارة حمل كانت معه منذ صباح أمس، فأجابهم بأنها مركونة في منطقة الجمعيات على خط الدورة السريع وتحديداً عند “كراج بغداد”.
اصطحبت القوة المداهمة المتهم إلى مكان العجلة، وقامت بتفحصها، فوجدت أنها مجهزة بألغام مضادة للدبابات وكميات كبيرة جداً من المتفجرات وأسلاك التفخيخ “كورتكس”، كادت تؤدي الى كارثة انسانية لولا التوصل إليها.
الارهابيون لم يكتفوا بهذه المتفجرات، بل ملأوا زوايا وفراغات قلاب العجلة بكميات كبيرة من مادة (TNT)، بنحو لم تستطع القوة العسكرية اخراجها إلا بعد الاستعانة بخراطيم للمياه.
الحارس في “كراج بغداد”، ابلغ الجهات التحقيقية بأن التعامل السابق مع حارث أدى إلى ثقة تحول دون قيامه بتفتيش العجلات التي يأتي بها. أما المتهم فقد نفى علمه بأن السيارة ملغمة، وذكر في إفادته بأنه يعمل سائقاً، وتعرّف على شخص عن طريق الصدفة في منطقة التاجي وهو سائق أيضاً، وطلب منه رقم هاتفه لغرض القيام ببعض الأعمال مستقبلاً. تلقى حارث اتصالاً هاتفياً، وكان على الخط شخص غريب، أبلغه بأنه من طرف صديقه الجديد وطلب منه نقل عجلة حمل مركونة داخل معرض للسيارات في اللطيفية. وعند وصول حارث إلى المعرض وهو معروف في المنطقة، تفاجأ بأن صاحب المعرض طلب منه التوقيع على مكاتبة بيع أصولية، وعند استفساره عن الغرض منها، جاءت الاجابة بأن العجلة تعود إلى نازح من الأنبار يروم ادخالها إلى بغداد لغرض استخدامها في نقل مواد البناء، وإن وجود المكاتبة ضروري للمرور من نقاط التفتيش.
100 دولار ثمن العملية!
تلقى حارث 100 دولار عن عملية النقل، وانطلق بالعجلة متجاوزاً سيطرة مدخل بغداد الرئيسة التي سمحت لها بالدخول، ويؤكد في أقواله إنه ركن السيارة في “كراج بغداد” على أمل تسليمها إلى شخص آخر قرب تقاطع الدرويش في منطقة الإعلام.
انتقل ضباط الاستخبارات في الموعد المحدد إلى مكان التسليم، ولاحظ ضابط برتبة (ملازم أول) شخصاً مثيراً للريبة على الجانب الآخر من الطريق، فنادى عليه وطلب منه التوقف ورفع يده وتوجه إليه بحذر وقبل اجتياز الشارع قام هذا الشخص بالضغط على زناد حزام ناسف كان يرتديه لغرض الدفاع عن نفسه وقطعها إلى أوصال.
كراج اللطيفية
أستمر التحقيق مع حارث، الذي أوصلت أقواله إلى صاحب معرض السيارات في اللطيفية وجرى القبض عليه وفق مذكرة صادرة عن قاضي محكمة التحقيق المركزية، وأقرّ صاحب المعرض بأن عمله ينحصر في تلقي عجلات تأتي من الأنبار يعتقد بأنها تعود إلى نازحين. وزعم، بأنه يساعد أبناء المحافظة كجزء من الواجبات الإنسانية، وأن من أوصل إليه السيارة المفخخة سبق أن ارسل ثلاث سيارات نوع (KIA) قام بإدخال جميعها إلى بغداد بنفس الطريقة. وسريعاً، تم القبض على من أوصل العجلة إلى صاحب المعرض وفق مذكرة قضائية أيضاً، واسمه محمد وهو نازح من مدينة الرمادي ويسكن حالياً منطقة التل الأبيض في النخيب التي تحاذي الأنبار وكربلاء.
محمد، أكد في افادته بأن شخصاً من داخل مناطق سيطرة تنظيم داعش في الأنبار يطلب منه ايصال عجلات إلى المعرض في اللطيفية، لقاء 500 دولار لكل عملية، وفيما نفى علمه بأنها مفخخة، أقر بأنه كان على شك بعائديتها إلى تنظيم داعش الإرهابي.
وأشار محمد إلى أنه يأخذ العجلة من داره، ويقطع الصحراء باتجاه منطقة خان النص القريبة من الحيدرية على حدود محافظة النجف، ومن ثم ينتقل إلى كربلاء ويدخل بها إلى منطقة اللطيفية عند المعرض. محكمة التحقيق المركزية صدّقت اعترافات المتهمين قضائياً، وقامت بإحالتهم الى محكمة الجنايات تمهيداً لمحاكمتهم وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب.